«عشرة أعوام هي مجموع السنوات التي قضيتها ضمن منظومة العمالة السائبة بالبحرين»، بهذه الجملة بدأ محمد رحيم، آسيوي الجنسية ليحكي لـ «الوسط» عن تجربته كواحد من ضمن مئات وربما الآلاف من العمالة غير النظامية في البحرين.

وفي ذلك، يضيف رحيم قائلاً: «لكي تكون واحداً ضمن هذه التكتلات غير النظامية، عليك أن تدفع 1000 دينار قيمة التأشيرة «فري فيزا» بالبحرين، ليبدأ بعدها مشوار العمل اليومي تجلس فيها مع المئات من أصحاب هذه الفئة التي يكون عادة مركزها الأكثر حضوراً بشارع الشيخ حمد بالمنامة ومدخل منطقة النعيم».

ويتابع «أنت عامل وفني وبناء ولحام وزراع، هكذا أصبحت خلال فترة وجيزة فقط، وفي بعض الأوقات تنتظر دقائق وفي أخرى ساعات، تترقب قدوم أي سيارة حتى ترى تهافت العديد من الأشخاص عليها وبعضهم يقوم بالدخول في السيارة حتى قبل أن يتفاهم عن نوعية العمل والسعر مع الزبون، وأما عن المدخول اليومي لهذه المهنة فهو جيد لأنك في كثير من الأوقات تنجز العمل خلال وقت بسيط أي تأخذ العمل بنظام المقاولة وليس باليومية».

مواطنون: العمالة السائبة آفة لاستنزاف خيرات الوطن والمواطن

وصف مواطنون العمالة السائبة غير النظامية «الفري فيزا» بمملكة البحرين بالآفة التي تستنزف خيرات الوطن والمواطن، لافتين إلى أن عدد العمالة الهاربة مرتفع ويشكل خطراً حقيقاً على اقتصاد البحرين، مطالبين الجهات المعنية بحل جذري للقضاء على هذه الظاهرة المنتشرة بكثافة في البحرين.

وفي ذلك، تحدث المواطن حسين السنابسي عن هذه الظاهرة قائلاً: «تعتبر ظاهرة العمالة السائبة من الظواهر الخطرة جداً على المجتمع البحريني وبالأخص عندما تقوم تلك العمالة بتشكيل تكتلات بشرية بين الأحياء السكنية، ويتركز هؤلاء بصورة أكثر وضوحا في العاصمة وضواحيها، وشارع الشيخ حمد مثال واضح على تلك الأمواج المتلاطمة من العمالة السائبة، والغريب في الأمر أنهم يجلسون بكل أريحية في ذلك المكان المكشوف إلى الجميع وبالأخص للجهات المعنية مثل الداخلية ووزارة العمل، ولهذا فإننا نطالب بوضع حد لهذه الظاهرة وعدم التهاون فيها».

أما المواطنة زينب عطية فتحدثت عن سلبيات تفشي ظاهرة العمالة السائبة قائلة «لانتشار هذه الظاهرة سلبيات كثيرة على عدة نواح ومنها على سبيل المثال الاجتماعية والسياسية والاقتصادية أيضاً، ولو تطرقنا لأهم جانب يعنينا في مجتمعنا البحريني لما له من عادات وتقاليد لوجدنا أن عادات بعض الجاليات الآسيوية تختلف اختلافاً كلياً عن مجتمعنا البحريني، ومن هنا تبدأ هذه المشاكل فمثلاً، مكان سكن العمال، حيث ان البحرين بلد صغير وبالتالي هم يقطنون أوساطنا شئنا ذلك أم أبينا، وعادة ما تشهد تلك المساكن الكثير من الحوادث الأخلاقية فضلاً عن حوادث الحرائق، كما أننا لا يجب أن نتغافل الجانب المهم في المسألة وهو معظم تلك التكتلات، ومشكلة مؤرقة للجميع وبمعنى أصح هي استنزاف صريح لخيرات هذا الوطن والمواطن».

وأضافت «لو تحدثنا عن الجانب الاقتصادي وتأثير تلك الظاهرة وبشكل سلبي في ازدياد معدل البطالة في البحرين حيث ممكن أن يحل محل البحريني في الوظيفة ويتقاضى راتبا أقل وان لم يكن ذا كفاءة والتي هي من وجهة نظر صاحب العمل لها مميزاتها حيث انه سيدفع راتبا أقل وبإمكانه أن يستفيد من الموظف/ العامل الأجنبي في أكثر من عمل، أي بإمكانه أن يأمره بالعمل سائقا وأمين صندوق على سبيل المثال في آن واحد».

مقاولون: بانتشار العمالة غير النظامية تكبدنا خسائر فادحة

أوضح صاحب مؤسسة حبيبة المواطن لقمان القصاب قائلاً: «من أهم أسباب انتشار هذه الظاهرة هو عدم وجود قوانين صارمة ورادعة لمعاقبة العامل الذي يهرب من كفيله، كما أن تشكيل التكتلات في عدة شوارع معروفة مثل شارع الشيخ حمد بالمنامة شيء متوقع في ظل تهاون الجهات المعنية بما فيها الداخلية ووزارة العمل بالقبض على تلك العمالة السائبة التي كبدت المئات من التجار خسائر فادحة إثر لجوء العديد من المواطنين لاستخدام تلك العمالة في القيام بأعمال المقاولات الكبيرة والصغيرة».

وبسؤال لـ «الوسط» عن كيفية استخدام تلك العمالة من قبل المواطنين، أجاب القصاب قائلاً: «التكتلات العمالية في مدخل منطقة النعيم وشارع الشيخ حمد بالمنامة معروفة لتجمع المئات منهم ابتداء منذ ساعات الصباح الأولى، ولا حاجة لأي مواطن أن يبذل جهداً في الحصول على العشرات منهم سواء إيقاف سيارته بالقرب منهم ليقوموا بالركوب بالسيارة، وبالتالي نحن هنا اختصرنا الأمر بالنسبة للجهات المعنية وللراغبين في القبض على تلك العمالة السائبة، إذ يتوجب عليهم فقط الذهاب لتلك المنطقتين والقبض على المئات من العمالة غير النظامية».

ومن جهته قال صاحب مؤسسة باور أكتف المواطن حسين عباس «انتشار العمالة السائبة له عدة آثار سلبية جداً على الوطن والمواطن، فأولاً من حيث انتشار الجرائم والسرقات والعادات الدخيلة على المجتمع البحريني، وثانياً استنزاف اقتصاد الوطن اثر منافستهم المواطن البحريني في مهنته والتاجر البحريني في تجارته، كما أن لانتشار هذه الظاهرة سلبية من حيث المنظر غير الحضاري المتمثل بجلوسهم قرب الإشارات الضوئية والحدائق العامة، ولهذا نحن نطالب بحملات تفتيش مستمرة لأماكن تواجد مثل هذه العمالة السائبة وبالأخص في منطقة المنامة والنعيم، كما لا يمكن تجاهل أصل المشكلة وهو كيفية وجود مثل هذه العمالة غير النظامية وذلك بسبب بيع التأشيرات «الفري فيزا» وهي بمثابة التجارة البشرية».

رحمة: كل جهة أن تتحمل مسئوليتها

ال عضو المجلس البلدي بالدائرة الثالثة بالعاصمة صادق رحمة «لإنهاء هذه المشكلة يجب إنهاء مسألة الفري فيزا والعمالة السائبة وإلا لن تنتهي المشكلة أبداً، لأنه وللأسف فإن جميع الجهات المعنية بتطبيق القانون متهاونة في ذلك، بل يكاد أن يكون دورها غائبا، وهنالك جهات أخرى تجد لديها عدم اكتراث أصلاً بالمشكلة».

وأضاف «سبق لي شخصياً أن قمت بإيقاف سيارتي بالقرب من هؤلاء العمال وقاموا بالركوب معي وحينها قمت بالذهاب فوراً لمركز الأمن التابع إلى المنطقة لتسليمهم اياهم ولكن ما هي إلا سويعات حتى تم الإفراج عنهم، وبالتالي هنا تساؤل يطرح نفسه هل هذه الفئة مرفوع عنها القلم حتى لا يتم القبض عليهم، أم يا ترى أن كفيلهم من علية القوم وكبارها حتى تترك الجهات المعنية الحبل على الغارب دون حل جذري بالرغم من أن أماكن تواجدهم معروفة للقاصي والداني».

وأضاف «الحل في تطبيق القانون بعد القبض على العمالة غير النظامية وهذا لن يكون إلا بمزيد من الضغط الشعبي على الجهات المعنية المتمثلة بوزارة الداخلية والعمل للتحرك جدياً لإنهاء هذه المأساة التي يعاني منها المواطنون وبالأخص في منطقة النعيم والمنامة».