يعمل نائب المدعي العام في باكستان خورشيد أحمد خان، وهو منحنٍ على أرضية غوردوارا سيس غانج، معبد السيخ في نيودلهي، على تلميع أحذية المصلين القادمين إليه إما ببهجة أو بفضول ودهشة. يشكّل تلميع الأحذية بالنسبة له توبة وكفّارة عن عملية القتل الوحشية لرجل من السيخ على أيدي الطالبان قبل سنتين في باكستان. أزاح الانخراط في هذا العمل الوضيع بالنسبة له حِملاً على ضميره حول المشاكل التي تواجهها الأقليات في منطقته. وهو يؤمن أنهم يستحقون حياة أفضل، خالية من الترهيب والإكراه.
قد يختلف البعض مع فلسفة الفداء هذه التي يؤمن بها السيد خان، المسلم الذي اقتصّ بعض الوقت أثناء زيارته إلى الهند لتلميع أحذية المصلّين في أماكن عبادتهم، بغض النظر عما إذا كانت بيوت عبادة للسيخ أو معابد هندوسية. أراد من خلال ذلك إظهار احترامه للإنسانية وللديانات الأخرى.
لا يعارض أحد حقيقة أن مستوى التناغم المجتمعي الديني في جنوب آسيا وخاصة في الهند وباكستان، حيث يُقتل كل سنة أعداد كبيرة من الناس باسم الدين، غير مرضٍ بالمرة. كما لا يمكن تحقيق أي تقدم له أهميته ما لم يدعمْه توجه متعدد الاتجاهات لتحقيق تناغم أكبر بين المجتمعات الدينية.
نشأت الديانتان الهندوسية والسيخ في جنوب آسيا. كذلك رحبت المنطقة بالمسلمين والمسيحيين وأتباع الديانات الأخرى، مثل اليانية والتاوية والشنتو. وقد شكّل التعايش السلمي سمة مميزة لهذه المنطقة. وعلى رغم وجود أوقات ساد فيها الاقتتال بشكل كبير، إلا أن تقليد التعايش هذا يشكّل جزءاً من تاريخ المنطقة أيضاً.
يشكّل تحالف لياكوات نهرو العام 1950، الذي يُلزم الهند وباكستان باتخاذ كل خطوة ممكنة لضمان حماية الأقليات، مثالاً على هذه التقاليد.
لسوء الحظ أنه جرى تجاهل هذا التحالف أحياناً.
وحتى يتسنى التعامل مع هذه المشكلة يستطيع أصحاب المصالح والاهتمامات الرئيسيون في الهند وباكستان، بمن فيهم الإعلاميون والمجتمع المدني، الضغط بأقصى حدود ممكنة على حكوماتهم لضمان بنية ممكّنة لجميع المواطنين. وهناك أيضاً أساليب أخرى يمكن من خلالها لكلا الدولتين مساعدة الجاليات الدينية المعرّضة لتظهر ضمن التيار الرئيس. على سبيل المثال، يمكن تشجيع الطلبة على التعلّم عن نقاط التماثل بين الديانات المختلفة، بدلاً من التعلم عن نقاط الاحتكاك أو المواجهة.
يمكن من خلال دراسة تعاليم ديانات المنطقة عن كثب توضيح أنها تمثل الحب والسلام. أكد الرسول محمد (ص) دائماً على حماية حقوق الأقليات، كما أن تعاليم السيد المسيح وبوذا وقديسي السيخ البارزين باغات كبير وغورو ناناك تنادي بالحب والسلام. ويجب إبراز حقائق كهذه في كل فرصة ممكنة.
إضافة إلى ذلك، يجب احترام المناسبات الدينية للجماعات الدينية من الأقليات من قبل الدولة على أنها عطل عامة وأن يُنظَر إلى كونها تضيف لجمال الثقافة الوطنية وتنوعها.
وأخيراً، لم يُعطِ الناشطون في النظام القضائي حتى الآن أهمية كافية لوضع الأقليات في كل من الهند وباكستان. وقد ترددت المحاكم في تثبيط همة العدالة عندما تعلق الأمر بقضايا بارزة حول هذه المواضيع. على سبيل المثال، وفي الهند بالذات، مازالت قضايا المتهمين في تدمير مسجد بابري العام 1992، إضافة إلى هؤلاء المتهمين بمقتل مئات المسلمين في أعمال الشغب في غوجارات العام 2002، معلقة.
الوضع مخيب للآمال كذلك في باكستان، فقط مضت أكثر من ثلاث سنوات منذ أن تم نهب مستوطنة مسيحية في قرية غوجرا بالبنجاب، حيث هاجمت مجموعات من الرعاع طائفة مسيحية بعد اتهامها بتدنيس القرآن الكريم في أغسطس/ آب 2009، إلا أن المتهمين لم يحاكموا بعد. الوضع هو نفسه عندما يتعلق الأمر بحرق الكنائس في فيصل آباد العام 2009. يمكن لعملية رسمية تُظهر وجود نظام قانوني عامل أن تذهب بعيداً في تثبيط همة هؤلاء الذين يعملون على تخريب التناغم المجتمعي.
نأمل ألا تذهب رسالة السيد خان الشعبية البارزة أدراج الرياح، وأن تشكّل قوة اندفاع تؤدي إلى عمل تحتاجه المنطقة بشدة.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3529 - السبت 05 مايو 2012م الموافق 14 جمادى الآخرة 1433هـ
عادة الهنود المبالغة في كل شي.. منذ ان ظهر غاندي بقطة قماش واحدة
على فكرة بعض الهنود عندهم ان مسح الغبار عن احذية والديهم تقليد رسمي قبل مصافحتهم..يعني موجديدة عليهم
لكن لانهم سيخ يمسح احذيتهم
اما لو كان القتلى على يد طالبان هم شيعة.. ؟؟
كان عادي..
نحن لانطلب منه ان يمسح الاحذية ولا ان يقبل الرؤوس معتذرا
المطلوب فقط هو ان يقدم الجاني للمحاكمة العادلة فقط
الله الله
هذا هو المطلوب.. ليس الشعارات بل الأفعال و تلميع الأحذية لكي تموت الطائفية..