المبادرة التي أطلقتها جمعيات وشخصيات مدنية تحت عنوان «البحرين وطن يجمعنا» هي صوت إنساني ووطني معتدل نحتاج إلى تكريسه في المشهد البحريني الذي أضنته الجراح وأتعبه طول النزف.
القائمون على المبادرة هم شخصيات وطنية تعمل بصدق وإخلاص على محاولة إعادة أمجاد الماضي الجميل، حينما تنادى البحرينيون من الطائفتين إلى وأد الفتنة المستيقظة في خمسينيات القرن الماضي على وقع طبول حرب أهلية كانت ستقضي على الأخضر واليابس في وطن كانت طيبة أهله تتردد أغنية حلوة وموالاً شجياً على أفواه أهل الخليج، وممن عرفه من الأغراب الأباعد.
كان مأتم أنصار الحسين بالبلاد القديم، نهار الأربعاء 11 أبريل/ نيسان 2012 المحل الأول لباكورة الاجتماعات التي بدأ بها أصحاب المبادرة لقاءاتهم الأهلية الهادفة إلى ردم الهوة، ومحاولة وصل ما مزّقته السياسة في نسيج المجتمع البحريني، في نموذج جميل يعيد تفاصيل نشاط هيئة الاتحاد الوطني (1954 - 1956) عندما كانت تجتمع في مأتم بن خميس في قرية السنابس الوادعة بين بساتين النخيل السمهرية وبيوت الطين.
وكان اللقاء الثاني في المحرق بكل بذخ المدينة التاريخي والوطني في ذاكرة البحرينيين، بمجلس الدوي السبت (28 أبريل 2012) عندما أكد المجتمعون سعيهم إلى «توطيد وحدة وطنية جامعة لكل مكونات هذا المجتمع، ونبذ الفرقة والشقاق والتمييز والإقصاء».
هذه الأصوات التي تتمسك بأهداب العقل، بعيداً عن المغانم السياسية، والمكاسب الخاصة والمناكفات التي درج البعض على التعيّش منها، هي القنطرة التي ستنقلها إلى المرحلة التي نستحقها كبحرينيين وتتلاءم أكثر مع تاريخنا. نحن بلد صغير، يواجه تحديات كبيرة، وأياً تكن الحسابات السياسية فإن الأمن الاجتماعي والسلم الأهلي يجب أن يُصانا، فقدرنا أن نعيش سنة وشيعة، أدياناً ومذاهب شتى، على أديم هذه الأرض التي أقلتنا والسماء التي أظلتنا سنين متطاولة.
الحسابات السياسية رمال متحركة غير مستقرة، لكن الأمن الاجتماعي ضرورة لا مزايدة عليه، والسلم الأهلي ليس قابلاً للمساومة بأثمان ستكون بخسة في كل حال. قد يتخندق البعض في تيار المعارضة وفق ما يراه حقاً يعطيه إياه الدستور وتجيزه القوانين، وقد يصطف البعض في خندق الموالاة وفقاً لهذا الحق؛ ولكن أن تتحوّل الآراء السياسية إلى برامج كراهية، ويصبح الموقف السياسي خنجراً أطعن به شريكي في الوطن، فهذا هو الجنون بعينه. يقول فولتير «أموت من أجل أن يحيا خصمي حراً».
إذن الرهان على لغة العقل، والبحرينيون ليسوا بدعا من الشعوب، فالاتحاد الأوروبي وهو جمعية دولية للدول الأوروبية تضم 27 دولة، قام على أنقاض مواجع الحروب الطاحنة، فبعد كوارث الحرب العالمية الأولى والثانية، ازدادت بشدّة ضرورات تأسيس ما عرف فيما بعد باسم الاتحاد الأوروبي، مدفوعاً بالرغبة في إعادة بناء أوروبا ومن أجل القضاء على احتمال وقوع حرب شاملة أخرى. ثم تطور الاتحاد الأوروبي من جسم تبادل تجاري إلى شراكة اقتصادية وسياسية رغم التباين الشديد في الدين والثقافة واللغة بين كل هذه الشعوب التي ولغت في الدماء والحروب والكوارث بفعل الأطماع السياسية والجشع الإنساني، لكن لغة العقل هي التي سادت في النهاية.
البحرين هذه الشظية الجغرافية الصغيرة، أعتقد أنها قادرة بعقلائها على الانتقال إلى مرحلة من الوئام والتصافي الوطني.
البحرين وطن يجمعنا، هذا ليس شعاراً للتسويق السياسي واليوتوبيا الوطنية، انه حقيقة تاريخية وحاضر ومستقبل، وكما أن «القانون لابد له من سلطة تنفذه فان السلام لابد له من قوة تضمنه»، لذا لا تقع المسئولية على هذه النخبة من أصحاب الضمائر الحية في إنجاح وتبني خيار التعايش والوحدة الوطنية فحسب، بل يجب أن تشترك فيها كل أطياف المجتمع وكوادره وطاقاته الشابة. إنها دعوةٌ خرجت من قلب المجتمع ولابد من دعمها ومساندتها، وهي دعوة تستهدف إسكات الأصوات النشاز، التي تعبث بأمننا جميعاً، وتحرف تاريخنا وتعمل على تدمير البيئة الصالحة لقيام مجتمع ناهض وحيّ.
يقول ه.ج. ويلز «ليس القوي من يكسب الحرب دوماً، وإنما الضعيف هو من يخسر السلام دوما». ويقول بنيامين فرانكلين «لا توجد قط حرب صالحة أو سلم طالح».
من هنا، فإن هذا الصوت الحريص على البحرين، يحتاج إلى تجاوب الجمعيات الأهلية ومنظماتها لا أفرادها، واستجابة لهذا النداء العقلاني المخلص، كما يقع على الإعلام (المقروء والمسموع والمرئي) أن يكثف من اهتمامه بمثل هذه المساعي الحميدة ويبرزها في ظل كل هذا الضباب الذي يحجب الرؤية السليمة. تقول الحكمة الإغريقية القديمة «نصبح أعداء الإنسانية طالما نبني سعادتنا على شقاء الآخرين»، وسعادتنا وسعادة الآخرين تكمن في تماسك المجتمع وإعادة روح المحبة في شرايينه.
فشكراً لكل القائمين على المبادرة. شكراً لجمعية الاجتماعيين البحرينية صاحبة المبادرة والداعية لإعادة لم الشمل. شكراً لممثلة الجمعية ومنسقة المبادرة هدى المحمود.
إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"العدد 3525 - الثلثاء 01 مايو 2012م الموافق 10 جمادى الآخرة 1433هـ
شكرا أبا علاء
شكرا للأخ وسام
نتمنى الخير لكل البحرين
من ترابه لأمطاره
ورد
أبو اسامة
نشكر الوسط والصحفيين
بدورنا نشكر الوسط لتغطيتها لقاءاتنا كما نشكر الصحفييين الأستاذين سعيد محمد وقاسم حسين لتحشيدهما المستمر وتشجيع الناس للمشاركة.. ونحن مستمرون بفضل الله وبفضل الدكتورة هدى المحمود وكل اعضاء المبادرة.. والى الأمام
نعم البحرين تجمعنا
كثيرين من ابناء وبنات الوطن يحمل هذه لافكار لكن من يسمع لا نريد لأحد ان يخطف البحرين فأن البحرين لكل البحرينين لابد من ان يتغلب صوت العقل علي المصلحه ولك مني كل تقدير يا اخي وسام
نشد على اياديكم
شكرا وسام والشكر موصول الى اصحاب المبادرة الوطنية ودمتم صمام لهذا الوطن.