العدد 3500 - الجمعة 06 أبريل 2012م الموافق 15 جمادى الأولى 1433هـ

كشكول مشاركات ورسائل القراء

الغضَبُ مِفتَاحُ كلِّ شر

تحتل المباحث الأخلاقية مكانةً رفيعةً ومرموقةً بسبب ارتباطها الوثيق بالحياة العامة للإنسان سواء على مستوى وضعه الشخصي أو المرتبط بالمجتمع بشكل عام.

بل نجد أنّ من بين الأهداف الخطيرة والمهمّة والتي يعبر عنها في عصرنا الحاضر بالأهداف الاستراتيجية لبعثة الأنبياء والمرسلين وعلى رأسهم الرسول المصطفى (صلى الله عليه وآله) هو تزكية نفس الإنسان وتهذيبها وتربيتها، حيث تترسخ قيم الشرف والسمو، ويصبح قوام الظاهر والباطن جمال السلوك والآداب الكريمة، وهذا نظير قول الحق سبحانه وتعالى: «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ» (الجمعة: 2) .

ومن أجل هذا أفرد الكثير من أساتذة الأخلاق والباحثين في هذا العلم الشريف الكثير من الأبحاث، وقد سبقهم إليه رب العزة تبارك وتعالى عبر كتبه التي أنزلها على رسله وأنبيائه من أجل هداية البشرية والارتقاء بهم. وأحد هذه الأبحاث المهمة هو بحثهم حول الغضب. لماذا؟

إن المتصفح لصفحات التاريخ البشري يجد أنّ كثيراًَ من الحوادث الخطيرة والخسائر المريرة قد حدثت بسبب هذه القوة التي يقول عنها الإمام جعفر بن محمد الصادق (المتوفى: 148?): «الغَضَبُ مِفتاحُ كُلِّ شِرٍّ» (أصول الكافي، ج2: ص303)، كما أن في ذيل هذه الرواية أيضاً إشارة إلى قضية مهمة تحدث عنها القرآن الكريم وأهل بيت العصمة والطهارة (ع) ألا وهي طلب السجود من الشيطان لأبي البشر آدم (ع)؛ وفيها نكتشف محورية الغضب التي أدت إلى عصيان الشيطان لأوامر الخالق تبارك وتعالى وسقوطه من المرتبة التي رفعه الله سبحانه إليها؛ قال الإمام الصادق (ع): «إن إبليس كان مع الملائكة وكانت الملائكة تحسب أنه منهم وكان في علم الله أنه ليس منهم، فلما أُمر بالسجود لآدم حمى وغضِب؛ فأخرج الله ما كان في نفسه بالحمية والغضب» (جامع الأحاديث، ج13: ص469) .

من خلال التأمل في هذه الراوية نجد أن الغضب سبب رئيس في ارتكاب الجرائم التي من شأنها أن تدمر الإنسان ومجتمعه، كما أن الغضب أحد أسباب السعادة والشقاء والرقي والسقوط التي تحدث عنها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (المتوفى: 40?) في حكمة له حيث يقول: «إنَّ الله خصَّ المَلَكَ بالعقلِ دونَ الشهوة والغضَبْ، وخصَّ الحيوانات بهما دونه، وشرَّف الإنسانَ بإعطاءِ الجميع، فإن انقادت شهوتُهُ وغضَبُهُ لِعقلِهِ صَاَرَ أفضلَ مِنَ الملائكةِ لِوصُولِهِ إلى هذِهِ المرتبةَ مَعَ وجودِ المُنَازِعِ والمَلائكةُ ليْسَ لهُمُ مُزاحم» (جامع السعادات ج1، ص: 34).

الغضب لغة

قال العلامة ابن منظور في لسان العرب (المتوفى: 711?) والعلامة المرتضى الزبيدي في تاج العروس (المتوفى: 1205?) الغَضَب: بالتَّحْرِيكِ، ضِدُّ الرِّضَا. والغَضْبة: الصَّخرة الصُّلبة. قالوا: ومنه اشتُقَّ الغَضَب، لأنَّه اشتدادُ السُّخط.

الغضب اصطلاحاً

قال العلامة المرتضى الزبيدي الغضب: «هو ثَوَرَانُ دمِ القَلْبِ لقَصْدِ الانْتِقَام (تاج العروس - ج2- ص: 282)، وقال العلامة الشريف الجُرجاني (المتوفى: 816 ?) إن الغضب: هو تغيَّرٌ يحصل عند غليان دم القلب ليحصل عنه التشفي للصدر (التعريفات - ص: 209) .

الغضب في التراث الإسلامي

تناولت الكثير من الآيات القرآنية مفهوم الغضب بشكل مباشر أو بذكر علاجه ومن أهم هذه الآيات في هذا المجال هي:

- قوله سبحانه: «وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الاِْثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُون» (الشورى: 37).

في الآية الكريمة حديث عن أوصاف طائفة من المؤمنين الصادقين الذين شملهم الله تعالى برحمته وعنايته الخاصة، تتحدث بعد أن تذكر إيمانهم وتوكّلهم على الله سبحانه أنّهم عندما تشتعل في نفوسهم نيران الغضب يتحرّكون نحو ضبطها والسيطرة عليها ولا يسمحون لأنفسهم بأن يقودها غضبها المتحرر من حكومة العقل والبعيد عن حال التفكر والتأمل في عاقبة الأمور وما ستؤول إليه، ما يعني السقوط في يد الشيطان واستحكام قوى الشر والانفكاك من جميع الضوابط الأخلاقية ومتجاوزة بذلك الموازين الشرعية، وهذا ما صرح به سيد البلغاء والمتكلمين الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (ع) في الكثير من لآلئ حكمه كما يرويها القاضي أبوالفتوح الآمدي (المتوفى: 510?) في كتابه «غرر الكلم ودرر الكلم» حيث يقول: «أَعدَى عَدُوٍّ لِلمَرءِ غَضَبُهُ وَشَهوَتُهُ، فَمَنْ مَلَكَهُما عَلَتْ دَرَجَتَهُ وَبَلَغَ غايَتَهُ»، وفي حديث آخر له (ع): «إِيَّاكَ وَالغَضَبَ فَأَوَّلُهُ جُنُونٌ وَآخِرُهُ نَدَمٌ».

الآية الثانية: قوله سبحانه تعالى: «وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن ربِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الُْمحْسِنِينَ» (آل عمران: 133 و134) .

تتحدث الآيات عن المسارعة إلى طلب المغفرة الربانية والرحمة الإلهية وتحصيل النِعمِ والعطايا المجموعة في جنةٍ عرضها السماوات والأرض، وهي مما ادخره الله لعباده الذين وصفهم في ذيل الآية الأولى بالمتقين، ثم كشف عن بعض جوانبهم والأوصاف التي يتصفون بها في الآية الثانية بصفة الإنفاق وكظم الغيظ والعفو.

ثلاث صفات تحمل قيماً أخلاقيةً ساميةً من شأنها أن تبلغ بالإنسان الجنان الواسعة، بل وأكثر من ذلك هو محبة الله العظيم جلا وعلا، وهي النعمة والدرجة التي لا تضاهيها نعمة ودرجة، ومضافٌ على أن الله سبحانه وصف هؤلاء بالمتقين في ذيل الآية الأولى نجده سبحانه يصفهم في آخر ذيل الآية الثانية بالمحسنين.

فصفة الإنفاق: تشتمل على الإنفاقين المادي والمعنوي وهي من أبرز علائم التقوى، وأحد أبرز الصفات الإنسانية والسمات الأخلاقية القائمة على روح التضحية والبذل والعطاء، وهي غير منحصرة في بذل المال فقط، بل ساريةٌ في كل ما وهبه الله للإنسان من نِعمٍ وخيرات، من دون حدٍ معين لهذا الإنفاق.

وأما صفة كظم الغيظ: ففي اللغة «الكظم» هو شد رأس القربة عند ملئها، أي ربْطٌ على فم القربة الممتلئة بالماء حتى لا يخرج منها شيء، استعملت كنايةً عمَّن يمتلئ غضباً ولكنهُ لا ينتقم، وأما «الغيظ» فهو شدة الغضب. وهذا مما يهتم به الأخلاقيون حيث يوصون باتخاذه منهجاً وسلوكاً في علاج الغضب الذي يُعتبر – كما أسلفنا - حالة من الحالات الخطيرة التي تعتري الإنسان والتي إن لم يَكبح جماحها أودت به في المخاطر والمهالك، وهذا هو التاريخ يُحدثنا عن الكثير من الحالات التي انتهت إلى كوارث امتدت سنين طويلةً نشير إلى بعضها لاحقاً.

صفة العفو: على رغم أن كظم الغيظ أمرٌ حسنٌ جداًَ ومطلوب، إلا أنه يستوجب صفة نبيلة أخرى هي «العفو»، وهي مما مدحه الله تعالى ذكره وندب إليه حيث يقول: «وليعفوا وليصفحوا» (النور: 21) . وقال سبحانه: «وإن تعفوا أقرب للتقوى» (البقرة: 237) ، وقال رسول الله (ص): «العفو لا يزيد العبد إلا عزاً، فاعفوا يعزكم الله». وفي حديث آخر له قال (ص) لأحد أصحابه: «ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة: تصل من قطعك وتعطى من حرمك وتعفو عمن ظلمك»، كما ورد فيما ناجى فيه نبي الله موسى الحق تعالى: «يا ربِّ أيُّ عبادِكَ أعزُّ عليك؟ قال: الذي إذا قَدَرَ عَفَى». (أصول الكافي: باب العفو).

وهنا إشارة يشير إليها أحد الفقهاء والمفسرين المعاصرين مفادها أن العفو والصفح هو عن من يستحقون العفو، لا عن الأعداء المجرمين الذين يحملهم العفو والصفح على مزيد من الإجرام، والإمعان في ارتكاب الجرائم.

ليرتقي إلى درجة أعلى ومرتبة أسمى في سلم التكامل المعنوي، وهي الإحسان والبذل إليه. وهذه الخطوة الأخيرة هي بمثابة تطهير للقلب من آثار العداء وقضاء على ما تبقى من خصومة، خطوة تقرب القلوب حاضراً وتمنع الإساءة مستقبلاً. إنها سلسلةٌ تكامليةٌ أول حلقاتها الإنفاق وكظم الغيظ والعفو، ونهايتها الإحسان المستوجب لحب الله سبحانه وتعالى.

الحروب من أخطر نتائج الغضب

أجمع المؤرخون والنقّاد أن الحروب والنزاعات من مميزات العصر الجاهلي حيث تقوم هذه الحروب وتشتعل النزاعات لأتفه الأسباب والأمور، بقيادة للغضب والعصبية التي فجرت العداوات وجعلت من طلب الثأر وإن كان مبنياً على الباطل حقا مقدساًَ، ومن هذه الحروب التي تُعدّ من أطول الحروب التي خاضها العرب وعاشوها هي حرب داحس والغبراء بين قبيلتي عبس وذبيان، وحرب البسوس بين قبيلتي بكر وتغلب، أما في العصر الحديث فالحروب كثيرة إلا أن أخطرها هي العالمية الأولى التي قامت في أوروبا وامتدت إلى باقي دول العالم لتدوم أربع سنوات (1941 - 1918م) مخلفةً وراءها خسائر بشربة بلغت أكثر من ثمانية ملايين قتيل، ومادية مثل: إتلاف المحاصيل الزراعية والقضاء على المواشي وتدمير مئات آلاف المنازل وآلاف المصانع إضافة إلى الأضرار البليغة بالسكك الحديد ومناجم الفحم.

أما بالنسبة للحرب العالمية الثانية فكانت أكثر شراسة من الأولى، فكانت بدايتها (1 سبتمبر/ أيلول 1939م) ونهايتها في (2 سبتمبر 1945م) حيث شاركت فيها سبعون دولة شنّت خلالها معارك جوية وبحرية وبرية ما يعني سعة البقعة الحربية، وهذا ما جعلها من الحروب الأكثر كلفة في تاريخ البشرية، فكانت الخسائر في الأرواح ما بلغ زهاء (62 مليون) شخص بين عسكري ومدني نصفهم من المدنيين العُزل وذلك نتيجة للقصف الجوي وتعرضهم لعمليات الإبادة والتعذيب في معسكرات الجيوش، فضلاً عن الآثار التدميرية التي لحقت بهم للأسلحة المختلفة.

ولو تأمل الإنسان في هذه الكوارث والحروب التي دمرت حضارة الإنسان وأزهقت روحه وأحرقت أرضه لوجد أن أحد أخطر وأهم الأسباب هو الغضب وموارده.

أسباب ودوافع الغضب

العُجبُ والتكبُّر: قال العلامة النراقي (المتوفى: 1209 ?) في تعريفهما: هو عزة وتعظيم يوجب رؤية النفس فوق الغير واعتقاد المزية والرجحان عليه، فهو يستدعى متكبراً عليه. وبه ينفصل عن العجب، إذ العجب مجرد استعظام النفس من دون اعتبار رؤيتها فوق الغير، فالعجب سبب الكبر والكبر من نتائجه. كما روي في كتاب عيون أخبار الرضا (ع) عن الإمام الصادق (ع) أن الحواريين قالوا لنبي الله عيسى (ع): «يا مُعَلمَ الخَيرِ، عَلِّمنا أَيّ الأَشياءِ أَشَدُّ؟ فَقَالَ (ع): أَشَدُّ الأشياء غَضَبُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالُوا: فَبِمَ يُتَّقى غَضَبُ الله؟ قَالَ: بِأَنْ لا تَغضَبُوا. قالُوا: وَما بِدء الغَضَبِ؟ قال (ع): الكِبرُ والتَّجبُّرُ وَمَحقَرَةُ النّاسِ». (بحار الأنوار، ج14: ص287).

- الغرور: وهو من مقتضيات قوتي الشهوة والغضب، وفيه يقول الإمام الصادق (ع): المغرور في الدنيا مسكين، وفي الآخرة مغبون، لأنه باع الأفضل بالأدنى.

- الحسد والحقد: وهما من أشد الأمراض الأخلاقية خُبثاً وأكثرها خطورة حيث يورثان الكراهية والضغينة، والاعتقاد والسلوك السلبيين، فضلاً عن عقوبة الدنيا وعذاب الآخرة، وفي هذا المورد تضافرت الكثير من النصوص مثل قوله جلَّ وعلا: «وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ» (الفلق: 5) . وكذلك قول المصطفى (ص): «دبَّ إليكم داء الأمم من قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضة هي الحالقة، لا أقول حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين» (المجازات النبوية: 178) .

أما علماء النفس نجد بعضهم يُصنفون الاضطرابات العقلية كالإصابة بالهوس (Mania) أو الوهم (Delusion)، أو غيرها - من الأسباب غير الواقعية والحقيقة - من شأنها أن تُحدث حالة من الغضب الشديد الذي قد ينتهي بصاحبه إلى درجة العدوان والتدمير وارتكاب الجرائم الخطيرة في حق نفسه ومجتمعه.

سُبُل الوقاية من أخطار الغضب:

اختلف العلماء فيما بينهم حول إمكانية التخلص من القوّة الغضبية لأنه كما ورد عنهم مقتضى الطبع الإنساني، مضاف على هذا الأمر أنّ قوّة الغضب لا تعتبر شرّاً دائماً في الإنسان ولا تمثّل عنصراً سلبياً في دائرة سلوكه، من حيث إنها تتحول في بعض الموارد كالشجاعة والانتصار للمظلوم إلى قوّة إيجابيةٍ ومثمرةٍ وبنّاءة. والحديث هنا منصب على الجانب السلبي من هذه القوة التي لابد من علاجها أو لا أقل تهذيبها وفيها أمور:

- الوقوف على الأسباب والعوامل المحفزة للغضب كالعُجب والغرور والحسد ومحاولة التخلُص منها.

- التأمل في المخاطر التي من شأنها أن تدمر الإنسان ومن حوله من خلال النصوص الدينية والحوادث والأخبار والكتب التي صنّفها علماء النفس والاجتماع في هذا الصدد.

- العِبرة والاعتبار بما ورد من مدح وثواب وذم وعقاب بشأن الغضب وموارده، كقول النبي الأعظم (ص): «من كفَّ غضبه عن الناس كف الله تبارك وتعالى عنه عذاب يوم القيامة» (شرح أصول الكافي، ج9: ص 315)، أو قول الإمام محمد بن علي الباقر (ع): «مكتوب في التوراة فيما ناجى الله به موسى: أمسك غضبك عمَّن ملَّكتُك عليه أكُفُّ عَنَكَ غَضبي» (وسائل الشيعة، ج15: ص360) .

موعظةٌ وعِبرة:

روي أنّ جارية لعلي بن الحسين (ع) جعلت تسكب عليه الماء ليتهيأ للصلاة، فسقط الإبريق من يدها فشجّه فرفع رأسه إليها، فقالت له الجارية: إنّ الله يقول «والكاظمين الغيظ»، فقال لها: كظمت غيظي، قالت: «والعافين عن الناس»، قال: عفى الله عنكِ، قالت: «والله يحبّ المحسنين» فقال لها (ع): فاذهبي فأنتِ حرّة لوجه الله. (تفسير مجمع البيان، ج2: ص393)

ومسك الختام مع مقطع من دعاء للإمام علي بن الحسين السجاد (ع) يقول فيه: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَيجانِ الحِرصِ وَسُورَةِ الغَضَبِ وَغَلَبَةِ الحَسَدِ وَضَعُفِ الصَّبرِ وَقِلَّةِ القَناعَةِ» (الصحيفة السجادية). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أحمد عبدالله


كلمة تأبين بحق السيدحميد السيدمحفوظ

قال تعالى «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون» يصادف هذا اليوم ذكرى مرور سنة على ذكرى فقيدنا الغالي السيدحميد السيدمحفوظ (أبو سيدحسن) الذي فقدناه في ظروف غامضة بتاريخ 6 أبريل/ نيسان 2011م في ظل الأحداث الدامية التي شهدتها البحرين منذ مطلع فبراير/ شباط 2011م.

لقد كان أبو سيدحسن رحمة الله عليه إنساناً هادئ الطبع صاحب خلق وطيبة وبشاشة، الابتسامة لا تفارق شفتيه، دائما يظهر منه حسن النية في المعاملة والتسامح مع الآخرين، لا يكن شرا أو ضرا لأحد، ليس له أعداء أحب الجميع وأحبوه وخلد في الذاكرة يستحيل النسيان روحه باقية خالدة في أهله وأبنائه واخوانه وعشيرته وأصحابه وكل من عرفه.

أعطى للناس وللمنطقة الشيء الكثير وذلك لقيامه بالتيسير ومساعدة الناس من خلال ملكيته مع اخوانه في المؤسسة التجارية التي يديرونها وأيضا من خلال الأعمال والمواقف التي كان يقوم بها، كان ممن يعمر مساجد الله حيث عمل مع احد أقربائه على هدم وإعادة بناء المسجد الوسطي في القرية واستمر في القيام على صيانته وتلبية جميع احتياجاته حتى وفاته، تمكن من خلال متابعاته الحثيثة المستمرة مع إدارة الأوقاف الجعفرية من إدراج مشروع هدم وإعادة بناء مسجد العين على مشاريع خطة وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف العام 2013م، شارك مع مجموعة من أبناء القرية في تأسيس صندوق سار الخيري وكان عضواً فعالاً في مجلس الإدارة لأكثر من دورة وتمكن من لعب دور حيوي بارز ورئيسي في مختلف أنشطة الصندوق وفعالياته في سبيل مساعدة الناس وتلبية احتياجات المنطقة من خدمات.

فقيدنا العزيز لك منا السلام ونستميحك عذرا، إن مأساة رحيلك عنا أتت فجأة دون أن يسمح لنا القدر والزمن أن نودعك، لقد اغتالوك في ليل دامس موحش، قتلوك واخفوا حقيقة قتلك وقاموا بوضع جثمانك الطاهر بعد الاعتداء عليه بالضرب والخنق في كيس اسود كبير من البلاستيك لُقي ملقى في صبيحة اليوم الثاني في مكان مظلم في مدخل شارع القرية خلف مجمع العزيزية بالقرب من محطة البنزين واستقبلنا خبر استشهادك كالصاعقة علينا في حالة من الذهول والحزن والالم، حقا لقد اوجع وافجع قلوبنا فراقك ولكن ليس باليد حيلة فقضاء الله قد نزل ونحن والحمد له مؤمنين بقضائه وقدره، ولكن ماذا نقول فالفراق صعب وفراقك يا أبو سيدحسن اصعب ورحيلك بهذه الطريقة المؤلمة وبعجالة قد ترك في نفوس كل الذين عرفوك عن كثب لوعة وفي قلوبهم غصة لن تزول ابدا. يصادف هذا اليوم مرور سنة على رحيلك ايها السيد وستتلوه اعوام قادمة واعلم ان رحيلك جسدا ترك في قلوبنا جرحاً عميقاً لن يندمل، وثق ان كيانك وروحك التي بين جنبيك لم تفارقنا لحظة وابتسامتك وصوتك وملامح صورتك لم تغب عن محيطنا ولم تفارق مخيلتنا في كل اوقاتنا نتذكرك باستمرار، موجود بيننا ولو غيبك التراب عن الحياة، ونحن نعلم انك حي عند الذي يحيي ويميت، وانك حي بابنائك واخوانك واهلك وعشيرتك، ولا نملك نحن اهلك ومحبيك يا ابو سيدحسن الا التضرع بالدعاء لك بالمغفرة والرضوان وان يرحمك الله بواسع رحمته ويسكنك فسيح جناته.

علي عبدالعزيز العمران

العدد 3500 - الجمعة 06 أبريل 2012م الموافق 15 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً