العدد 1484 - الخميس 28 سبتمبر 2006م الموافق 05 رمضان 1427هـ

لي كوان يو يحول سنغافورة في ثلاثة عقود من جزيرة فقيرة إلى مركز تجاري عالمي

تدين سنغافورة بنهضتها الحديثة إلى زعيمها الفذ لي كوان يو الذي تسلم رئاسة الوزراء منذ استقلال بلاده العام 1959 حتى العام 1990 وتمكن خلال 31 عاماً من تحويل الجزيرة النائية إلى أهم مركز تجاري ومالي في العالم.

ونتيجة لسياسات لي كوان المولود العام 1932 الحكيمة أصبحت سنغافورة من كبرى الأسواق المالية التي تضم أكثر من 700 مؤسسة اجنبية و60 مصرفاً تجارياً إضافة الى بورصة مزدهرة لتبادل العملات الصعبة بحدود 60 مليار دولار.

وحققت بفضل هذه السياسات نجاحاً ونموا هائلا في اقتصادها ومعالجة مشكلاتها المستعصية وتضاعف الناتج المحلي الاجمالي 40 مرة وقفز من 2.1 مليار دولار العام 1960 إلى 86.8 مليار دولار العام 2002.

كما ارتفع نصيب الفرد من هذا الناتج ليصبح من اعلى المعدلات في العالم ويصل الى 20 ألف دولار سنويا مقارنة بـ 435 دولاراً فقط العام 1960.

ووضع كوان نصب عينيه تحويل بلاده من جزيرة متهالكة يسكنها الفقراء وتعاني من الفقر وتدني مستوى التعليم وارتفاع معدلات البطالة وتنعدم فيها الموارد الطبيعية الى دولة حديثة وشرع في اضخم عملية تعمير شهدها التاريخ.

وكان هدف رئيس الوزراء خروج سنغافورة من محنتها وتجاوز المشكلات والتحديات التي تواجهها باتباع سياسات اقتصادية حازمة وصارمة وغرس قيم الاحساس بالواجب والجدية بالعمل والتسامح الديني بين نفوس مواطنيه ومحاربة التسيب والمخدرات التي كانت متفشية بشكل مرعب.

وبدأ بانشاء (مجلس التنمية الاقتصادية) وأعطى الجهاز الحكومي منذ عام صلاحيات واسعة لتطبيق ومتابعة وتطوير الاقتصاد السنغافوري وتشجيع الصناعات المحلية.

وتمثلت الاصلاحات الواسعة بتشجيع القطاع الخاص وتوسيع القاعدة الاقتصادية وتنمية التبادل التجاري وتدفق الاستثمارات الاجنبية ومنذ ذلك الحين تطور الاقتصاد السنغافوري ونما بشكل مطرد من دون توقف بفضل سياسة لي كوان وحرصه على تركيز القوة العاملة في مجال الخدمات وقطاع التجارة والصناعة.

وعلى رغم الركود الاقتصادي الذي منيت به الدول الآسيوية العامين 1998 و2001 فإن معدل البطالة في سنغافورة ظل منخفضا وكذلك معدل التضخم.

وفي العام 2004 اختار الملتقى الاقتصادي العالمي سنغافورة ضمن العشرة الاوائل لأكثر أسواق المال العالمية تقدما بسبب المناخ الاستثماري والنظم السارية والتطور الكبير الذي تشهده ومن أبرز شركائها التجاريين الولايات المتحدة الاميركية واليابان وماليزيا والصين والمانيا وتايوان وهونغ كونغ وتشعر مصارف الشرق الأوسط الموجودة في سنغافورة بالارتياح في ممارسة نشاطها فيها وتعتبرها مركزا مهماً لتغطية باقي دول المنطقة اضافة إلى استراليا ونيوزيلندا باعتبارها قاعدة لخدمة التجارة المتنامية بين آسيا والشرق الأوسط.

واستوعبت سنغافورة في زمن قياسي كل متطلبات العصر واضحت واحدة من أغنى أغنياء بلدان آسيا والعالم أيضا وقفز سكانها من 150 الف شخص العام 1819 إلى 3.7 ملايين نسمة معظهم من المهاجرين الذين وفدوا لهذه الجزيرة التي كانت خاضعة للامبراطورية البريطانية.

ويتغذى الاقتصاد السنغافوري على الصناعات المحلية اما الاراضي الزراعية فتشكل أقل من 10 في المئة فقط من اجمالي مساحة سنغافورة البالغة 648 كيلومتراً مربعاً.

ومنذ الستينات انطلقت نهضة صناعية شملت كل القطاعات ومنها المنتجات الكيماوية والبلاستيكية والمطاطية والفولاذية والتجهيزات الالكترونية والصيدلانية والصناعات الغذائية.

وتعتبر سنغافورة حاليا من اكبر مصدري اسطوانات الكمبيوتر في العالم وواحدة من اهم مراكز صيانة السفن في العالم وتؤمن احتياجاتها الى الطاقة من 4 مفاعلات كهروحرارية يصل انتاجها الى نحو 25 مليار كيلوواط.

كما تقدم خدمات مالية لمعظم بلدان المنطقة وهو ما يشكل 27 في المئة من دخلها القومي ولديها مؤسسات اعلامية متقدمة تتمثل في 9 محطات راديو و3 شبكات تلفزيون و8 صحف محلية تخضع لرقابة شديدة وصارمة من السلطات المحلية.

ويقطن سنغافورة شرائح مختلفة من السكان غالبيتهم صينيون ويشكلون نسبة 78 في المئة ثم ماليزيون ويمثلون نسبة 14 في المئة وغالبيتهم مسلمون والنسبة المتبقية من الهنود.

وتتألف سنغافورة من 59 جزيرة صغيرة متناثرة عند الطرف الجنوب شرقي من شبه جزيرة (ملقة) أما جزيرة سنغافورة فتنفصل عن ماليزيا بمضيق (جوهر) عند الشمال.

واستعمر الانجليز هذه الجزيرة العام 1819 وعملوا على تحويلها من قرية صيادين بائسة الى مدينة حديثة لحساب شركة (الهند الشرقية) ثم نالت استقلالها العام 1959 واصبحت تابعة لمنظومة الكومنولث وعضوا في الامم المتحدة واختارت النظام الجمهوري.

وفي العام 1826 عرفت سنغافورة واسمها الاصلي (توما سيك) رخاء قياسيا بفعل اهتمام دول الاستعمار الاوروبي بالوصلات والمضائق البحرية وخصوصا بعد افتتاح قناة السويس العام 1869 إذ يعد موقعها حيوياً واستراتيجياً لأنه يصل المحيط الهندي غربا وبحر الصين شرقا ما ادى إلى تدفق الهجرات السكانية اليها من مختلف العرقيات

العدد 1484 - الخميس 28 سبتمبر 2006م الموافق 05 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:37 م

      رجال صنعت امم و سفهاء حطموا بلادهم

      تحية من القلب لرجل عظيم اسمه لي كوان يو استطاع في ثلاثة عقود دفع بلاده من حيز التخلف الي قمة العالم وكذلك تحية لكل من شابهه في حبه لوطنه وسعيه الجهيد لرفعة شأن بلاده هذا مع ما يعتصر القلب من حسرة على بلاد العرب اذ انه في نفس الحين نرى اشباه رجال تولوا المنطقة العربية فاغرقوها في الفساد وجعلوها مستنقع لكل نفايات العالم الاخلاقية والمادية لا اراح الله لهم نفسا ولا بدنا لا في الدنيا و لا في الاخرة جزاءا وفاقا على ما فعلوه بأمتهم و ببلادهم فلا يكفينا كونهم في مزبلة التاريخ

اقرأ ايضاً