مر حتى اليوم قرابة 14 شهراً على بدء الأزمة التي عصفت بالبحرين، وكل البحرينيين على رغم اصطفافهم الحاد يمينا وشمالا، يجمعون على أنهم يريدون حلا للأمور، وهذا الحل بطبيعة الحال إذا لم يكن منصفاً فلا يبدو أنه سيتعدى تأثيره «حبة بندول» أو ربما «بروفين»، سرعان ما ينتهي مفعولها وتعود الأعراض إلى الظهور مجدداً.
البحرين ظلت على مدى عقود موئلاً للحركات الشعبية التي تطالب بسيادة العدالة والقانون والمساواة بين المواطنين، وعدم التمييز بينهم لأسباب مذهبية أو طائفية أو عنصرية أو قبلية، وفي ذلك دلالة على أن كل هذه الموبقات كانت ومازالت السبب الأبرز للحراك الشعبي، وليس للأيادي الخارجية المزعومة دور فيها من قريب أو بعيد.
لقد اثبت الشعب البحريني بغالبيته تحضره ورقيّه في الحراك السياسي، وعلى رغم محاولات التشويه التي طالته، والمبالغ الهائلة التي صرفت من اجل حرف الحقائق، فإن المنصف هو الذي يدرك أن الحب الصادق للبحرين وشعبها يكمن في مساندة خيار التحول إلى ديمقراطية يحترم فيها الإنسان وكرامته وعقيدته وعرضه وماله، ديمقراطية لا تمييز فيها بين هذا ولا وذاك، ديمقراطية لا وجود لمواطن من الدرجة الأولى فيها، وآخر من الدرجة العاشرة، ديمقراطية تقول للمخطئ أنت مخطئ، وتحقق الأمن والأمان للجميع، وتحفظ للناس عزتهم.
عندما نسأل إلى متى، فنحن لا نتكلم عن الأحداث الجارية فقط، فما هذه الأزمة إلا مصداق لتراكمات جمعتها ممارسات معتقة ممنهجة من الإقصاء والتمييز والطائفية، التي لم تجلب في يوم من الأيام الاستقرار والخير لمن يخططون لها في الغرف المغلقة، من فضلاً عن الذين يتلذذون بلوك عفنها النتن.
عندما نسأل إلى متى، فنحن نسأل عن التمييز الذي لم يتوقف منذ عقود، ونسأل عن البحار المدفونة، والأراضي التي تحولت إلى أملاكٍ خاصة، ونسأل عن العدالة المفقودة، والإنصاف الضائع، بل نسأل عن القانون الذي يكال به بمكيالين، والتعديات التي تتم في وضح النهار للعباد والمحال التجارية من دون حسيب أو رقيب.
البحرين جربت على مدى العشرات من السنوات استخدام الحلول الأمنية، فما نفعت هذه الحلول في إخماد الإصرار الشعبي على التحول للديمقراطية والحرية والكرامة، ملايين الدنانير صرفت على مسيلات الدموع والشوزن، بدل أن تصرف على بناء البيوت والمدارس والمستشفيات، فما الذي تغير؟ البحرينيون بدل أن يتلبسهم الخوف، باتوا يشيعون ضحاياهم يومياً، وإصرارهم على مسيرة الحراك الوطني السلمي.
تخيلوا أن البحرينيين منذ العام 1923 يطالبون بمجلس منتخب كامل الصلاحيات، فهل هناك شعب في المنطقة له تاريخ بهذا الوعي، المطالبات التي يقال اليوم ان وراءها أيادي خارجية، عمرها قرابة 90 عاماً، ومن يطالبون اليوم هم أبناء وأحفاد أولئك الذين خرجوا في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات والستينيات والسبعينيات وما تلاها.
إن تزييف التاريخ، لن يغني عن الحقيقة شيئاً، جينات الحرية والكرامة المطالبة بالديمقراطية الحقيقية باتت تنتقل جيلاً بعد جيل لدى البحرينيين رجالا ونساء، فإلى متى سنظل نحاول حجب ضوء الشمس بأيدينا، وغض أطرافنا عن كل هذه المطالبات الشعبية، ونحاول حل الأمور بمسيلات الدموع فقط؟
إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"العدد 3512 - الأربعاء 18 أبريل 2012م الموافق 26 جمادى الأولى 1433هـ
hussein
كلام جميل بصراحة و معبر عن الحقيقة الواقعة
صم بكم عمي فهم لا يفقهون
استادي الفاضل انت تتكلم بلغة لا يفهمها من تطالبهم بأن يجدوا الحل، لا يفهمها الا احفاد الاجداد الدين طالبوا بالبرلمان قبل 90 عام، اما من هم على شاكلة الخبيرة و الاعلامية و الصحفية والمستشارة، ممن كانوا يطلقون على البرلمان وصف "البرطمان" فهؤلاء "ام على قلوب اقفالها" و "طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون"!