في الدول المتقدمة يعاقب كل من يعرقل عمل الصحافي في الحصول على المعلومات بغرامة مالية «لما يسببه حجب المعلومات من أضرار». فيما نصت جمعية الصحافيين المحترفين على أن المسئولية في العمل الصحافي هي: حق الجمهور في أن يعرف عن الحوادث التي لها أهمية عامة أو مصلحة عامة. كما أن هدف توزيع الأخبار ونشرها هو تنوير الرأي العام بغرض خدمة الرفاهية العامة. وإن الصحافيين الذين يستخدمون وضعهم المهني كممثلين للجمهور لأغراض شخصية أو أنانية أو لدوافع أخرى غير جديرة بالمهنة يخرقون هذه الثقة الغالية التي منحهم إياها الجمهور.
على ذلك، فإن «بندرغيت» تضع المسئولية على كاهلنا في الصحافة للمطالبة بمعرفة ما يجري حولنا وتنوير المجتمع بالحقيقة. كما تدفع الجمعيات الحقوقية والسياسية الوطنية للمطالبة بالمزيد من البحث والتحري والتقصي وتشكيل لجنة تحقيق أو مثول «البندر» أمام القضاء لمصلحة العدالة وإظهار الحقيقة للناس.
في «بندرغيت» أعتقد أن المطلوب كإجراء مؤقت تنحية من أشار إليهم التقرير جانباً عن الإشراف على العملية الانتخابية. وكإجراء موضوعي تقوم دولة القانون والمؤسسات والقضاء العادل، بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة أو إقامة محاكمة عادلة يطلع فيها الجمهور البحريني على جميع تفاصيل هذه القضية العامة.
أما تهديد وملاحقة بعض الجهات، لبعض الصحافيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان، وتوعدهم تارة بطريق غير مباشر كالتلميح، وأخرى بطريق مباشر كتوصيل الرسائل، كما جرى لي شخصياً من تهديد بـ «قرصة إذن» كما يقولون، فإن ذلك لن يكون إلا ضمن دائرة «يكاد المريب أن يقول خذوني»!
التهديد والوعيد لن يثني الصحافي عن محاولاته في كشف الحقيقة للجمهور، وتتبع خيوط الفساد واستخدام المال السياسي من أجل التأثير على مخرجات الانتخابات والسياسة التشريعية للبلد، بل هذا التهديد والوعيد هو ما يزيد الصحافي قوة وعناداً في تلبية الحاجة اللحوحة لكشف رؤوس الفساد والتلاعب بالمواقف السياسية والتزوير، والانخذال التام عن الحقوق المشروعة للشعوب.
التهديد والوعيد هو دليل على ضعف الحجة وقلة الحيلة وانغماس البعض حد الركب في مستنقع الفساد السياسي وبيع الذمم. وهو علامة على تورط ما بعده تورط في مأزق «بندرغيت».
لسنا خائفين ولسنا مستعرضي عضلات، لكننا باحثون عن الحقيقة وسنظل نبحث عنها ولا نريد شيئاً غير الحقيقة. ولن يرهبنا تهديد، ولن نركع إلا لله كما تربينا من سني الطفولة في أزقة و«دواعيس» المحرق الشماء، التي جبلنا فيها على رفع الرأس عالياً أمام كل تهديد ووعيد بل واعتداء جسدي، كالذي يهددوننا به. لن نقف مكتوفي الأيدي أمامهم بل لدينا وسائلنا المختلفة.
استمرار المطالبة بكشف الحقيقة وإظهار العدالة أمام الرأي العام، إما بإدانة أو تبرئة من وردت اسماؤهم في التقرير هو أمر غاية في الأهمية، فالمسألة أكبر من المبالغ النقدية التي صرفت؛ المسألة هي بيع وشراء ذمم، واتهامات بالارتزاق على حساب الحقوق الشعبية، وممارسة أعمال تجسسية مخابراتية... لا نريد إلا الحقيقة. وسنظل نطالب بها مهما كلفنا الأمر
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1485 - الجمعة 29 سبتمبر 2006م الموافق 06 رمضان 1427هـ