مع التحولات الجارية على صعيد التحرير الاقتصادي وإطلاق المبادرة الخاصة من دون قيود، وتثبيت المنافسة الحرة كأساس وحيد لممارسة مختلف الانشطة الاقتصادية. اتجه الفكر والاهتمام إلى استحداث وتطوير آليات ومؤشرات لقياس وتقييم تكيف الدول مع هذه التحولات مثل مؤشر للحرية الاقتصادية وآخر للشفافية وثالث للفساد ورابع للتنافسية. وترجع أهمية مثل هذه الآليات والمؤشرات إلى أنها أصبحت أحد العناصر المحددة لاتجاه الاستثمارات الخاصة إلى دولة معينة، إذ يتزايد الاعتماد عليها من قبل المستثمرين بظل نقص المعلومات الدقيقة والموثوقة عن كثير من الدول النامية إضافة إلى أن مثل هذه المؤشرات توفر على المستثمر الكثير من الجهد والدراسة والكلف.
من أبرز المؤشرات التي ظهرت قبل عدة سنوات، مؤشر التنافسية الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي. ولغرض تسهيل عملية القياس والمقارنة، فقد تم تطوير مؤشر للتنافسية يعتمد على العوامل والمتغيرات التي تلعب دوراً مهماً في تحديد النمو الاقتصادي. ويستند المؤشر إلى قياس 155 متغيراً. ويتم استقاء المعلومات التي يستند إليها التقرير من قواعد المعلومات الحكومية والإقليمية والدولية بالنسبة إلى المعلومات الكمية. وعلى ردود أكثر من ألفي مدير أعمال من مختلف الأقطار بالنسبة إلى المعلومات النوعية.
ويجرى تقسيم المتغيرات المطلوب رصدها إلى سبع مجموعات عريضة شملت كل مجموعة عدداً من المتغيرات الفرعية. وأولى هذه المجموعات هي الانفتاح الاقتصادي وتستهدف قياس مدى انفتاح القطر على العالم واندماجه على صعيدي التجارة والاستثمار الأجنبي، ثم دور الدولة في الاقتصاد وذلك لقياس حجم وأثر التدخلات الحكومية في الأنشطة الاقتصادية، وثالثاً التمويل وذلك لقياس مدى تأثير الأسواق المالية في القطر المعني على السلوك الاستهلاكي والادخاري للأفراد وقياس مدى كفاءة مؤسسات الوساطة التمويلية في توجيه المدخرات نحو استثمارات منتجة.
كما تتضمن تلك المجموعات المعلومات الخاصة بالبنية الأساسية وذلك لقياس دور البنى الأساسية المتطورة في زيادة إنتاجية القطاع الخاص وفي جاذبية القطر فيما يتعلق بتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كذلك الفنون التقنية لقياس مدى التزام القطر بتخصيص موارد عامة لمجالات البحث والتطوير ورعاية العلماء ومدى ريادته في مجال التقدم التقني والاختراعات، وكذلك للتعليم وتدريب العمال المهرة. كما تتضمن كذلك الادارة ويقصد منها استكشاف الخصائص الإدارية التي تكمن خلف نجاح، أو إخفاق الشركات المحلية في ساحة التنافس العالمي. كذلك أسواق العمل وذلك لقياس كفاءة وتنافسية سوق العمل المحلية وذلك من خلال النظر إلى التركيبة النسبية لكلف العمالة مقارنة بالمعايير الدولية ومؤشرات كفاءة سوق العمل. وأخيراً، دور مؤسسات المجتمع المدني في استكشاف مدى رسوخ قواعد حكم القانون وحماية حقوق الملكية الخاصة.
والحصيلة النهائية التي يمكن الخروج منها أن الدول النامية عموماً، ودول التعاون خصوصاً لاتزال مطالبة بعمل الكثير من أجل تحسين بيئة الاقتصاد بما في ذلك سياسات الاقتصاد الكلي، وتنظيم أسواق العمل الشفافية ودور مؤسسات المجتمع المدني التي تسهم إلى جانب القطاعين العام والخاص في ترشيد قرارات التنمية
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1483 - الأربعاء 27 سبتمبر 2006م الموافق 04 رمضان 1427هـ