انعقدت «قمة بغداد» في الفترة من 27 إلى 29 مارس / آذار 2012 رغم مراهانات على عدم انعقادها، ونجحت رغم كل الظروف الصعبة التي واجهتها جمهورية العراق. ونحن لا نملك ولن نملك على الآخر رأيه من سلطان، فنحن نعيش ربيع بحبوحة الديمقراطية بكل تجلياتها وإسقاطاتها، ونقبل بالرأي والرأي الآخر.
ما يهم من الأمر... إنها كانت قمة استثنائية بكل المقاييس،لأنها أتت في عصر إرادة الشعوب وهذا بحد ذاته مفخرة للعرب والعراق على حد سواء.
انها قمة الشعوب العربية من حيث الزمان... لكونها عقدت في زمن أحوج ما يبحث فيه الإنسان العربي عن إعادة صيرورة الذات الإنسانية من خلال مراجعة كلية ومستدامة يكون أساسها ومنطلقها عهداً مع فاطر السماوات والأرض وصولاً إلى العهد بين الحاكم والمحكوم في صون الأمانة (الشعب) والحفاظ على وحدة الوطن اعتماداً على منطق حقوق الإنسان والتعددية والسيادة الوطنية وحسن الجوار وتعزيز أمن واستقرار المنطقة.
الإنسانية تعيش لحظة فارقة في تأريخها تتجسد بتقاربها وتداخلها حتى بات العالم اليوم قرية صغيرة نتاجاً للثورة المعلوماتية التي جعلت العالم كله يصبح «اليابان» من حيث التعاطف الإنساني والوجداني جراء كارثة تسبب بها تسونامي في 2011، و تسونامي الشرق الأوسط السياسي «الربيع العربي» الذي لانحصر أثره السياسي بمنطقتنا وحسب، .
إن مبادئنا الإنسانية ومصالحنا المشتركة هي التي تحدد ملامح ودروب ما نطمح إليه من عهد يجسد ديدن البشرية الحقيقي ويرسخ أخلاقيات العمل السياسي على كل الصعد والمستويات. وقد جاءت قمة بغداد بأبعادها ومواقيتها الاستثنائية لترسخ حاجة ملحة في زمن مؤاتي للغاية يتمثل بإعادة اللحمة بين أبناء الجلدة لتنطلق القمة من المكاشفة والمصارحة وتنتهي بالمسامحة، والدلائل كانت شاخصة بعيون وألسنة زعماء العرب يطوي صفحة الماضي وتعامل بعيون المستقبل.
لقد مثلت قمة بغداد 2012 عهداً بين أبناء الشعوب العربية في تقديم كل ما في وسعهم من أجل صياغة المسارات المستقبلية بما يخدم إرادتهم «دوراً وحقوقاً ومسئوليةً» انطلاقاً وتعزيزاً لحقيقة أننا نعيش «لحظة الفرصة» ولا ريب أنها فرصة الشعوب في البحث عن ذاتها وإعادة ترميمها بتجسير وتوحيد وإعلاء إرادتها بعد ما مرت به من ظروف وتجارب قاسية ذاقت على إثرها طعم المرارة... مرارة العيش وسطوة التوسع ونفس العدوانية، حتى حانت لحظة الفرصة للبحث عن دروب تخلصها من شظف العيش وأتون الصراعات الداخلية سبيلاً لبناء الذات الإنسانية بصدق واحترام وحرية.
إقرأ أيضا لـ "نجلاء ثامر محمود"العدد 3500 - الجمعة 06 أبريل 2012م الموافق 15 جمادى الأولى 1433هـ