أفراد الشعب البحريني مميزون بقدرتهم على أداء مختلف أنواع الأعمال التي تعطى لهم... لا يهمهم إن كانت الأعمال شاقة أو سهلة، يدوية أو مكتبية... كما أن أماكن العمل لا تشكل لهم صعوبة كبيرة سواء كانت داخل البحرين أو خارجها، فهم متعودون على سرعة التأقلم على نوعية العمل وأوقاته ومكانه... هم شعب لديه الكثير من القساوة والمقدرة على تحمل مشاق الحياة والعمل، وهم الذين عملوا من دون ملل أو كلل في صحراء المملكة العربية السعودية لتركيب خطوط التابلاين الحديدية والتي تنقل النفط من منابعه في منطقة الخليج إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط.
الرجال البحرينيون هم الذين توجهوا (بجميع اختصاصاتهم) إلى الأراضي والصحاري الإماراتية عند بداية ازدهار الإمارات العربية المتحدة... حينها غادر العدد الكبير من البحرينيين ذوي الاختصاصات المتنوعة للعمل هناك، وكانت الظروف المحيطة بهم قاسية جداً وليست سهلة أبداً... لم يتأففوا ولم يتضايقوا ولم يشتكوا... ولكنهم عملوا بجد وإخلاص وفي شتى أنواع المجالات المتاحة لهم حينذاك، فقط لكي يساهموا بخبراتهم ومهاراتهم في المساعدة لتطوير تلك البلد العربية الأصيلة.
هذا كان في أيام الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي... يعني من قبل أن يكون هناك وزارة للعمل تنظم الأعمال في البحرين وتحاول إيجاد فرص العمل المتاحة في وزارات الدولة المختلفة وفي الهيئات والمؤسسات الرسمية وكذلك في الشركات المحلية والأجنبية العاملة في البلد، ومن ثم إيجاد الموظفين البحرينيين المؤهلين لشغل هذه الوظائف المتاحة... وهذا كان زمان يعني من قبل أن يكون لدينا ديوان للخدمة المدنية ينظم درجات ورواتب جميع العاملين في القطاع الحكومي.
أما الآن... ومع وجود الكثير من الوظائف التي تعطى للأجانب بدرجة (خبير استراتيجي) وخبير استرواحي (قمازة)... خبير معلوماتي (دكتور) وخبير معلوماتك (جاسوس)... خبير أمني مستورد (برتبة مقدم ورائد) وخبير أمنك ( أوروبي)... وخبير طماط ومأكولات ومشروبات... وخبير تجميل وتدليك وشعر واظافر... وغير وغير من العدد الكبير من الخبراء الأجانب الذين توزع عليهم الوظائف ذات الرواتب الخيالية، ومعها العطايا المجزية والسكن في أفخم البنيات التي هي في أرقى الأحياء السكنية، والصرف على تدريس أبنائهم في الداخل والخارج، وإهدائهم التذاكر وشامل المصاريف لقضاء عطلاتهم الصيفية والشتوية في أرقى المنتجعات العالمية.
مع وجود هذا الكم الكبير من الأجانب يأتي إلينا المسئولون في وزارة العمل بفكرة نارية جديدة... وهي توظيف البحرينيين في قطر... طبعاً نحن ليست لدينا أية معارضة عن اشتغال البحرينيين في دولة شقيقة مثل قطر، فهذه الدولة الجارة نحن نكن لها كل الحب والاحترام وأبناء شعبها هم دائماً في قلوبنا... هم أهلنا وأبناء عمومتنا وأنسابنا... وهناك العدد الكبير من البحرينيين الذين يتمنون أن يجدوا الفرصة للعمل والاشتغال في دولة قطر (وأنا أولهم) لأنها دولة تتميز بوفرة الأعمال والسيولة النقدية، كما أن أهلها أصحاب كرم حاتمي وجود ونخوة عربية أصيلة.
المشكلة ليست في عمل البحرينيين في الخارج إذا كان هذا من كيفيهم وبحسب رغبتهم... ولكن عندما توجد الوظائف في البحرين ويشغلها (فقط) الأجانب، ويصرف لهم ديوان الخدمة المدنية الدرجات العالية (والتي تناطح السحاب) ويضع بجانبها الرواتب الخيالية والمكافآت العشرات ألفية فإن هذا يجعل بلادنا شبه مفلسة من الناحية الوظائفية ومن الناحية المالية... ويترك سؤالاً كبيراً لدى أفراد الشعب البحريني عن اسم المسئول الذي تفتقت لديه فكرة ترحيل أفراد الشعب العاطل عن العمل (والعمل موجود) إلى دولة جارة وشقيقة ليكونوا مثل عمال الكيرالا الموجودين لدينا.
أذا أرادت وزارة العمل أن ترحل العمال البحرينيين لتوظفهم في دولة خليجية شقيقة فلابد أن توزعهم إلى نوعيات... عمال بحرينيين هنود للبناء، ونجارين وحدادين بحرينيين تايلنديين، وعمال مكائن وميكانيكا فلبينيين... وقبل أن تقوم الوزارة بفتح مكتب للتوظيف في قطر عليها أن تأخذ مجموعة من الموظفين لديها وتوزعهم حسب مجموعات التوظيف... المختص بتوظيف الهنود يضع حناء في شعره وبان في فمه... والمختص بتوظيف التايلنديين يجعل مؤخرة رأسه مثل الصحن... والمختص بتوظيف الفلبينيين يزيل أسنانه الأمامية ويسحب عيونه إلى أذنه
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1483 - الأربعاء 27 سبتمبر 2006م الموافق 04 رمضان 1427هـ