ليس من الضروري أن تكون مسلماً لتجد أخباراً جيدة في دراسة أجريت مؤخراً بشأن نمو المساجد في الولايات المتحدة. وجد هذا الاستطلاع الذي أجري على المستوى الوطني بشأن قادة المساجد في الولايات المتحدة، والذي شارك في رعايته الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية ومعهد هارتفورد الديني والدائرة الإسلامية لأميركا الشمالية ومجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، أن أكثر من 900 مسجد جديد تم بناؤها في الولايات المتحدة منذ العام 2000، وهي فترة ازداد فيها التفحّص الدقيق من قبل المسئولين الحكوميين وازداد فيها الخلاف حول بناء المساجد. ومن بين 2106 مراكز إسلامية في أنحاء الولايات المتحدة، تم بناء ربع هذا العدد خلال السنوات العشرة الأخيرة.
أول الأخبار الجيدة في هذا الاكتشاف للأميركيين غير المسلمين هو أن التعديل الأول للدستور الأميركي، وهو الجزء الذي ينص أن «الكونغرس لن يسن أي قوانين تتعلق باحترام مؤسسة دينية أو تمنع الممارسة الحرة لها»، يبدو في موقع أفضل بكثير مما بدا عليه في صيف العام 2010. في ذلك الوقت، احتدمت الاحتجاجات ضد مركز إسلامي مخطط له قرب موقع مركز التجارة العالمي، وانفجر ليصبح موضوع جدل وطني، حيث امتدت التظاهرات ضد المسجد من تينيسي إلى كاليفورنيا. أما النقد اللاذع المعادي للمسلمين والمألوف جداً على شبكات الأثير وعلى شبكة الإنترنت ذلك الصيف، والمماثل في مضمونه ونبرته للخطب المعادية للكاثوليكية في بداية القرن التاسع عشرة، فقد كان كما يبدو الآن نكسة آنية عبر 235 سنة من الكفاح المتواصل من أجل اتحاد أكثر كمالاً.
يقترح هذا الاستطلاع، الذي يُظهِر أن المساجد كانت تُبنى بوتيرة ثابتة على رغم «المخاوف الكبرى من المساجد» التي أثارتها البرامج الحوارية على محطة فوكس الإخبارية، أن الاحتجاجات كانت زوبعة في فنجان. بكلمات أخرى، وكواحدة من أكثر دول العالم تنوعاً دينياً وغير ديني، تعثرنا إلى الأمام بنوبات مفاجئة معاً أكثر مما فعلنا ذلك بشكل منفصل.
الجزء الثاني من الأخبار الجيدة في الاستطلاع هي الاحتمالات التي نقترحها للمزيد من الشراكات عبر الأديان لحل المشاكل الاجتماعية من خلال التقاليد الدينية. تمكنا من خلال العمل في مركز الديانات في نيويورك مع مئات القادة الدينيين من ما لا يقل عن 15 عقيدة دينية خلال العقد ونصف العقد الماضي، من توليد وتقوية علاقات عبر الخطوط الدينية والمدنية عبر إشراك القادة الدينيين على مستوى الجذور في التعامل مع الاهتمامات الاجتماعية المشتركة، من مصادرة المنازل بسبب عدم تسديد دفعات قروضها إلى العنف المنزلي. سمح هذا الأسلوب كذلك لنا تعليم المهارات المدنية إلى القادة الدينيين على مستوى الجذور من ناحية، واحترام التنوع الديني للقضاة والمعلمين والعاملين الاجتماعيين والسياسيين المحللين من ناحية أخرى.
هناك العديد من الجاليات الدينية التي مازالت تؤمن بأن كون المرء زعيماً دينياً (من خلال نشاطات مثل حضور واجب الخدمة كمحلّف في المحاكم والتأثير على الحكومة المحلية والتصويت في الانتخابات، الخ) يعني التخلي عن الطاقية الدينية أو القَبّة القساوسية قبل الدخول. ظن الكثير من زملاء مارتن لوثر كنج الابن من القساوسة المعمدانيين السود أنه يتوجب عليه التوقّف عَن التدخل في الأمور السياسية. هكذا، ومثلها مثل الكنائس أو المعابد، يصعب التعميم حول متى يتوجب على المساجد المشارَكة في الأمور الاجتماعية. ومن الأخبار المطمئِنة أن الدراسة وجدت أن 98 في المئة من قادة المساجد يقولون إنه يتوجب على المسلمين المشاركة في المؤسسات الأميركية، ويوافق 91 في المئة أنه يتوجب على المسلمين المشاركة في السياسة.
من منظور نيويوركي (مع الأخذ بالاعتبار أننا نفتخر بأكبر عدد من المساجد للولاية في أميركا، حيث يزيد عددها على المساجد في كاليفورنيا بمسجد واحد) فإننا نملك بعض السلطة في القضية. فخلال أكثر من عشر سنوات، رأينا نحن في مركز الديانات في نيويورك كيف عمل المسلمون في نيويورك مع أناس من تقاليد دينية مختلفة لتقوية النسيج الاجتماعي في مدننا ومؤسساتنا العامة، من خلال إطعام الجياع في مطابخ الطعام الحلال في البرونكس إلى نشر الوعي حول مرض نقص المناعة الطبيعية (الايدز) في المساجد في هارلم إلى العمل بالشراكة مع الروم الكاثوليك في التواصل لصالح مكتب الإحصاءات، إلى الخدمة في مجالس المحلّفين في المحاكم إلى العمل كرجال دين في المستشفيات العامة ومع الصليب الأحمر في نقطة الصفر العام 2001.
تدعم دراسات أخرى ملاحظاتنا الروائية، مُظهِرة أن المساجد، مثلها مثل الكنائس والمعابد اليهودية مرتبطة بمستوى أعلى من المشاركة المدنية. وقد وجد أن الأميركيين المسلمين الذين انخرطوا في مساجدهم يشاركون بنسبة 53 في المئة في النشاطات المدنية (مثل المنظمات الخيرية والبرامج المدرسية و/أو الشبابية)، أكثر من هؤلاء غير المرتبطين بمسجد.
تعتبر مكافحة الفقر والتشرّد والجهل عملية كبيرة، وقد عمل المسلمون من نيويورك لعقود كثيرة جنباً إلى جنب مع أناس من تقاليد دينية مختلفة ومع من لا ديانة لهم في مواجهة هذه التحديات العظيمة. بعيداً عن إخافة الأميركيين غير المسلمين، فإن نمو المساجد في أنحاء الولايات المتحدة يعد بأن يكون خيطاً قوياً آخراً في النسيج المدني لأمتنا.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3510 - الإثنين 16 أبريل 2012م الموافق 25 جمادى الأولى 1433هـ
في بلد غير مسلم تتكاثر المساجد!!!
انها قمت المفارقات ان تتكاثر المساجد في بلد غير مسلم بينما؟؟؟؟؟؟؟