نعم، لم يكونوا سياسيين من قبل، ولم يخوضوا غمارها سابقا، بل إن كثيرا منهم لم يعرفوا شيئاً عن ألوانها وأشكالها ودهاليزها ومداخلها ومخارجها، لكنهم اليوم أصبحوا يغوصون في وسطها، وصاروا سياسيين رغما عنهم، وباتوا مجبرين على أن يتنفسوا صخب السياسة وضجيجها، بل يمكن القول ان السياسة أصبحت حاضرهم وجزءا من مستقبلهم.
هؤلاء من نسميهم السياسيين وحتى الحقوقيين المجبرين المكرهين على السياسة، صنعتهم بعض الجهات، وتفننت في جعلهم خصوما لها، بعد أن تم استهدافهم على خلفيات طائفية وعرقية، وتوغلت في إذلالهم عبر الحلول الأمنية والاعتقالات والتعذيب الذي لم يكن هدفه انتزاع اعترافات بقدر ما كان يرنو إلى التشفي والإذلال وإشعال الفتن.
دعاة الكراهية ومريدوها، ومحاكم التفتيش، والإعلام المنحاز، قرروا بممارساتهم أن يحولوا العشرات من الكادر الطبي والمعلمين والمهندسين والطلبة والرياضيين، ورجال الدين، وصولا إلى سائقي الأجرة والشاحنات، وغيرهم من شرائح المجتمع البحريني الذين لم يكونوا سابقاً يهتمون بالسياسة بل ان كثيرا منهم لم يكن يعرف عنها شيئا، وربما لم يكونوا يطيقونها، إلى ناشطين سياسيين تراهم في كل مسيرة وندوة وفعالية سياسية ووطنية، وبعضهم بات حقوقيا يقضي وقته الذي كان ينفقه سابقا بين مرضاه أو في قراءة كتابٍ أو ممارسة الرياضة أو بحثاً عن لقمة عيشه، في رصد وتوثيق الانتهاكات الإنسانية والحقوقية التي كانت ومازالت تمارس على الملأ.
إن انتهاج الحل الأمني، كوسيلة حصرية لمعالجة تداعيات الحراك الشعبي، والإيغال في استهداف الناس ومعتقداتهم وأرزاقهم، جعل جهات تصنع أعداءها بنفسها، فمن استهدف آلاف المواطنين في أرزاقهم هو من أعطاهم سبباً لأن يكونوا في الصفوف الأولى والأمامية في أي مسيرة أو اعتصام أو فعالية تطالب بالديمقراطية، ومن قام بهدم دور العبادة هو من حرض آلاف البحرينيين على معارضة من قام بذلك، ومن فصل الطلاب من مقاعد دراستهم هو من حولهم إلى ناشطين شباب، ومن قام بقتل الأطفال هو من جعل آباءهم ناشطين حقوقيين وسياسيين رغما عنهم.
نعم، منذ اندلاع الأزمة التي عصفت بالبلاد في فبراير/ شباط 2011 ومازالت تعصف، فإن هناك من اتخذ قرارا بأن يجعل نصف هذا المجتمع أعداء له، ونحن نقول ان الجهات التي تغذي نزعات الكراهية والتطرف لدى النصف الآخر، تحتاج إلى مراجعة عميقة في مواقفها. إن السياسات الأمنية الخاطئة المتكررة، وإغراق المناطق بمسيلات الدموع، والتعدي على المتاجر وسلبها، وتكسير سيارات النائمين في بيوتهم، والجماعات مجهولة الهوية، واستمرار التعدي على عقائد المواطنين ومقدساتهم، وقطع أرزاقهم، كلها ممارسات توصل للناس رسالة مفادها بأن المصالحة ليست شعارات تكتب في الصحف، وأن المواطنة ليست متساوية بين الجميع.
اليوم وبعد أكثر من عام على الحراك الشعبي، ندعو ومن منطلق وطني، أن تعاد للناس هوياتهم المختطفة، فيعود الطبيب طبيباً، والمعلم معلما، والتاجر تاجراً، والطالب طالباً، والممرض ممرضاً، ويظل السياسي سياسياً والحقوقي حقوقيا، وذلك لا يتأتى إلا من خلال ديمقراطية حقيقية ومواطنة متساوية الحقوق والواجبات، يشعر فيها البحريني، مهما كان مذهبه، بانه عزيز، حر، كريم في وطنه ووطن آبائه وأجداده.
إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"العدد 3505 - الأربعاء 11 أبريل 2012م الموافق 20 جمادى الأولى 1433هـ
بل أكثر من ذلك
لا تنسى ان لكل من هؤلاء عائلة وأصدقاء وجيران ومعارف عايشو عن كثب مظلوميتهم وجراحهم فكرهوها ويحملون قنابل غضب في صدورهم غلى من تسبب بها يعني أيا كان اجمالي العدد الذي تتكلم عنه أضربه في عشرة أضعاف على الأقل
وماذا تقول
للذين اغتنمو الفرص وداسو على الحقوق وامعنو في الظلم وأخذوا حقوق غيرهم واعتبروها غنائم حرب ونسو او تناسو ان الله يمهل ولايهمل وحسبي الله ونعم الوكيل جسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل
لله يكون في عون كتاب الوسط ورئيس تحريرها
الله يشهد انكم تقولون وتنادون الى مصلحة الوطن وقد عملتم المستحيل ، ولا كن هل هناك من يسمعكم ، لذى نتمنى على الطرف الاخر الاستماع الى صوت الحق والعمل سويا واخذ البلاد الى درب الامان وخاصتآ من يمثلون في البرلمان فعليهم النظر بعين الاعتبار الى حقوق الاخرين وألا يكون من المستغلين لهذه الأوضاع كما هو الواضح للجميع.