المؤكد أن الرحمة ليست من صفات المصارف التجارية العاملة في البحرين. ومرجعنا في ذلك عدم تقدم أي مصرف بعرض تأخير دفع القسط أثناء شهر رمضان المبارك. حتى الماضي القريب عمدت بعض المؤسسات المالية (ربما بسبب المنافسة) على عرض تأخير دفع قسط القرض الاستهلاكي خلال الشهر الفضيل.
كل المطلوب هو أن يتقدم أحد المصارف بعرض من هذا النوع الأمر الذي قد يساهم في تشجيع المصارف المنافسة لذلك المصرف على أقل تقدير بعروض مماثلة. لكن يبدو بأن الرحمة باتت فعلاً منزوعة من قلوب جميع المصارف التجارية.
قروض ضخمة
يشار إلى أن حجم القروض الاستهلاكية المقدمة من قبل المصارف كبير وخطير لأقصى حد ممكن الأمر الذي يستوجب نوعاً من الشفقة على المقترضين لمدة شهر واحد ليس أكثر خلال السنة. وللوقوف على جوهر القضية لا بأس بالإشارة إلى آخر الأرقام المتوافرة بخصوص القروض المديونية الاستهلاكية. فقد بلغ مجموع القروض تحديداً 2856 مليون دينار مع نهاية الفصل الثاني للعام 2006. ويمثل هذا الرقم زيادة قدرها 118 مليون دينار مقارنة بالفصل الأول من العام الجاري.
تشير الأرقام إلى استمرار استحواذ القروض الشخصية على أكثر من 45 في المئة من مجموع التسهيلات المصرفية للمصارف التجارية. فقد بلغت قيمة القروض المقدمة للأفراد 1297 مليون دينار مع نهاية الفصل الثاني من العام الجاري. وعليه شكلت زيادة القروض المقدمة للأفراد على 52 في المئة من نمو مجموع القروض في الربع الثاني. تشمل القروض الشخصية تلك الممنوحة لتمويل السيارات والتمويل العقاري.
ويكمن سر ميل المصارف للقروض التجارية إلى قدرتها على فرض معدلات فائدة عالية نسبياً وعلى الخصوص مقارنة بالودائع. فيما يخص الربع الثاني من العام الجاري، دفعت المصارف فائدة قدرها 4.5 في المئة للودائع الطويلة الأجل وهي الأعلى مقارنة بنحو 10 في المئة نسبة الفائدة المفروضة للقروض المقدمة بضمان السيارات. أما نسب الفوائد المفروضة على بطاقات الائتمان فحدث ولا حرج حيث أنها تزيد عن 20 في المئة.
قسط بطاقات الائتمان
كما نرى من الصواب أن تقوم الشركات الصادرة لبطاقات الائتمان على تأخير القسط الذي يحل في شهر رمضان المبارك. كما أسلفنا تفرض الجهات الصادرة لبطاقات الائتمان نسبة فائدة عالية جدا على الأرصدة المنقولة. فقد حافظ متوسط الفائدة على بطاقات الائتمان على مستواه المرتفع (أي أكثر من 20 في المئة). بالمقارنة بلغ متوسط الفائدة على بطاقات الائتمان أقل من 17.5 في المئة في العامين 2003 و2002.
حقيقة نرى أن سياسة تأخير القسط يخدم مشروع رفع شأن قطاع الخدمات المالية في البلاد. يذكر أن قطاع الخدمات المالية ساهم بنحو 28 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبحرين في العام 2005. وتعتبر هذه النسبة الأعلى بين كل القطاعات الأخرى بما فيها النفط والغاز.
صحيح أن شهر رمضان بدأ ولم يتقدم أي مصرف بعرض تأخير القسط. لكن الفرصة مازالت موجودة لتأخير القسط والذي سيحل قبل أو مباشرة بعد عيد الفطر السعيد. فهل يسمع هذا الشعب الطيب أخباراً طيبة من المصارف التجارية في الأيام المقبلة؟ هذا ما نرغب قراءته على صدر الصحف في الأيام المقبلة
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1484 - الخميس 28 سبتمبر 2006م الموافق 05 رمضان 1427هـ