العدد 1484 - الخميس 28 سبتمبر 2006م الموافق 05 رمضان 1427هـ

مسابقة الحاج حسن العالي... قصة كفاح!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لأول مرةٍ منذ عشرة أيام، قرّرت التوقف عن الحديث عن الصحافيين المرتشين والمخبرين والحقوقيين المزيّفين و«الجواسيس» الأجانب المتسللين إلى أجهزة الدولة لضرب الوحدة الوطنية! والتوقف المؤقت هو للحديث اليوم عن رجلٍ صالحٍ نبت من تراب هذه الأرض، بدأ حياته فقيراً، يعمل في الفلاحة ويكسب عيشه لمساعدة والده في إعالة أسرته وهو صبيٌ لم يتجاوز التاسعة. كان يقضي سحابة نهاره جرياً وراء الكسب الحلال، يتنقل بين قريته (عالي) وبين جزيرة سترة، يوم لم يكن هناك الجسرٌ الذي يربط بينها وبين الجزيرة الأم الكبرى، ينقل المحاصيل الزراعية إليها ويعود بالأسماك منها ليلاً، متنقلاً بين القرى في زمن ما قبل الكهرباء،كما جاء في الكتيب التعريفي بالمسابقة.

ومن المحاصيل الزراعية انتقل إلى صناعة الفخار و«النورة» (مادة البناء ما قبل دخول الاسمنت)، لتتجه أعماله نحو المنامة، ولتتوسع مجالات عمله، خطواتٍ موفقةً، توّجتها مساعدته لوالده مادياً لأداء فريضة الحج.

ومن النورة والفخار انتقل في نهاية الثلاثينات إلى الشاحنات الثقيلة ونقل الدفان، ومع الأيام أخذ يتوسع في شراء الشاحنات وتوظيف مزيدٍ من السواق للعمل عليها.

في حياة هذا الرجل الأميّ الذي لم يتلق من العلم غير قراءة القرآن، وفي القرآن خيرٌ عظيمٌ، هناك جانبان يلفتان النظر: الأول حرصه على تعليم أبنائه السبعة وبناته الأربع، حتى حصلوا على درجاتٍ علميةٍ عالية. أما الجانب الآخر فهو ان انتقاله من طبقة اجتماعية إلى طبقةٍ أعلى وأغنى، لم يبعده عن الطبقات الاجتماعية الكادحة التي نشأ بينها، وظل حريصاً على مد يد المساعدة إليها، في صورةِ أعمالٍ خيرية، وبطريقةٍ مؤسساتيةٍ منظمة، بلغت ذروتها في بناء مساكن للمحتاجين وابتعاث أبناء الأسر الفقيرة للدراسة الجامعية، في محاولةٍ مقدّرَةٍ لكسر حلقة الفقر، وبذلك قدّم نموذجاً مشرّفاً لرجل الأعمال الوطني الكريم.

الرجل الذي توفي في الخامس من سبتمبر/ أيلول 2003، عن 82 عاماً، يحتفل أبناء قرية بوري (جارة عالي) بتنظيم مسابقةٍ ثقافيةٍ سنويةٍ للعام الثالث على التوالي، تخليداً لذكراه، ويشارك فيها هذا العام أكثر من ثلاثين فريقاً من مختلف مناطق البحرين، من سار وبني جمرة إلى الجسرة والزلاق.

في افتتاح المسابقة مساء الأربعاء، بصالة مدرسة بوري للبنات، تذكرت المثل الشعبي: «ريحة العود تروح، وريحة الطيبين ما تروح»، فالرجل مضى إلى لقاء ربه كما سيمضي الجميع، ولكن بقيت أعماله الطيبة يذكرها الكثيرون

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1484 - الخميس 28 سبتمبر 2006م الموافق 05 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً