العدد 3522 - السبت 28 أبريل 2012م الموافق 07 جمادى الآخرة 1433هـ

الحكواتي!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في ظلّ هذه الأزمة التي نتخبّط فيها، حكومةً ومعارضةً، وفي ظل الأجواء اليومية الخانقة، لم يعد الوضع يحتمل أن يأتي تجار شنطٍ صحافية، وكتاب عملة، ليصبوا على النار مزيداً من الزيت.

مازلنا ننتظر أن نسمع من الكتّاب العرب الذين يعيشون في عواصم الضَّباب، كتابات عقلانية تدعو للحكمة وتضميد الجراح، فلدينا من المزايدين في الداخل ما يكفي ويزيد.

في آخر مقالاته عن البحرين، ابتدأ جهاد الخازن، وهو أحد من نصَّبوا أنفسهم أوصياء على شعوب الربيع العربي، بمقدمتين: «الأولى إنني أؤيد امتلاك إيران القنبلة النووية، وأطالب الدول العربية بأن تسعى سعيها...»، وهي مقدمةٌ لا تعني الشعب البحريني من قريبٍ ولا بعيد. وسواءً أيّد السيد جهاد امتلاك إيران القنبلة النووية أم لا، فهذا شأنه وحده مع الإيرانيين!

السيد جهاد تناول الأزمة البحرينية في مقاله «اعتراضي فقط على الأسلوب»، لكنه افترض مسبقاً أن كل معارض بحريني ولاؤه للخارج، وهي ثيمةٌ تبدو راسخةً في قعر تفكيره كأحد مشايخ جيل الصحافة القديم، جيل الهزائم والنكبات الذي انتهى إلى تحويل الصحافة إلى مشروع «يانصيب»، للسحب على سيارة جديدة نهاية كل شهر، في فترة الرَّواج النفطي!

أما المقدمة الثانية، وعلى طريقة الحكواتية في المقاهي الشامية القديمة، فيبدأها بشرح كلمة انجليزية، ثم يدخل بالرواية التوراتية، ويخوض في سيرة الجلعاديين والأفراميين، ومنها ينتقل كبحّاثةٍ أركيولوجي إلى «الفرق في لفظ الجيم بين المصريين والشوام»، ويخلص إلى «أن الصعايدة يلفظون الجيم المعطشة، مثل الشوام، فيمكن التفريق بينهم وبين أهل القاهرة والدلتا والإسكندرية». ويستشهد بأن المصري يقول «طماطم» في حين يقول اللبناني «بَنَدُووورة» ويقول الفلسطيني «بَنْدوره»، فيكفي أن توضع حبة «طماطم» أمام رجل على حاجز في لبنان لنعرف إن كان لبنانيّاً أو فلسطينيّاً. كل هذه المقدمة الطويلة العريضة، التي يعترف بنفسه أنها قد طالت، ليقول إن سيادته بات مقتنعاً بأن المعارضة تريد قلب النظام!

كل المواقف السياسية المعلنة وكل البيانات والمؤتمرات الصحافية للجمعيات السياسية على مدار عام، و«وثيقة المنامة»، و«تقرير بسيوني» الذي نفى أي دورٍ لجهةٍ خارجيةٍ في الحركة الشعبية، كلّها لم تقنع سيادته بحقيقة الحراك في البحرين! وكان لابد له من الاستشهاد بكلمة (shiboleth) واللجوء للخرافة التوراتية وقصة الجلعاديين والأفراميين والصعايدة والبندورة الشامية... ليمرّر للقارئ نظريته في المؤامرة، كما مرّرها في تحليله لأوضاع السودان! (ادعى أن حسني مبارك هو الذي أقنع عمر البشير باعتقال حسن الترابي مع اعترافه بأنه لا يمتلك أدلةً على ذلك!).

قبل يومين كتب أنور الرشيد مطالباً الخازن بالاعتذار إلى شعوب الخليج على هذه المواقف التي تُخجل المهنية الصحافية، فهو يعتبر المعارضة في البحيرة النفطية وقاحةً، والمعارضين يكذبون مثلما يتنفسون، وهو يمتلك من الأدلة على ولائهم للخارج ما يكفي لإقناع قاضٍ سويسري!

إن البحرين وشعبها لا تحتمل تجار شنطٍ وسماسرة عملات ممّن حوّلوا الصحافة إلى أوراق يا نصيب. وليتذكّر أن وافداً عربيّاً من السودان الشقيق، فاز في السحب الأخير على السيارة العاشرة، بينما ذهبت السيارات التسع للعمال الآسيويين الذين كانوا يشترون الصحيفة من أجل الكوبون!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3522 - السبت 28 أبريل 2012م الموافق 07 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 8:10 ص

      شكرا

      منذ فترة وانا افكر في موضوع جهاد الخازن وجاء هذا المقال الرائع ليعبر تماما بما نفكر فيه

    • زائر 13 | 3:36 ص

      في تاجر جديد ( على الطريق )

      مسك نفسه وحاول ان يظهر بمظهر المحايد ومسك العصا من الوسط ولكن ما ان اشتد عليه ( اللود ) حتى ( بط البرمة ) واضم للمطبلين وات مكشوفا للرايح والجاي ،، وبهذا يزيد تجار ( الشنط ) تاجر جديد مبروك عليه الشنطة الجديدة خاصة ان الشنطة فيها ما فيها من الحلي والحلل ما يكفي ويغري .

    • زائر 10 | 2:09 ص

      مشكلة المشاكل هي:

      "التمويل"

      عدل لو مو عدل,,,,

      "النظافة" صعبة هلايام سيد,,,,,,

    • زائر 9 | 1:48 ص

      مكاتب العلاقات العامة

      ياسيد مكاتب العلاقات العامة في بعض دول الخليج التي تحدث عنها الداعية الكويتي طارق السويدان لم يداوموا بعد. انتظر بعد قليل راح يدخلون على الخط ويردون عليك ويدافعون عن زميلهم جهاد الخازن.

    • زائر 6 | 12:50 ص

      زمن البترودولار

      يا سيد نحن في زمن البترودولار وتقاسم الغنائم وذلك بالرقص على جراحات الشعوب والعبور على جثث القتلى

      الأقلام السوداء لا تبد أن تتفحم حتى تصبح رمادا

    • زائر 5 | 12:45 ص

      من غير مبدا

      يا سيدي هكذا هم صحفيوا البترودولار من غير مبدا لأكن عتبي علي العقول التي تقتنع بهم

    • زائر 3 | 11:56 م

      تجار شنطٍ وسماسرة عملات

      سيدنا بقلمك هذا يمكنك ان تكسب الماسا وان تصبح وزير دولة وما عليك سوى اتخاذ القرار المناسب!!

    • زائر 2 | 11:18 م

      ترى الرجل موظف ( أكل عيش باباشا )

      الموظف لا يستطيع الا ان يكتب ما يريده سيده

      وتلك هي الكتابات والكتاب يكتبون لمن يدفع


      خاصة وانهم على حافة الافلاس لان لا مشتر لبضاعتهم المنتهية الصلاحية

اقرأ ايضاً