من أهم الأحداث التي شغلت البريطانيين الأسبوع الماضي، إعلان الحكومة إجراءات لمراقبة شبكة الانترنت والمكالمات الهاتفية الصيف المقبل.
وزيرة الداخلية دافعت عن ذلك بقولها إن هذه الإجراءات ضرورية لتعقُّب المجرمين والمتحرشين بالأطفال والإرهابيين! وهذا الخلط بين هذه الفئات التي لا يجمعها جامع، كان مقصوداً، للحصول على أكبر دعمٍ من الجمهور، فمن لم يعجبه التجسس عليه الكترونيّاً، يمكن تذكيره بأهمية ذلك لحمايته من المجرمين، وإن لم يقتنع فينبغي تذكيره بحماية أطفاله من المتحرشين، ومن لم يقتنع فليجرَ تخويفه من الإرهابيين!
المجتمع البريطاني يمتلك عقلاً ولا يصدّق كلّ ما تقوله حكومته، ولذلك ثار جدل كبير عن هذه الإجراءات التي تنتهك خصوصية الأفراد وحرياتهم الشخصية وحقوقهم المدنية. وتصدّت المنظمات الحقوقية للتحذير من هذه الموجة المشبوهة لمراقبة المواقع الاجتماعية والبريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية لكل من يعيش على الأرض البريطانية، فالشعب الذي يتنفس حريةً لا تنطلي عليه ألاعيب الحكومات حتى لو كانت ديمقراطيةً ومنتخبةً.
الصحافة البريطانية تصدّت بدورها للموضوع، فهي من أول ضحايا أية إجراءات رقابية مخالفة للقانون... تبدأ بمراقبة هاتفك وتنتهي إلى عدِّ أنفاسك ومحاسبتك على مواقفك وآرائك السياسية. ووجّهت بعض الصحف انتقادات شديدة إلى هذه السياسة المتخلفة التي تشبه أسلوب «الأخ الكبير» في الرقابة على الحريات العامة. وتناول أحد الكتاب رئيس الوزراء البريطاني بالقول إنه أثبت أنه إنسان متخلف ويعيش خارج العصر، إذ يستحيل مراقبة كل المراسلات الالكترونية والمكالمات الهاتفية لكل بريطاني أو مهاجر، فضلاً عن مراقبة موقع التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» و«فيسبوك» و«سكايب».
صحيفة «الإندبندنت» قالت إن البرلمان هاجم وزيرة الداخلية بشكل عنيف بسبب مخططاتها لزيادة صلاحيات الشرطة والمخابرات وأجهزة حكومية أخرى، لمراقبة البريد الالكتروني واستخدام الإنترنت.
هذا ما كان من شأن الصحافة البريطانية، أما بعض صحف دول العالم الثالث، فهلّلت لقرار الوزيرة البريطانية، ونشرت مئات المقالات تشيد بإجراءاتها، ليس خوفاً على أطفال بريطانيا من التحرش، وإنّما لتبرير حالات خنق الحريات العامة في تلك البلدان المتخلفة.
المفاجأة غير السارة؛ أن فرحة أولئك الصحافيين الذين مازالوا يعيشون في العصر القراطيسي، لم تدُم طويلاً، فسرعان ما أسفرت غضبة البريطانيين عن تراجع وزيرة داخليتهم، وتم استدعاؤها للاستجواب أمام البرلمان. وخرج نائب رئيس الوزراء نيك كليغ ليقول إن «الإجراءات المثيرة للجدل ستخضع لمشاورات واسعة، وستنشر كمشروع قانون لضمان التدقيق عليها... فينبغي أن يطمئن الناس إلى أننا لن نمرّر شيئاً بالقوة عبر البرلمان».
المشروع المقترح يسمح لما يسمى بـ «مركز قيادة الاتصالات الحكومية» (مركز تنصت تابع إلى الاستخبارات) بالحصول على ما يريد من معلومات وبسرعة، من دون تصريح قضائي. كما يفرض على شركات خدمات الإنترنت تثبيت أجهزة تسمح للحكومة رصد وتعقُّب المحادثات الهاتفية وما يتم تداوله عبر المواقع الالكترونية، وأي المواقع دخلها المستخدم وفي أية أوقات.
هل عرفتم لماذا هلّل بعض صحافيي العصر القرطاسي للوزيرة البريطانية؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3505 - الأربعاء 11 أبريل 2012م الموافق 20 جمادى الأولى 1433هـ
bahraini
Al sallam Alikum ,united state try to do the same after 911 but in some important places like the airport ,the white house , etc
للتذكير فقط:-
قبل اشهر عدة تم الاعلان في الصحافة البريطانية عن قيام بعض الشركات عن بيع انظمة تجسس على المواقع الاكترونية الى القذافي و ,,,,,,,
ولما تتراجع
لأن هناك برلمان حقيقي يمثل الشعب لايمثل نفسه ولايدافع عن الحكومة وعن أخطائها ويدوس على الشعب لأجل مصالح آنيه ويمتثلون للدستور الذي هم وضعوه وللأسف عندنا اناس لاتمتثل لدستور عظيم منزل من رب السموات والأرض والذي يطالبنا بالعدالة والمساواة وعدم التمييز ومحاسبين عليه في الدنيا والآخره
قراطيسيون!!
نعم عرفنا يا سيّد.. حتى يخاطبوا شعوبهم ويقولوا: لسنا وحدنا من ينتهك الحريات، فهاهي بريطانيا العظمى تفعل!!
عموماً،
لا أعتقد أنّ تراجع الداخلية البريطانية سيحرج صحافيي العصر القرطاسي... فإنهم وصلوا لمرحلة من عدم الحياء تؤهلهم لأن يدافعوا عن كل منتهك ومجرم في هذا العالم دون مبرر ودون خجل!!