ما حدث في انتخابات جمعية الأطباء البحرينية كان ضرباً لنظامها الأساسي بعرض الحائط، إذ ينص البند الخاص بالعضوية العاملة على أن العضو العامل هو العضو الذي تنطبق عليه جميع شروط العضوية الواردة في المادة 9 من النظام، وله جميع الحقوق من ترشح أو تصويت أو انتخاب، وعليه جميع الواجبات. والمادة 9 تنص على «ان يكون بحريني الجنسية (وهو ما انتفى في بعض من صوّتوا يومها)، وإذا ما اعتبرنا أنهم أعضاء فخريون فإنه بحسب شروط العضوية الفخرية لا يحق للعضو الترشيح أو الانتخاب أو التصويت».

كل ما كان يحق لغير البحرينيين بحسب النظام الأساسي للجمعية هو العضوية المشاركة، وفي هذه شروط أيضاً؛ إذ تمنح لكل طبيب غير بحريني الجنسية، إضافة إلى الصيادلة والبياطرة وأصحاب المهن الطبية المعاونة العاملين بالبحرين ما لم تكن لديهم جمعية تمثلهم ولهم جميع حقوق الأعضاء العاملين ماعدا حق التصويت أو الترشيح أو الانتخاب، وبهذا يسقط من العضوية كل من لديهم جمعيات أخرى من الأجانب، علماً بأن الشرط ذاته ينطبق على البحرينيين العاملين في المجال ممن لديهم جمعيات تمثلهم أيضاً، وهو ما يسقط حق الترشيح والتصويت عن أطباء الأسنان والصيادلة وغيرهم، وهو ما كان مخالفاً يوم الانتخابات أيضاً.

ولو افترضنا جدلاً أن الإدارة الحالية قامت بتغيير بعض بنود النظام الأساسية للجمعية فإن هذا التغيير يبقى غير نافذ، لأن المادة 70 في الباب التاسع تنص على انه «لا يعتبر قرار الجمعية العمومية بتعديل النظام الأساسي للجمعية نافذاً إلا بعد قيده في السجل المعد لهذا الغرض بوزارة العمل والشئون الاجتماعية ونشره في الجريدة الرسمية»، وهو ما لم يحدث.

وعلى رغم أن القانونيين أدلوا بدلائهم في الموضوع عبر رفض ما حدث واعتباره مخالفاً للقانون، فإن وزيرة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية صرّحت قبل الانتخابات بيوم بأن من حق الأجنبي الترشيح والتصويت، وكأنها لم تطلع على النظام الأساسي للجمعية، معلّلةً ذلك بأنه خدم البلاد وهو ما لم ينكره أي من الأعضاء الذين انسحبوا من الانتخابات، بل أكدوا اهمية دور هؤلاء في اللجان الفاعلة في الجمعية، مؤكدين أن لا حق لهم في الترشح أو التصويت.

ما يحدث اليوم هو أسلوب جديد يسمح للوزارات الرسمية بالتدخل في القوانين الأساسية للجمعيات ومخالفة القانون، من خلال فرض وصاية غير مرغوب بها على الانتخابات. وجمعية الأطباء لم تكن التجربة الأولى، إذ حاولوا قبل هذا أن يسيطروا على «جمعية المحامين» و «جمعية حقوق الانسان» و «جمعية التمريض»، وكلها جمعيات مهنية تتبع وزارة التنمية الاجتماعية، علماً بأن هذه الوزارة ليست المتورطة الوحيدة، إذ ان ما حدث في الجمعية من تجاوزات يذكّر المتابع بما حدث في اجتماع الجمعية العمومية لـ «أسرة الأدباء والكتاب» قبل أشهر، بعد أن شنّ بعض الصحافيين حملات تشوّه صورة بعض أعضاء مجلس الإدارة السابق الذي انتهت مدة إدارته رسمياً وقدّم استقالته لوزارة الثقافة، مرفقةً برسالة طلب اجتماع جمعية عمومية لمناقشة التقريرين الأدبي والمالي وانتخاب مجلس إدارة جديد. ليلتها حضر الاجتماع 18 عضواً من أصل أكثر من 85، وكان مع بعضهم توكيلات من أعضاء آخرين أخذت بالرسائل النصية وهو ما يخالف النظام الأساسي للجمعية، الذي يشترط أن يكون التوكيل خطياً، ولو افترضنا جدلاً أنه كان غير مخالف له فلن يصل العدد إلى النصاب القانوني حتى مع هذه التوكيلات، إذ وصل إلى 34 عضواً فقط، ومع ذلك سمحت وزارة الثقافة بعقد الاجتماع على رغم أن مبعوثها اتصل بالشخص المعني قبل بدء عملية الاقتراع ليخبره بعدم اكتمال النصاب القانوني للبدء، لكن المسئول أمره بالمشاركة في الانتخابات وهو ما حدث؛ إذ انتخب مجلس إدارة جديد بالتزكية، وتم الاتفاق على تغيير مسمى الأسرة إلى «اتحاد الأدباء والكتاب» في مخالفةٍ واضحةٍ لشرط موافقة الثلثين، وهو ما أدى إلى استقالة بعض الأعضاء من الأسرة التي لم تعد تمثلهم.

ومضة: «ليس المهم في أي منصبٍ أنت، لكن المهم هو ما تقوم به وما تقدّمه».

محمد بن راشد آل مكتوم