في الوقت الذي يتوقف فيه الأميركيون يوم 4 أبريل/ نيسان عند ذكرى اغتيال مارتن لوثر كنج، من المجدي أن نفكر بثقافة الخدمة والعدالة الاجتماعية التي شكّلت جزءاً من تعاليمه. وبينما يمكن لأي امرئ متحمس لتحسين الحالة الإنسانية أن يستوعب القيم التي تبناها كنج، فإن صدى تعاليمه يرنّ خصوصاَ لدى هؤلاء الذين يُلهمهم الإيمان. يملك الأميركيون المسلمون على سبيل المثال تقديراً معمقاً لكنج لأنه كرس حياته لمواجهة الظلم الاجتماعي، وهو عقيدة مركزية في التقاليد الإسلامية.
ومن بين الأمور ذات العلاقة الخاصة في تعاليم كنج مفهوم «البيت العالمي» الذي يضمّ أناساً من تقاليد دينية مختلفة. كتب كنج: «لقد ورثنا بيتاً واسعاً، بيتاً عالمياً عظيماً يتوجب علينا أن نعيش فيه معاً، سوداً وبيضاً، شرقيين وغربيين، يهود وغير يهود، كاثوليكيين وبروتستنت، مسلمين وهندوس، أسرة فرّقتها من دون وجه حق الأفكار والثقافة والمصالح، يجب علينا أن نتعلم بطريقة ما كيف نعيش مع بعضنا بعضاً بسلام، لأننا لا نستطيع مرة أخرى أن نعيش بعيدين عن بعضنا بعضاً».
يصبح مفهوم البيت العالمي ذا أهمية خاصة عند تطبيقه على التعاون في مبادرات العدالة الاجتماعية اليوم. هذا التعاون عبر الأديان هو تقليد أميركي، ويعتبر الأميركيون المسلمون جزءاً لا يتجزأ منه. الواقع أن العمل الاجتماعي الناشط بين المسلمين الأميركيين هو في أفضل حالاته اليوم.
يدفع المسلمون، بإلهام من تقاليدهم الدينية، وتجاوباً مع دعوات من تقاليد أخرى، وبشكل ملحوظ، مفهوم البيت العالمي، وخاصة من خلال تركيز اهتمام الناس على موضوع الجوع في أميركا.
لنأخذ بالاعتبار مبادرة «الجوع عبر الديانات» في إنديانابوليس، الذي تشارك فيه الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية. تقول مبادرة الجوع عبر الديانات إن 16.000 طفل يموتون جوعاً كل يوم في أنحاء العالم. وفي إنديانابوليس وحدها، يعاني ما مجموعه 18.000 طفل من الجوع أحياناً كثيرة. ومن خلال مشاركة نشطة للأميركيين المسلمين تهدف مبادرة الجوع عبر الديانات إلى إنهاء جوع الأطفال والأسر على المستوى المحلي في إنديانابوليس وعلى المستوى العالمي في كينيا.
وعلى رغم أن الجوع قضية مهمة في كل أنحاء الولايات المتحدة، في أحياء المدن الداخلية، إلا أن قضية أخرى لها علاقة هي العدد الكبير بشكل غير متناسب من خيارات الأطعمة غير الصحية التي تباع في الأسواق. ويتم التعامل مع هذه القضية، التي ينظر إليها على أنها العدالة الغذائية، بشكل مباشر من قبل منظمة مركزها مدينة شيكاغو، هي «شبكة العمل المسلم في مناطق المدن الفقيرة» (إيمان)؛ (IMAN). يقع المركز الرئيسي لشبكة إيمان في القسم الجنوبي من شيكاغو، وأسسها الأميركيون المسلمون الشباب.
تستهدف شبكة إيمان من دون خوف أو خجل متاجر الغذاء والمشروبات الكحولية (بما فيها تلك التي يملكها المسلمون) في أحياء السود في المناطق الفقيرة، متحدية إياهم بتحمل مسئولية الخيارات الغذائية التي يقدمونها. وقد رعت شبكة إيمان منتدى عنوانه «الغذاء من أجل الحياة حق إنساني: العدالة الغذائية ومتاجر الأغذية الصغيرة والعلاقات العرقية في الأحياء».
يحظى الأميركيون المسلمون كذلك بتمثيل في الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية والدائرة الإسلامية لأميركا الشمالية في الحملة الدينية الوطنية ضد التعذيب، وهي منظمة أميركية بالعضوية مكونة من 300 جالية دينية. وتؤكد الدائرة الإسلامية أن «التعذيب هو قضية أخلاقية»، وتهدف إلى وضع حد للتعذيب في «ملعبنا». ويذكر إعلان يتعلق بمعاملة السجناء والتعذيب والقسوة أن أعضاء الحملة الدينية الوطنية «يتفقون على أن استخدام التعذيب والمعاملة القاسية غير الإنسانية أو المذلّة ضد السجناء هي غير أخلاقية وغير حكيمة وغير أميركية».
ويبذل المسلمون الأميركيون، كونهم شركاء لهم صوت عالٍ في الحملة الدينية الوطنية، جهوداً هائلة في تنظيم الحملات لتثقيف أعضاء المجتمعات المحلية حول الآثار النفسية والجسدية الخطيرة للممارسات الحالية ضد السجناء، مثل السجن الانفرادي لمدة 23 ساعة كل يوم. وهم يدافعون عن منع التعذيب بشكل كامل ضد السجناء المرضى عقلياً، إضافة إلى أساليب معينة في التحقيق.
وكما تشير هذه الأمثلة، هناك عدد كافٍ من الأعضاء في البيت العالمي، ومن بينهم أميركيون مسلمون، لا يطبقون تعاليم دينهم وتقاليدهم الثقافية فحسب، وإنما يطبّقون كذلك العلاقة المستمرة لتعاليم كنج على القضايا الاجتماعية المعاصرة. أُنهِيَت حياة كنج قبل أوانها قبل 45 سنة، إلا أن تعاليمه تبقى ذات علاقة اليوم، تلهم الأميركيين المسلمين وغيرهم لدعم وتأييد العدالة الاجتماعية من خلال التعاون والتضامن عبر الديانات.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3514 - الجمعة 20 أبريل 2012م الموافق 28 جمادى الأولى 1433هـ