تشير آخر التقديرات الصادرة عن مؤسسات دولية إلى أن حجم الأصول الخليجية التي تدور في الأسواق العالمية تجاوز 1800 مليار دولار.
وأظهر تقرير أعدّه معهد التمويل الدولي في واشنطن أن نحو 36 في المئة من الإجمالي التراكمي لحجم الأصول الخليجية في الأسواق العالمية، تمّ ضخّه خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأن أوروبا استقطبت قرابة 55 في المئة من التدفقات المالية من دول مجلس التعاون الخليجي، فيما استحوذت دول الشرق الأوسط بما فيها الدول العربية على 11 في المئة من تلك التدفقات المالية.
وفي هذا السياق، تنظّم غرفة تجارة وصناعة الشارقة فعاليات ملتقى الشارقة الثاني للأعمال 2012، تحت رعاية ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي وذلك خلال الفترة مابين 25 و 26 أبريل/نيسان 2012، في مقر الغرفة. ويتناول الملتقى دور القطاع الخاص الخليجي في التنمية الاقتصادية، وأثر الثروات السيادية الخليجية على التنمية المستدامة.
وتحدث مدير عام غرفة تجارة وصناعة الشارقة، حسين المحمودي قائلاً: «تؤدي رؤوس الأموال الخليجية دوراً لا يمكن الاستهانة به في الاقتصاد العالمي؛ إذ باتت ثروات الخليج العربي أحد المحركات الرئيسة لاقتصاد العالم. ومن هذا المنطلق تتجلّى أهمية تنظيم ملتقى الشارقة الثاني للأعمال؛ إذ يأتي استكمالاً لما تمّ بحثه من محاور في ملتقى الشارقة الأول للأعمال».
وفي هذا السياق، وبمناسبة تنظيمها لملتقى الشارقة الثاني للأعمال، اصدرت غرفة تجارة وصناعة الشارقة تقريراً تناول ثروات الخليج العربي ودورها في اقتصاد العالم.
وأظهرت دراسة صادرة عن «معهد التمويل الدولي» في مطلع العام الماضي (2011)، أن الاستثمارات الخارجية الخليجية أخذت في التنوع في السنوات الأخيرة، بدلاً من تركزها في الأسهم والسندات والأصول العقارية، لتدخل في أصول الشركات وتمويل المشروعات، والمساهمة في صناديق الاستثمار المغلقة، وصناديق التحوّط، وعمليات الشراء والاستحواذ على الشركات الكبرى.
وذكرت الدراسة أن حجم الاستثمارات الخليجية في الخارج ارتفع في السنوات الأخيرة، نتيجة ارتفاع الفوائض النفطية من ناحية، واتباع دول الخليج لسياسات متحفظة بشأن الإنفاق من ناحية أخرى.
ومعظم الاستثمارات الخليجية في الخارج هي استثمارات خاصة يملكها أفراد من جنسيات خليجية مختلفة، وهي ما بين استثمارات مباشرة متنوعة في العقارات والأراضي والشركات التجارية والمشاريع السياحية وغيرها، وأخرى غير مباشرة في الأسهم والسندات.
وتحتلّ سويسرا وبريطانيا وفرنسا المركز الأول بين الدول الغربية الجاذبة لهذه الاستثمارات، ثم تأتي الولايات المتحدة بعد ذلك، كما توجد استثمارات عربية قليلة في آسيا ولاسيما في ماليزيا وسنغافورة، في حين شرع بعض دول الخليج، ومستثمرون خليجيون أفراد خلال الأعوام الأخيرة، في البحث عن فرص استثمارية واعدة في دول أميركا اللاتينية، وخاصة البرازيل.
ولكن معظم ما يتداوله الاقتصاديون بشأن الحجم الحقيقي لثروة الخليج في الاقتصاد العالمي، لا يعدو أن يكون تقديرات باحثين ومحللين اقتصاديين وبعض المراكز والمؤسسات الاقتصادية، أهمها وأدقها «صندوق النقد العربي»، ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية، و»المؤسسة العربية لضمان الاستثمار». ومع ذلك فحتى هذه المؤسسات تكاد لا تتفق على رقم تقريبي لحجم الأموال الخليجية المستثمرة في الخارج، والسبب الجوهري في ذلك هو طبيعة هذه الاستثمارات نفسها التي يحرص معظم أصحابها على إضفاء طابع السرية عليها، وطبيعة النظام المصرفي العالمي، إضافة إلى طابع السيولة الذي يغلب على معظم هذه الاستثمارات، ولاسيّما غير المباشرة منها، كتلك التي تتم في الأسهم والسندات في البورصات العالمية.
صناديق الثروة السيادية
على أثر الطفرة النفطية الجديدة، وبالتحديد منذ مطلع هذا القرن، استجدّت على الساحة عدة معطيات غيّرت بشكل ملحوظ من طبيعة الاستثمارات الخليجية في الخارج. وأول هذه المستجدات هو تزايد الفوائض المالية بشكل كبير؛ ما أدّى إلى زيادة زخم الاستثمارات عموماً والاستثمارات الخارجية خصوصاً.
كذلك فإنّ الزيادة الأخيرة في الفوائض المالية شجّعت معظم دول المنطقة على إنشاء صناديق الاستقرار المالي، التي تهدف في الأساس إلى تنويع مصادر الدخل وضمان إيرادات مستمرة للأجيال القادمة، إلا أنها في المحصّلة تمثل مبالغ كبيرة مخصصة للاستثمار، وخصوصاً الاستثمار الخارجي في أسواق المال الأجنبية فيما يعرف باسم «الصناديق السيادية».
العدد 3501 - السبت 07 أبريل 2012م الموافق 16 جمادى الأولى 1433هـ