العدد 3527 - الخميس 03 مايو 2012م الموافق 12 جمادى الآخرة 1433هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

الكَرَامَةُ الإِنْسَانَيَّةُ مُقْدّسََة

كرامة الإنسان مفهومٌ من المفاهيم الرئيسية التي استحوذت على اهتمام العالَمِ الإنساني في مختلف العصور ومن منطلقات عدة؛ حيث إن الشرائع السماوية والضوابط والقوانين وما صاحبها من دعوات أخلاقية صدرت للتعبير عن احترام حقوق البشر وحفظ كرامتهم وصونها من المساس والانتهاك.

وعليه نجد أن المجتمعات الإنسانية المختلفة حرصت كل الحرص على احترام الكرامة الإنسانية بإقرارها وتطبيقها للقوانين والاتفاقيات والمواثيق ذات العلاقة من دون مواربة أو لبس أو شك. لماذا؟

لأن الكرامة كانت ولاتزال أساساً وقاعدةً للحياة الصحيحة والتي على أساسها تُلبّى احتياجاتنا الطبيعية والضرورية التي حددها عالم النفس الأميركي الشهير (أبراهام ماسلو) Abraham Maslow 1908 - 1970 في نظريته المشهورة «تدرج الحاجات» Maslow»s hierarchy of needs والتي عُرفت بـ «هرم ماسلو».

فكيف ينظر الإسلام إلى هذا المفهوم، وخصوصاً نحن نعيش في زمنٍ غاب فيه هذا المفهوم عن كثير من الأنظمة والحكومات والأفراد والجماعات على حدٍ سواء، فأضحت الإنسانية في شرق العالم وغربه تُعاني مختلف الويلات الخطيرة والمشاكل الجسيمة إثر انتهاك كرامة الإنسان من تعذيب ونفي وتدمير وسحق لهذه الكرامة، وهو ما نحاول الإجابة عنه في الأسطر القادمة.

الكرامة لغةً

الكرامة مصدرها «كرم»، جاء في معناها ما ذكره العلامة ابن منظور في لسان العرب: الكَرَم نقيض اللُّؤْم يكون في الرجل بنفسه، وإن لم يكن له آباء، ومنه: الكَريم: من صفات الله وأَسمائه، وهو الكثير الخير الجَوادُ المُعطِي الذي لا يَنْفَدُ عَطاؤه، وهو الكريم المطلق، والكَريم: الجامع لأَنواع الخير والشرَف والفضائل، وهو ما ذهب إليه الجواهري في صحاحه أن الكَرَم ضدُّ اللؤم.

الكرامة اصطلاحاً

قال في تعريفها السيدمحمد حسين الطباطبائي في تفسيره لقوله تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ» (الإسراء: 70)؛ «المراد بالتكريم تخصيص الشيء بالعناية وتشريفه بما يختص به ولا يوجد في غيره، وبذلك يفترق عن التفضيل فإن التكريم معنى نفسي وهو جعله شريفاً ذا كرامة في نفسه، والتفضيل معنى إضافي وهو تخصيصه بزيادة العطاء بالنسبة إلى غيره مع اشتراكهما في أصل العطية، والإنسان يختص من بين الموجودات الكونية بالعقل ويزيد على غيره في جميع الصفات والأحوال التي توجد بينها والأعمال التي يأتي بها». (تفسير الميزان، ج 13: ص 156).

كما يعرفها الكاتب والفيلسوف جميل صليبا في معجمه الفلسفي بقوله: «هي اتصاف الإنسان بما يليق به من الفضائل التي تجعله أهلا للاحترام في عين نفسه وعين غيره. ويطلق اصطلاح الكرامة الإنسانية على قيمة الإنسان من جهة ما هو ذو طبيعة عاقلة» (ج: 2، ص 227).

لماذا الاهتمام بالكرامة الإنسانية؟

الكرامة الإنسانية بين النصوص الشرعية والمواثيق الدولية:

تضافرت النصوص الشرعية والمواد القانونية الواردة في الاتفاقيات والمعاهدات الحقوقية الدولية على حفظ كرامة الإنسان واحترامه وصونه من كل أنواع الإيذاء والإهانة والاحتقار والازدراء، وهذا مما يُثبتُ أن هذه الكرامة محل تقدير واهتمام من العالم أجمع، وهذا ما نلاحظه فيما يلي:

- الكرامة في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة:

عدة آيات كريمة وأحاديث شريفة تناولت مفهوم الكرامة فحثت عليه وأمرت بفعله وتوعدت بالعقاب الشديد لمنتهكه، فحذرت أيَّما تحذيرٍ على عدم الإيذاء والإضرار بالناس والحطِّ من كرامتهم وامتهان مروءتهم، ونقتصر على ذكر ثلاثة من الموارد التي استفاضت فيها الآيات والأحاديث التي تناولت مفهوم الكرامة القائم على أساس قوله جلَّ شأنه: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ»، كما أننا نجد في الوقت ذاته أَنَّ القرآن الكريم أيضاً تناول عدة أمورٍ للحفاظ على هذه الكرامة وتوعد على انتهاكها وهي كما يلي:

أولاً: خلافة الله سبحانه وعمارة الأرض

قال تعالى في خلافة الإنسان: «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأْرْضِ خَلِيفَةً « (البقرة: 30)، وقال سبحانه في آية أخرى: «هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ» (فاطر: 39). وجاء قوله تقدَّس اسمه حول عمارة الأرض وتعميرها بقوله: «هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا» (هود: 61). لذا فإنّ مقتضى هذه الآيات الشريفة أنّ الخالق جلّ وعلا شرّف الإنسان باستخلافه للأرض، الأمر الذي يُعطيه امتيازاً على كثير من الخلق في هذا الكون الواسع وهو مصداق قوله سبحانه: «وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاًِ»، وهذا مما يُعتبر نوعاً من الكرامة وإعظام الشأن، ورفعة في الفضل والمقام. ولرب سائلٍ يسأل: بماذا استحق الإنسان هذه المرتبة والدرجة من الكرامة؟ وجواب ذلك: العقل؛ وذلك بناءً لما قاله سيد البلغاء والمتكلمين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) حيث يقول: «إن الله عز وجل ركب في الملائكة عقلاً بلا شهوة، وركب في البهائم شهوة بلا عقل، وركب في بني آدم كلتيهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلب شهوته عقله فهو شر من البهائم». (علل الشرائع، ج1، ص: 4)، ويكفي في مقام الحديث عن العقل ما ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) حيث يقول: «إن الله عز وجل خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره، فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، فقال الله تبارك وتعالى: خلقتك خلقاً عظيماً وكرمتك على جميع خلقي. ثم خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانياً فقال له: أدبر فأدبر؛ ثم قال له: أقبل فلم يقبل، فقال له: استكبرت، فلعنه» (الكافي، ج1، ص: 21)

ثانياً: ذم إيذاء الناس

نهى الله سبحانه وتعالى عن إيذاء الناس لبعضهم البعض فقال عزَّ ثناؤه: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً» (الأحزاب: 58 )، وفي المورد إياه نقف على ما قاله نبي الرحمة محمد (ص) حيث يقول: «مَنْ آذى مُؤمناً فقدْ آذاني، وَمَنْ آذاني فقدْ آذى الله، وَمَنْ آذى الله فهو ملعونٌ في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان». وفي خبر آخر: «فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» (جامع الأخبار، الباب: 7، الفصل: 4)، وفي حديث آخر له (صلى الله عليه وآله) يقول: «أَلا أُنبِّئُكُمْ بِالمؤمِنِ! مَنِ ائتمنه المُؤمِنونَ عَلَىَ أُنْفُسِّهِم وَأَموالِهِم. أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِالمُسْلِّم! مَنْ سَلِمَ المُسلِمُونِ مِنْ لِسَانِهِ وَيدِه. والمُؤمِنُ حَرَامٌ عَلَىَ المُؤمِنُ أَنْ يظلِمَهُ أَوْ يَخذِلَهُ أَوْ يَغْتَابُهُ أَوْ يَدْفَعُهُ دَفْعَة». وفي حديثٍ للإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) يستعرضُ فيه عُقوبة تحقيرِ الإنسان فيقول: «مَنْ حَقَّرَ مُؤمِناً مِسّكِينَاً أَوْ غْيرِ مِسّكِينٍ لَمْ يَزْلِ اللهُ عْزَّ وجلَّ حَاقرَاً لهُ مَاقِتاً، حَتَى يرجِع عَنْ مَحقْرَتِهِ إيِاه»، بل إن الأمر يبلغ دقة أكثر من ذلك عندما نجد أن نظرة الإنسان إلى أخيه الإنسان يجب أن تكون نظرة كرامة وإلا فالندامة؛ فعن أبي عبد الله الصادق (ع) أنه قال: قال رسول الله (ص): «مَنْ نَظَرَ إِلى مُؤمِنٍ نَظْرةً لِيُخِيفَهُ بِها أَخْافهُ اللهَ عزَّ وَجلَّ يَوَمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهْ»، (الكافي، ج 2، ص: 368)، كمل ورد في النهي عن ترويع الإنسان والعقوبة التي تستوجب ذلك ما نصه: «عن أبي عبدالله (ع) قال: مَنْ روَّعَ مُؤمِناً بِسُلطانٍ ليُصيبهُ مِنهُ مَكْروهٌ فَلََمْ يُصِبْهُ فَهَوَ في النَّارْ، مَنْ روَّعَ مُؤمِناً بِسُلطانٍ لِيُصِيبهُ مِنهُ مَكْروهٌ فَأْصابْهُ فَهَوَ مَعَ فِرعونَ وآلِ فِرعونَ في النَّار». (المصدر السابق).

ثالثاً: النهي عن ظلم الناس والبغي عليهم

قال تعالى: «إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ» (الشورى: 42). وفي هذا المورد قال رسول الله (ص): «إِنَّ أَهونَ الخَلِقِ عَلَىَ اللهِ، مَنْ وَليَ أَمَرَ المُسلِمِينَ فَلَمْ يَعْدِلْ لَهُم». وقال (ص) في مورد آخر: «جَوْرُ سَاعْةٍ ِفي حُكْم، أَشَدُّ وَأَعْظَمُ عِندَ اللهِ مِنْ مَعَاصِيَّ تِسْعِينَ سَنَة». وفي وصيةٍ رائعةٍ للإمام زين العابدين علي بن الحسين (ع) لابنه أبي جعفر الباقر(ع) حين حضرته الوفاة يقول له فيها: «يَا بُنيَّ، إِيَّاكَ وَظُلْمُ مَنْ لا يَجِدُ عَليكَ نَاصِراً إِلا الله».

وفي مقام العِبرة والعِظة نذكُرُ في هذا المجال ما رواه المولى المازندراني في كتابه القيّم «شرح أصول الكافي» حيث يروي عن الإمام أبي عبدالله الصادق (ع) أنه قال: «إِنَّ الله عزَّ وَجلَّ أَوْحَى إِلى نَبِيٍ مِنْ أَنْبِيائهِ في مَمَلكْةِ جَبَّارٍ مِنَ الجبَّارِينَ: أَنْ اِئتِ هَذَاَ الجَبَّارَ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّي لَمْ أَسْتَعمِلْكَ عَلَىَ سِفْكِ الدَّماءِ واتِخَاذِ الأَمْوالِ، وَإِنَّما اسْتَعْملتُكَ لِتكُفَّ عَنَّي أَصْوَاتَ المَظلُوْمِينَ، فَإنَّي لَنْ أَدْعَ ظُلامَتهُمْ وَإِنْ كَانَواْ كُفَّارَاْ». (ج 9، ص: 383).

إنَّ القرآن الكريم تحدث عن صور أخرى للكرامة كالحق في الحياة والنهي عن القتل كما في قوله تعالى: «وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً، وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً» (النساء: 29- 30)، وفي مورد آخر قال تبارك وتعالى: «مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً» (المائدة: 32)، ومن الصور أيضاً المساواة، قال سبحانه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ الَّلهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» (الحجرات: 13).

الكرامة الإنسانية في المواثيق والمعاهدات الدولية

أكدت العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية والإقليمية أهمية احترام «الكرامة الإنسانية»، والسعي الدؤوب والجاد للحفاظ عليها، وصونها من كل ما من شأنه أن يحُطَّ منها وينتهكها. ومن هذه المواثيق والمعاهدات:

أولاً: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بتاريخ 10 ديسمبر/ كانون الأول 1948، وجاء في ديباجة الإعلان العالمي ما نصه: «لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم»، فيما أكد لاحقاً على إيمان شعوب الأمم المتحدة بكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية». كما ورد مصطلح «الكرامة» في مواده (1و5 و23)، حيث أقرَّت هذه المواد أن جميع الناس يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وعليه فمن الواجب ألا يتعرض أي إنسان وتحت أي ظرف للتعذيب والمعاملة القاسية والوحشية التي من شأنها أَنْ تحُطَّ بكرامته وتنتهك حرمته، فضلاً عن حقه في الحصول على معيشة كريمة لائقة له ولأسرته.

ثانياً: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

هو أحد أبرز مواثيق الشِرعة الإنسانية والذي يُعتبر في وقتنا الراهن من أهم الوثائق الدولية المعنية بتنظيم حقوق الإنسان على مستوى العالم، حيث اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 كانون الأول/ ديسمبر للعام 1966، ودخل حيّز التنفيذ في 23 آذار/ مارس 1976.

يُقِرُّ العهد الدولي بالكرامة الأصيلة لجميع أعضاء الأسرة البشرية، وأن هذه الحقوق منبثقة عن هذه الكرامة الإنسانية المُتأصلة، كما يشير في مادته السابعة إلى عدم جواز المعاملة القاسية التي تنتهي بالحطِّ من الكرامة، بل تقضي بعدم جواز «إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر».

أما المادة العاشرة منه فهي تُنادي بالمعاملة الإنسانية للمحرومين من الحرية بناءً على قاعدة احترام الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني.

ثالثاً: الميثاق العربي لحقوق الإنسان

هو الميثاق العربي الحقوقي في نسخته الحديثة الذي تم اعتماده في القمة العربية السادسة عشرة التي استضافتها تونس بتاريخ 23 مايو/ أيار 2004، حيث ينطلق من إيمانه «بكرامة الإنسان الذي أعزه الله منذ بدء الخليقة»، ويعتبر العنصرية والصهيونية والاحتلال والسيطرة الأجنبية في مادته الثانية أشكالاً وعوائقَ تتحدى الكرامة الإنسانية.

كما يعتبر الميثاق في الفقرة الثالثة من مادته الثالثة أن الرجل والمرأة متساويان في الكرامة الإنسانية والحقوق والواجبات، أما في المادة الثامنة فهو يحظر الحطَّ بالكرامة عبر التعذيب أو المعاملة المهينة غير الإنسانية. ويوصي في مادته العشرين بالمعاملة الإنسانية المحترِمة للكرامة لفاقدي الحرية والمحرومين منها.

من أهم المواد المتعلقة بمفهوم الكرامة في هذا الميثاق هي المادة الثالثة والثلاثون التي تعتبر أن «الأسرة هي الوحدة الطبيعية والأساسية للمجتمع» وبما أن الطفل هو الثمرة الطبيعية أيضاً لهذه الوحدة كانت التدابير التشريعية والإدارية والقضائية لضمان حماية الطفل وبقائه ونمائه ورفاهيته في جو من الحرية والكرامة من أهم الأمور التي يجب على الدول الأطراف مراعاتها.

رابعاً: ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي

هو الميثاق الذي بدأ العمل به في ديسمبر/ كانون الأول 2000، ويتحدث الميثاق في أول كلماته التمهيدية عن أن شعوب أوروبا وإدراكاً منها لتراثها الروحي والأخلاقي، والنظرة المستقبلية المشتركة فيما بينها، تُأسِّسُ اتحاداً قائماً على «القيم العامة التي لا تتجزأ للكرامة الإنسانية والحرية والمساواة والتضامن».

الأجمل من ذلك أن عَينيَّ القارئ والباحث تقع أول نظرة منه على المادة الأولى من الفصل الأول الذي يحمل عنوان: «الكرامة الإنسانية»، ليقرأ تعريفها في بضع كلمات رائعة: «الكرامة الإنسانية مقدسة، ويجب احترامها وحمايتها».

صورٌ من انتهاكات الكرامة الإنسانية

من خلال ما تقدم نصل إلى نتيجة مفادها أن الديانات السماوية والمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية الوضعية كان لها الاهتمام البالغ الأثر والحرص الشديد على احترام الكرامة الإنسانية لكل بني الإنسان ، بغض النظر عن أصوله أو دينه أو توجهه أو ما إلى ذلك، إلا أن الحقيقة المرَّة والمؤسفة أن هذه الكرامة كانت ولاتزال محل تعرضٍ للانتهاكات الممنهجة، والمنظّمة.

هذه الانتهاكات وكما يُعبّرُ عنها في عصرنا الحاضر في بعض التقارير الحقوقية الدولية بمصطلح «الأفعال اللاإنسانية» INHUMAN ACTS)) والتي منها: حرمان الناس من الضرورات الأساسية كالغذاء والدواء والتعليم المناسب، أو التمييز الطائفي والعنصري، فضلاً عن القضايا المثيرة كظاهرة الاتجار بالبشر ولاسيَّما الأطفال والنساء (TRAFFICKING IN WOMEN & CHILDREN)، والتحرش الجنسي (SEXUAL HARASSMENT) وجرائم الاغتصاب.

أما الإبادة الجماعية وجرائم الحرب (WAR CRIMES GENOCIDE AND) وما يُصاحبها من اعتداءات على الحقوق السياسية والمدنية للمدنيين كالقتل والاعتقال والتعذيب والحرمان من علاج الجرحى والمصابين والتي تُصنف على أنها من ضمن الأعمال الوحشية (BARBARIC ACTS) فهي من أشهر صور هذه الانتهاكات التي لا تُخطئها عَينٌ أو تُكذبها أُذن.

إذاً فلابد من تنفيذ التدابير التي من شأنها أن تتصدى لخطر انتهاك الكرامة الإنسانية وأي حق من حقوق الإنسان كمبدأ حماية فعَّال. وهو ما يستوجب عدة خطوات من أهمها:

- الخطوة الأولى: ضرورة تعزيز مفهوم الكرامة من خلال وسائل الإعلام والاتصال، والتوعية والتثقيف.

- الخطوة الثانية: عدم استغلال سياسات وتدابير ما يعرف بـ «الحرب على الإرهاب» لامتهان الكرامة الإنسانية والحطَّ من قيمتها.

- الخطوة الثالثة: رفع مظاهر التسّلُّطِ والاستبداد من خلال توسيع وتكامل دائرة المشاركة السياسية بين الجهات الرسمية والمؤسسات الوطنية.

ختاماً، وكما قال الفيلسوف إيمانويل كانت (1742 - 1804م): «إن قيمة الإنسان تعلو فوق كل سعر»، فالكرامة حقٌ مُقدسٌ أثبتته شرائع السماء، وشرعة المواثيق والمعاهدات الدولية، والأخلاق الإنسانية، وَجَبَ صونُها والمحافظة عليها ودفع كل ما من شأنه أن يمسها بشرٍ وسوء.

أحمد عبدالله


مشتاق لكِ حبيبتي

عند الإمساك بزمام قلمي

لا أدري ماذا يجتاحني

أجد نفسي تائه

في عالم الذكريات الأليمة

وفجأة تسقط دمعة من عينيي

لتبلل أوراقي

أبحث داخل نفسي عن سبب لتلك الدمعة

لذلك الحزن الذي غمرني

فأسمع صوتاً قادماً من داخلي

يهز بكلماته وجداني

ويسألني...؟

ألا تعرف حقاً سراً لهذه الدمعة

ألا تعرفين مقدار الحزن والألم بداخلك

فاستيقظت من حلمي مرعوباً

لأشاهد أوراقي المبللة

وكلماتي المبعثرة بداخلي

والصراع الذي أعيش فيه

بين الذكريات الحزينة والمستقبل المجهول

بين الحقيقة والخيال

والقلم الذي أمسك به

ولم أستطع كتابة أية كلمة به

وبدأت أخط الكلمات بلا شعور

فوجدت أن ما خطيته كان كلمة واحدة

مشتاق لكِ حبيبتي

فانحدرت دمعة أخرى

ولكنها دمعة سعادة

لذكرى جميلة راودتني

وافتقدتها

إبراهيم حسن الصيبعي

العدد 3527 - الخميس 03 مايو 2012م الموافق 12 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً