كم هو قاسٍ ومؤلم أن تفقد قريتك شاباً طموحاً حركياً يعمل دون كلل من أجل الصالح العام. وكم هو موجعٌ أن تفجع أمٌ في أرحم أبنائها. ولم يكن فقده بأقل وطأة وألماً على حبيبة أن يصيبها الجنون وتفقد عقلها لأنه لم يدر في خلدها يوماً أن تفقد أعز من تملك، ويترك لها طفلين كتب عليهما أن يحرما طول عمرهما من قول كلمة «بابا».
جدران بيته، مصلاه في جامع الخيف، أزقة قريته المتهالكة، شاشات الحاسوب، صفحات المنتدى الالكتروني، مقر الصندوق الخيري، مكاتب الشركة. كلها يعصرها الألم ويضنيها الفقد لأنها تعرفه جيداً. زكريا الذي لم يفتر أبداً، فجدار بيته حفظ رائحته، وقريته التي تبكي لطيبته فزعت لفقده، ومنتداه الذي لا يزال يتذكر آخر ما كتبه «إنسان قبل أن أكون شيعيا».
الصندوق الخيري الذي تركه يسأل عنه قبل أن يكمل دورته ومشاريعه التي تبناها، مكاتب الشركة التي لم تعد تراه بعد أن كان يملؤها ضجيجاً ونشاطاً، ولكن هل يعي من أفجعنا بقتله أنه قتلنا جميعاً؟
زكريا ذاتٌ أنكرت وجودها في سبيل المبدأ، ضحّى ببيت جميل وأسرة رائعة وأطفال صغار هم جزء من روحه، وأم حنون، وعمل مجزٍ، وجو قروي مؤنس في سبيل العدالة والكرامة، ولم يكن ذنبه سوى انه كتب الحقيقة ونادى بالحرية.
كان أوسط إخوته، فلم يتلقى اهتمام الكبار ولا دلع الصغار، ولد في بيت متدين محافظ في العاشر من مارس 1971. تقول والدته: «كان هادئ الطبع مطيعاً، منظّماً في حياته، نظيفاً للغاية، لا يصرخ ولا يعبث».
درس في المدارس النظامية، وبعد الثانوية التحق بدراسة الدبلوم المشارك في الهندسة الميكانيكية بجامعة البحرين. والتحق في الفترة المسائية بالتعليم الديني في القرية، تقول عنه أخته الكبرى «كان متوقد الذهن سريع البديهة والحفظ، لم يحتج إلينا في تدريسه شيئاً، وكان عندما يرجع من حلقة التعليم يسرد علينا بكل دقة ما قاله الأستاذ من قصص وحكايات. وكان مغرماً بشدة بشخصية الإمام علي (ع) منذ صغره».
في أثناء دراسته الجامعية كان يتدرب في الشركات الوطنية خلال العطلة الصيفية، وبعد تخرّجه من الجامعة التحق بالأكاديمية العربية للملاحة والنقل فرع الإسكندرية، موفداً للدارسة من شركة الملاحة العربية، ولينتقل بعدها للعمل في دولة الكويت.
لم يكتفي العشيري بهذه الدراسة، بل ظل تواقاً للعلم والمعرفة، محباً للقراءة، وكان كثير المساهمة في الكتابة للصحف، وله مساهمات في الكتابة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية. ويعتبر العشيري من أبرز المدونين البحرينيين، إذ ساهم في تأسيس موقع الدير الالكتروني، وتولى الإشراف على قسم منتدى البحرين الوطني من نوفمبر 2003، وكان عدد مشاركاته نحو 1,018، ولديه الكثير من المقالات، فقد امتلك قلماً حراً يريد منه إصلاح المجتمع.
وقد أهمّه عزوف الناس عن العمل التطوعي الذي أمل أن ينتهي هاجسه «هل ممكن أن نخلق ما يسمى بسوق العمل التطوعي حيث تجد مؤسسات المجتمع المدني من المتطوعين ما يغنيها ويسد حاجتها؟». وفي مقال آخر يرى أن حوار المذاهب أجدى، إذ يقول «إن محاولة القفز لتصوير الواقع على أننا نعيش أجمل الأيام، وأن حالنا لا يوجد أفضل منه، وتتويجاً لذلك نهرب منه لنجري حوار ديانات نجمع البعيد قبل القريب لن يغيّر شيئاً». ولم يتوقف قلمه إلا في فجر الثاني من أبريل 2011.
زكريا الذي حمل «حالة رقم 24» في تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي قال فيه «وترجع وفاة السيد/زكريا العشيري إلى تعرّضه للتعذيب في سجن الحوض الجاف، مع العلم أنه كان موقوفاً ساعة وفاته في وزارة الداخلية». (ص 314 – 315). لقد توقف القلم الحر عن النبض.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 3511 - الثلثاء 17 أبريل 2012م الموافق 26 جمادى الأولى 1433هـ
لقد سطر اسمه من النور
خط اسمه في النور ودون سجل شاهداً صارخاً للتاريخ .. وسيبقى مذكوراً في تاريخ هذه البلاد حتى لو مضى قرون ، لقد حفر فينا هو وامثاله معنى جميل للجهاد وحمل راية الحق .
لقد ابكيتنا
ماذنب اطفاله ان تيتم على يد شر خلق الله شذاذ الافاق لقد جاءوا من صحاري باكستان كي يعذبوا ويينتهكوا كل القيم والمواثيق ولا ننسى المجرم الذي اعطى الاوامر بالذبح والقتل والتنكيل وان سياسه الافلات من العقاب لن تجدي ومحكمة الاخره بانتظارهم
شكرا لكلماتك بحق شهيدنا الغالي شهيد الكلمه والراي والعار والخزي لقاتليه
الشهداء لايموتون
فهم مخلدون في ذاكرة الوطن والتاريخ (بسم الله الرحمن الرحيم ولا تحسبن اللذين قتلو في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون). رحم الله شهدائنا الأبرار جميعا وأن يلهم اهليهم الصبر والسلوان
يا رب أرنا عدلك
ثقي يا أختي الفاضله إنً الله سوف ينتقم له ممن ظلمه واستحل دمه
يامنتقم
اللهم ارحم شهدائنا الأبرار
يا منتقم
سلمت يداكي يا ابنت قربتي الجميله التي تفخر بان فيها امثالك وامثال الشهيد العشيري فالا جنان الخلد انشا الله
يا منتقم
سلمت يداكي يا ابنت قربتي الجميله التي تفخر بان فيها امثالك وامثال الشهيد العشيري فالا جنان الخلد انشا الله