اتهمت اللجنة النيابية المعنية بدراسة أوضاع طيران الخليج الحكومة بعدم التعاون معها، مشيرة، في تقريرها النهائي الذي يستعرضه مجلس النواب يوم الثلثاء المقبل (8 مايو/ أيار 2012)، إلى أنها «لم تبدِ تعاوناً ملموساً وشفافاً معها، حيث حجبت عنها معلومات مهمة وأساسية بشأن شركة طيران الخليج».
وقدمت اللجنة في تقريرها 15 توصية، أهمها التوصية بـ «منع جميع القرارات والتدخلات الخارجية بالشركة، وإبعادها عن التجاذبات السياسية، وإعطاء مجلس الإدارة الجديد الفرصة لتصحيح مسار الشركة من دون أي تدخل خارجي».
وطالبت بـ «وقف أي دعم مالي للشركة في الوقت الحالي إلى أن تقوم إدارة الشركة بخطوات تصحيحية وإصلاحات جذرية، والبدء بتنفيذ توصيات اللجنة، والرد على توصيات اللجنة في مدة لا تتجاوز أسبوعين من تاريخ رفع هذا التقرير»، لافتة إلى «ضرورة تعيين مجلس إدارة جديد، وبدوام كامل من أصحاب الكفاءات والخبرات الوطنية، ويكون بمثابة مجلس إنقاذ للشركة، على أن يكون هذا المجلس مستقلاًّ ويمنح الصلاحيات الكاملة، وأن تكون فترة عمله لمدة سنتين على أن يلتزم الوزير المعني بتقديم تقارير ربع ونصف سنوية وسنوية تتضمن النتائج المالية والبيانات التشغيلية إلى لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس النواب».
كما بينت أنه لابد من «تعيين رئيس تنفيذي جديد من ذوي الكفاءات والخبرات الوطنية بالعمل في مجال الطيران التجاري، على أن تحدد صلاحيته بشكل واضح بحسب مسئولياته، ويتابع تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الإدارة الجديد وسير العمل في الشركة».
كما طالبت بتعيين «عضو منتدب متفرغ من أصحاب الكفاءات والأمانة والسمعة الطيبة من ضمن أعضاء مجلس الإدارة الجديد، على أن يعطى الصلاحيات الكافية لمراقبة أداء الرئيس التنفيذي والإدارة العليا بالشركة»، وفي توصية أخرى؛ شددت على ضرورة «إعادة هيكلة إدارة الشركة بشكل كامل، وإلغاء وظائف نواب الرئيس التنفيذي من أجل إزالة الحواجز عن المديرين التنفيذيين للاتصال بالرئيس التنفيذي مباشرة، وبالتالي إدارة الشركة بسلاسة».
وبينت أنه «لابد من إيقاف جميع قرارات شركة طيران الخليج فورًا المتعلقة بفتح وإغلاق الوجهات للرحلات الجوية وشراء وبيع وتأجير وصيانة الطائرات، ووقف جميع التعاقدات مع الشركات الاستشارية ومؤسسات التوظيف ومراجعتها للحفاظ على المال العام، ريثما يقوم مجلس الإدارة الجديد بدراسة متخصصة ومتأنية بهذا الشأن».
وتابعت «على شركة طيران الخليج الالتزام بأحكام قانون تنظيم المناقصات والمشتريات الحكومية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (36) للعام 2002 في بيع وشراء واستئجار الطائرات وجميع صفقات البيع والشراء والاستئجار، ومحاسبة جميع المسئولين ممن يثبت تورطهم في صفقات مريبة وتجاوزهم للقانون والنظام، وتسببهم في إهدار المال العام»، لافتة إلى أن على الشركة «إيجاد صيغة تعاون متكاملة بين شركة طيران الخليج وشركة طيران البحرين بشكل خاص لوقف نزيف المنافسة بينهما، وتفعيل التعاون مع شركات الطيران الخليجية الأخرى بشكل عام، بما يخدم الناقلة الوطنية والمصلحة العامة أسوة بكثير من الشركات العالمية».
وأشارت اللجنة إلى «ضرورة وضع خطة واضحة لبحرنة الوظائف وخصوصاً العليا، والمحافظة على العمالة البحرينية ذات الكفاءة الموجودة بالشركة، والارتقاء بهم في مختلف الإدارات والأقسام للعمل باحترافية، والعمل على إحلال البحرينيين تدريجيًّا في الوظائف القيادية بالشركة».
كما طالبت بـ «إجراء دراسة شاملة على الهيكل الإداري للشركة بما يتناسب مع حجم الأسطول، والاستغناء عن العمالة الأجنبية الفائضة غير المؤهلة التي تكلف الشركة مبالغ طائلة، واستبدالها بخبرات وطنية مؤهلة، والنهوض بإدارة المبيعات والتسويق بالشركة، وتسليمها لكفاءات وطنية مؤهلة، كونها هي الشريان الرئيسي لها، وذلك لأن الشركة تعاني حالياً من سوء إدارة المبيعات، وتدني مستوى الإيرادات بشكل مستمر، والتي من أحد أسبابها تسويق تذاكر بأقل من سعر الكلفة من دون مبرر تجاري، وتفعيل قسم التدقيق الداخلي بالشركة، وتعيين الخبرات المؤهلة فيه، واستحداث الوظائف المهمة بما يتناسب وحجم الإدارات والعمليات اليومية، على أن يعطى الصلاحيات الكاملة لكشف التجاوزات، ورفع تقارير دورية شهرية وربع ونصف سنوية وسنوية إلى مجلس الإدارة الجديد، وإعادة تطوير وتأهيل مطار البحرين الدولي، ووضع برنامج تسويقي وتنافسي له، ليكون محطة جذب عالمية بما يخدم الناقلة الوطنية كما هو معمول به في الدول الأخرى».
إغلاق محطتي ايران والعراق أفقد طيران الخليج 25% من مجموع عائدات الشركة
أوضحت الشركة في معلومات سلمتها إلى اللجنة أن «الأزمات والأحداث الأمنية في عدد من الدول العربية أثرت في حركة النقل الجوي فيما يخص أعداد المسافرين الوافدين إلى المنطقة وحركة المسافرين بين تلك الدول، ونخص بالذكر الأحداث المؤسفة التي مرت بها مملكة البحرين والتي أثرت سلباً على حركة المسافرين، ليس فقط من وإلى مملكة البحرين بل أيضاً على حركة مسافري الترانزيت من خلال المملكة إلى وجهات أخرى».
وواصلت «ناهيك عن تأثر حركة عبور المسافرين على شركة طيران الخليج من خلال جسر الملك فهد، والذي يشكل سوقًا مهمة لشركة طيران الخليج»، لافتة إلى أن «قرار السلطات إلغاء الرحلات كافة إلى كل من العراق (4 محطات) وإيران (4 محطات) بالإضافة إلى بيروت (تم فتحها فيما بعد بتاريخ 12 يونيو/ حزيران 2012م) كان له تأثير سلبي وبصورة كبيرة على إيرادات الشركة»,
وبينت أن «هذه المحطات تشكل 25 في المئة من مجمل شبكة محطات طيران الخليج، وتقدر الخسائر الناجمة عن إغلاق (8 محطات) في كل من العراق وإيران للعام الجاري 2012م حوالي 88.3 مليون دينار بحريني بينما تقدر الخسائر للعام 2011م بحوالي 65.8 مليون دينار بحريني ناجمة عن الخسائر في مبيعات التذاكر من مملكة البحرين وكذلك من تلك المحطات إلى جميع المحطات العاملة ضمن شبكة خطوط الشركة عبر مطار مملكة البحرين».
وقالت: إن «هناك خسائر أخرى لم يتم حصرها حتى الآن وهي تلك الخسائر الإدارية الناجمة عن إغلاق مكاتب الشركة وتسريح الموظفين والمطالبات القانونية المرفوعة ضد الشركة بهذا الخصوص».
ونفت الشركة وجود أية نية لتسريح العمالة أو توظيف عمالة جديدة، مشيرة إلى أنه «لا توجد لدى الشركة خطة للاستغناء في الوقت الحالي، كما لا توجد لديها خطة للتوظيف، حيث تم تجميد عملية التوظيف في الوقت الراهن إلا في الضرورة القصوى في بعض الشواغر التخصصية إذا ما دعت الحاجة إليها».
وتابعت «مما لا شك فيه أن الشركة بحاجة إلى عدد أقل من الموظفين مما هي عليه الآن، وهذا ما عبرت عنه الشركة باستمرار ومازالت تعبر عنه عن طريق برامج التقاعد المبكر لبعض الموظفين البحرينيين بالإضافة إلى عمل تسويات للموظفين الأجانب ممن يعملون في المحطات الخارجية ويخضعون لأنظمة وقوانين تلك الدول».
وواصلت «سيتضح العدد الفعلي المطلوب من الموظفين بعد الاتفاق مع الجهات المعنية على تحديد الخيارات المستقبلية للناقلة الوطنية، ومن ثم إعادة الهيكلة وفقاً لذلك، وستبين الحجم المطلوب لعمليات الناقلة الوطنية سواء من ناحية حجم الأسطول، أو شبكة الخطوط العاملة والتي يمكن من خلالها تحديد حجم العمالة المطلوبة سواء في الداخل أم في الخارج بما يتناسب وحجم عمليات الشركة للوصول إلى أعلى معدلات الكفاءة والإنتاجية في المستقبل».
وعن عدد الموظفين، ذكرت الشركة أن عدد موظفيها يبلغ 3938 موظفاً وفقاً للتقسيم الآتي: 1891موظفًا بحرينيًّا منهم: 178 طياراً، 294 مضيفاً جويا، 56 مهندساً متخصصاً و1363 من شاغلي الوظائف الأخرى. و1389 موظفا أجنبيًّا منهم: 216 طياراً، 775 مضيفاً جويًّا، 138 مهندساً متخصصاً، 260 من شاغلي الوظائف الأخرى. وبينت أن موظفي المحطات الخارجية بلغ عددهم 658 موظفاً منهم 40 بحرينيّاً و 618 أجنبيّاً.
إلى ذلك، أكدت نقابة شركة طيران الخليج للجنة أن «الشركة تعاني من فساد مالي، وتفضيل للعامل الأجنبي على العامل البحريني، وإبعاد وتهميش الكفاءات البحرينية والقيام بإحلال العمالة الأجنبية مكانها»، مشيرة إلى «وجود هدر في موارد الشركة وخزينة الطيران»، لافتة إلى أنها «لا تملك المعلومات اللازمة حاليا عن موظفي الشركة، نظرا إلى فصلهم بعد الأحداث التي جرت مؤخرا، ورجوعهم منذ فترة قريبة للعمل».
وبينت أن أسطول طائرات الشركة كان يحتوي سابقًا على ثلاث درجات في كل طائرة، وهي الدرجة الأولى، ودرجة أصحاب الأعمال والدرجة السياحية، ثم قامت الشركة بإلغاء الدرجة الأولى في طائراتها، إلا أنها لم تستغنِ عن العمالة الأجنبية المخصصة لهذه الدرجة البالغ عددها (120) موظفاً، والبالغ مجموع كلفتها 3 ملايين دينار سنويًّا، والشركة ليست في حاجة لهم، وشددت على أن «موظفي الشركة البحرينيين قادرون على تولي العديد من الوظائف الموكلة للموظفين الأجانب»، موضحة أن «النقابة تتعرض للتهميش المستمر من الإدارة التنفيذية في الشركة».
وفي باب الاستنتاجات والملاحظات؛ أشارت اللجنة إلى «وجود تدخلات من بعض أعضاء مجلس الإدارة، فالأصل في أعضاء مجلس الإدارة هو رسم السياسات ورقابة الإدارة التنفيذية، إلا أن بعض أعضاء مجلس الإدارة السابقين كانوا يقومون برحلات مكوكية إلى مصنع الإيرباص وشركات ألمانية من أجل تصميم والتعاقد لشراء مقاعد طائرات الإيرباص 320 الجديدة».
وقالت اللجنة إنه تبين لها أن «مجالس الإدارات السابقة لم تكن مفعلة، ولم تتسم بالمهنية والكفاءة، ولم يتم إعطاؤها الصلاحيات الكافية، بل على العكس كانت تأتيها القرارات المصيرية من الخارج»، مؤكدة أن «هناك سوء إدارة وإهداراً للمال العام يتمثل في جلب شركات استشارية وتعيين مستشارين بمرتبات ومزايا خيالية».
وتابعت «تبلغ كلفة جلب الشركات الاستشارية مبلغًا وقدره 9.950.002 دينار، أي ما يقارب (10) ملايين دينار بحريني خلال ثلاث سنوات فقط بدءًا من العام 2007م، دون أن يساهم ذلك بأي إضافة نوعية إلى العمل». وذكرت اللجنة أنها توصلت إلى وجود أخطاء في الموارد البشرية والمالية، مشيرة إلى «تعيين مستشارين ومديرين أجانب بتكاليف باهظة، ومنها تعيين الشركة 16 شركة استشارية بكلفة تقارب 8 ملايين دينار العام 2007م، وقد ثبت فشلها كلها، وزادت من خسائر الشركة». وأفادت أن «تعيين المديرين الأجانب عمل على تغيير السلم الوظيفي، مما كلف زيادة في الرواتب بمقدار الضعف أي حوالي 85 مليون دينار سنويًّا، وهذا كله أدى إلى وقوع الشركة في خسائر لا يمكن انتشالها منها».
وأفادت اللجنة في تقريرها أنها توصلت إلى قناعة بأن الإدارة العليا قامت بتفريغ الشركة من الخبرات المحلية، والذي أدى إلى تكلفة الشركة بحوالي 12 مليون دينار في العام 2007م، و8 ملايين دينار في العام 2010م، وهذا جاء نتيجة تخبط الإدارات الأجنبية المتعاقبة، نظرا إلى عدم فهم الخصوصيات المحلية، وخبايا الأمور في صناعة النقل الجوي الخليجي، والتي لها خصوصياتها المحلية على مدى عقود، لذلك فقد فشلت كل محاولاتهم النظرية التي كانت تزين لتبهر أعضاء مجلس الإدارة البعيدين كل البعد عن مجال الطيران والنقل الجوي.
وأشارت إلى أن الشركة تميزت بتوظيف أجانب غير أكفاء منذ تسلم الدولة لها في 2007م، فقد قامت هذه الفئة من الأجانب بمغامرات خطرة وبالملايين على حساب المال العام وفي غياب رقابة مجلس الإدارة، وأكثر ما تم اتخاذه ضد أولئك الأجانب هو تسليمهم رسالة شكر مع مكافأة مجزية، ومن ثم تغييرهم بأجانب آخرين أسوأ منهم. كما ان وجود أعداد كبيرة من الأجانب في بعض الأقسام والإدارات والمحطات يشكل عبئًا ماليًّا كبيرًا على الشركة، وفي المقابل لا يقدم هؤلاء أية إضافة ملموسة للشركة، ولا توجد هناك أي مبادرة من قبل الشركة للتخلص من هذه العمالة الأجنبية الفائضة التي تتلقى مرتبات ومزايا خيالية، ومن ذلك توظيف عدد (71) موظفًا (جلهم أجانب) بقسم المبيعات والتسويق، في كل من المكتب الرئيسي والمحطات الخارجية وبرواتب تتراوح ما بين (4500) دينار و(10000) دينار بحريني، وبموازنة سنوية تبلغ (4.619.556) ديناراً.
ولفتت اللجنة إلى أن الرؤساء التنفيذيين السابقين والرئيس التنفيذي الحالي للشركة قاموا باتخاذ قرارات مصيرية غير مدروسة بشكل منفرد، وخصوصا فيما يتعلق بفتح وإغلاق المحطات وشراء الطائرات، حيث إنه في كثير من هذه القرارات المصيرية لا تتم استشارة جميع الإدارات المعنية وعدم الالتفات إلى ملاحظات هذه الإدارات فيما يتعلق بوجهة نظرها ورفضها في بعض الأحيان، وهذه القرارات أوصلت الشركة إلى حد الانهيار التام للدخل ومن ثم زيادة الخسائر السنوية، إضافة إلى أن هذا الإغلاق يأتي من دون تقديم دراسات متخصصة ومن دون التشاور مع اللجنة المختصة وتقديم معلومات تدعم سلامة هذه القرارات، حيث تم إغلاق ستة خطوط خلال شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2012م، وهذه الخطوط هي (جنيف، أثينا، دمشق، كوالالمبور، عنتيبي(أفريقيا) - ميلان)، ثم صدر أمر بإغلاق تسعة خطوط في شهر أبريل/ نيسان 2012م، في حين أن الشركة بينت في ردها على مخاطبات اللجنة أنه لا يوجد أية نية لإغلاق أو فتح محطات جديدة وفق مرئياتها في الوقت الحالي، وهذا يتناقض مع الواقع الفعلي لتصرفات الشركة وخاصة فيما يتعلق بالقرارات المصيرية التي ستكلف الشركة مبالغ مالية كبيرة.
العدد 3528 - الجمعة 04 مايو 2012م الموافق 13 جمادى الآخرة 1433هـ
بحرانية
كان من المفروض ان طيران الخليج ما تدخل في ازمة البلد