سُجّلَت ألفا جريمة ضد جماعات دينية مختلفة في إنجلترا وويلز وايرلندا الشمالية العام 2011، بحسب مقال نشر مؤخراً في الـ «بي بي سي». وهناك منظور متنامٍ، نتيجة لأحداث بارزة وتنامي الطرح المتطرف المعادي للمسلمين، بأن المسلمين مستهدفون بشكل متزايد بهذه الهجمات. وعلى رغم أنه من السهولة بمكان إلقاء اللوم على هيئات تطبيق القانون لعدم تعاملهم مع هذه القضية، واقع الأمر هو أننا بحاجة للتركيز بصورة أقل على إلقاء اللوم، وبشكل أكثر على كيف يمكن للمجتمع المدني وهيئات تنفيذ القوانين أن تعملا معاً للحصول على معلومات دقيقة عن الجرائم المرتكبة ضد المسلمين ومحاربتها.
أطلقت منظمة «فيث ماترز» (Faith Matters)، وهي منظمة مكرّسة لإيجاد تماسك مجتمعي بين الجاليات الدينية في المملكة المتحدة، أطلقت مؤخراً جهداً في محاولة لعمل ذلك بالضبط.
خلال السنتين الماضيتين، طوّرت المنظمة حملة «تل ماما» (Tell MAMA) (قياس الهجمات ضد المسلمين Measuring Anti-Muslim Attacks)) التي تدعم المسلمين الذين عانوا من جرائم الحقد في إنجلترا. نستطيع من خلالها تخطيط وقياس وتحليل النقاط الساخنة حيث تقع هجمات كهذه. وتستخدم الحملة برمجيات الوصول إلى موارد الجماهير التي تخطط للأحداث في وقتها المحدد. الهدف هنا هو المساعدة على إمداد عملية تطبيق القوانين بمعلومات أكثر دقة حول أين تقع الهجمات، وتوجيه الضحايا نحو المنظمات التي تستطيع مساعدتهم.
وفي الوقت الذي يتوجّب فيه شجبها، تؤمن منظمة «فيث ماترز» بأنه من الضروري والأساسي متابعة وتقصي الهجمات المعادية للمسلمين بالذات لأن صانعي السياسة لا يملكون ببساطة أية معلومات حولها، وليس هناك الكثير مما يستطيعون عمله لمجابهة جرائم الحقد في غياب معلومات دقيقة. إضافة إلى ذلك، ومن خلال جمع البيانات والإعلان عنها، تستطيع المنظمة مساعدة الضحايا على التقدم ولعب دور في تقصي المشكلة، بدلاً من مراقبة الضحايا يتراجعون خوفاً، الأمر الذي قد يؤدي إلى العزلة ومشاعر الاستهداف والمجتمع المنقسم على نفسه.
وعندما يتم تسجيل هجمة معينة من خلال حملة «تل ماما»، تظهر الهجمة على خريطة على الإنترنت، تحدد مكان الحادثة جغرافياً. إضافة إلى ذلك، يستطيع موظفو منظمة «فيث ماترز» الاتصال بأفراد ومن ثم الاتصال بحملة «تل ماما» من خلال الفيسبوك أو التويتر أو الرسائل النصية أو مصادر غيرها لبحث الحالة والتحقق من كونها حدثاً أو هجوماً معادياً للمسلمين. وإذا لم يكن الهجوم معادياً للمسلمين، فلن يُسجَّل، ولكن سترسل منظمة «فيث ماترز» الضحية مسلماً أكان أو غير ذلك، إلى السلطات المعنية والهيئات الشريكة مثل «فيكتوم سابورت» (Victim Support)، المنظمة الوطنية لضحايا الجرائم في المملكة المتحدة، أو «نيبورهود واتش» (Neighborhood Watch)، التي تربط الجاليات والشرطة، و/أو المنظمات الإرشادية، إضافة إلى إحالة الهجوم إلى الشرطة للتحقيق بشكل صحيح. وقد أعربت جمعية رؤساء الشرطة وجمعية الشرطة المسلمين وشرطة ساري وجمعية الشرطة المسلمين في اسكتلندا جميعها عن دعمها لمشروع «تل ماما».
ولأن الجرائم ضد المسلمين ترتكز أحياناً على المظاهر الخارجية، تضم بيانات «تل ماما» كذلك هؤلاء الذين تعرّضوا للهجوم، لأنه جرى الاعتقاد أنهم مسلمون. إضافة إلى ذلك، إذا كانت هناك هجمات ضد الأقليات داخل الجاليات المسلمة، مثل الأحمديين (وهم جماعة أسسها ميرزا غلام أحمد، القائد الديني الهندي الذي ادّعى أنه المهدي المنتظر والذي تنبأ به النبي محمد (ص)، تقوم «تل ماما: بالإبلاغ كذلك عن هذه الحوادث.
ستتمكن «تل ماما» بحلول ديسمبر/ كانون الأول 2012 من توفير أرقام فعلية حول الهجمات المعادية للمسلمين والمواقع الجغرافية والنقاط الساخنة وأنواع الحالات وغيرها من البيانات الكمية والنوعية، إضافة إلى تحليلات حول سبب احتمال وجود جرائم أكثر في مناطق محددة.
يشكّل حجم البيانات وتوزيعها حول الهجمات المعادية للمسلمين عنصراً رئيسياً لتطبيق القوانين والمجتمع المدني لكي يتمكن من العمل معاً لإنهاء جرائم الحقد. ويعتبر عمل مؤسسة الأمن المجتمعي (CST)، وهي منظمة في المملكة المتحدة تركز على أمن الجالية اليهودية، مثالاً حول كيف استخدم هذا الأسلوب في مجموعة دينية أخرى. ويظهر عملهم أن جمع بيانات كهذه فيما يتعلق بجرائم معاداة السامية لا يدعم فحسب اهتماماً مجتمعياً أوسع، وإنما يضمن كذلك أن يكون صانعو السياسة على وعي بمدى المشكلة، موضحاً أن معاداة السامية تحتاج لأن تؤخذ على محمل الجد.
بحلول ديسمبر 2012، سيكون لدى الناشطين العاملين في مجال إنهاء جرائم الحقد بعض الإثباتات الملموسة التي يمكنهم استخدامها لتطوير استراتيجيات لمجابهة الهجمات المعادية للمسلمين من خلال المزيد من العمل مع قوات تطبيق القانون وللثقافة العامة. نأمل أن يؤدي عمل «تل ماما» إلى فهم أن الهجمات المعادية للمسلمين تشكل مشكلة بالتأكيد، وتؤدي إلى تركيز أكبر على مجابهتا من خلال جهود من مختلف القطاعات. الهجمات ضد المسلمين أمر نحتاج لأن نقف ضده، فكل إنسان يستحق أن يعيش حياته حراً من الخوف وبكرامة.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3525 - الثلثاء 01 مايو 2012م الموافق 10 جمادى الآخرة 1433هـ