الأيام تمضي والحصار يتعاظم والتحركات المناوئة تتزايد والمارد الفلسطيني الذي أطلقه صندوق الاقتراع في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي مازال صامدا يتحدى الآلة الإسرائيلية العسكرية والمؤتمرات الغربية الأميركية، إضافة إلى القوى الداخلية التي خذلها الصندوق وطالبها بإفساح المجال أمام ضمير الشعب وإرادته الصادقة ليواجه العدو المتعدد اللهجات والأهداف.

ومع ذلك لانزال نعيش أتون الفتن المدمرة والتي تغذيها وتفعلها تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، والحقيقة المروعة يدركها كل ذي بصيرة مهما اتسعت المسافات الفاصلة، فلا ادري لمصلحة مَنْ هذه الفتن المفتعلة؟! فالفلسطينيون في حاجة إلى وضع آلية توحدهم لمواجهة شراسة عدوهم. كما أنهم في وضع يستحق تشابك الأيدي وصفاء النفوس والإيمان بأن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وأهم من الأشخاص.

ربما كانت الحقيقة التي يصعب الاعتراف بها أن المارد الفلسطيني يجيد المناورة والحوار باعتباره طبقة مثقفة علمياً ويمتلك قوة إيمان لا يمكن لقوة على الأرض أن تزعزعها ولديها إرادة فولاذية تتحمل أعتى الصدمات، فهل يعقل لمن تجتمع فيه هذه الصفات وما يمتلكه من رصيد شعبي لا يتحمل الويلات ويتجرع مرارة العدوان وهو صامد؟! المتابع لمسيرة الحوادث الفلسطينية يلمس الخطوط التي سبقت التصعيد وافتعال الأزمة بالتسميات التي أطلقت على الكثير من الشخصيات التي تلهث وراء السلام الوهمي الذي يحقق لـ «إسرائيل» الأمن والأمان فهناك المستشار والناطق الرسمي والممثل الشخصي والنائب الذين زاروا فلسطين لغرض «السلام». ولعل من تابع زيارة وزير خارجية اسبانيا لغزة ولقاءه مع الرئيس محمود عباس ثم مع رئيس لجنة الداخلية بالمجلس التشريعي ومن ثم لقاءه وزير... الخ، واللقاءات الكثيرة التي يصعب حصرها، تجعلك تدرك أن هذه التحركات المريبة لإسقاط المارد بحفرة الرواتب والاقتصاد المتدهور لن تجد طريقها لتحقيق مآربها، فالأيام المقبلة ستحمل لنا انتصار المارد الفلسطيني وسيدرك العالم أنه لا بد من التعامل مع هذا المارد والانصياع لشروطه ومطالبه