المونودراما كلمة اغريقية مشتقة من كلمتين مونو (Mono) وتعني واحد ودراما (Drama) وتعني فعل او مسرحية، فإذا جمعنا الكلمتين وصلنا الى ان مصطلح مونودراما يعني مسرحية «الشخص الواحد». اليوم سنتعرف على هذا الشكل المسرحي اصوله ونشأته اضافة الى ميزات النص المونودرامي.
ان اول من عرف في التاريخ لتقديم هذا النوع من المسرح وهو نفسه اول ممثل في التاريخ، الاغريقي تثيبس (Thespis) الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد.
لا يوجد هناك قانون واحد يحكم بقوة الكتابة المونودرامية ولكنني افرد هنا بعض السمات العامة التي تجتمع بهذا النوع المسرحي. بداية غالبا ما تكون الموضوعات المطروحة في المونودراما ذات طابع مأسوي فجاعي، وغالبا ما ينطلق البطل في كشف و«فلش» اوراقه من تجربة ذاتية مريرة ادت الى ما هو عليه، وقد يكون الباعث على ذلك سؤال ملح امام واقع حاضر، وفي هذه الحال تكون طبيعة السؤال مصيرية، كونية، وجودية، حتى لو بدت ظاهريا في صورة ابسط الاشياء.
اما عن الزمن: فغالبا ما يكون الزمن في المونودراما ذا بعد ملحمي متعدد المستويات ينسجم مع طبيعة الموضوع، لكن الحصة الأكبر تكون لمستوى (الحاضر) اما المستويات الاخرى، فإنها تأخذ حيزها في فضاء النص دونما تسلسل منطقي ليختلط الحاضر بالماضي بالمستقبل.
المكان: ان خصوصية الزمن تجعل من المكان متعدد المستويات إذ تستحضر الشخصية الوحيدة ملامح الامكنة خلال عملية التداعيات الفكرية.
اللغة: يغلب الطابع السردي على لغة المونودراما وصيغة الفعل الماضي وتداعي الافكار وان كان ثمة ديالوجات مع الشخصيات الاخرى التي تستحضرها ذاكرة الشخصية.
البطل والبطل المضاد (Protagonist @ Antagonist): يختلف مفهوم البطل والبطل المضاد بحسب طبيعة النص اذ ان ثمة نصوصا لا يعتمد بناؤها على مفهوم البطل الواحد المركزي الذي تتمحور الحوادث حوله وتدور في فلكه.
اما في المونودراما فغالبا ما تكون الشخصية الوحيدة بحضورها الفعلي هي البطل ويكون البطل المضاد من الشخصيات المجازية التي ليس لها حضور فعلي، ولعل هذا ما يبرر تعاطف المتلقي مع بطل مسرحية المونودراما في معظم النصوص والعروض ان لم نقل جميعها، إذ تكون الشخصية البطلة هي مخطط القوى الفاعلة: ( الفاعل/ المستفيد/القوى المساندة/ القوى المعارضة) هذا المخطط يمكن تطبيقه على اي نص مسرحي اثناء دراسته وتحليله.
ففي النص متعدد الشخصيات تكون اطراف المعادلة او اقطاب هذا المخطط لها حضورها الفعلي بكليتها او ببعضها على الاقل، ما يعطي الصراع طبيعة تختلف عن الطبيعة الخاصة للصراع في المونودراما، الذي لا يكون فيه لأقطاب مخطط القوى الفاعلة حضور فعلي، بل يكون الحضور الفعلي فقط للفاعل (البطل).
الصراع: في جميع الاعمال المسرحية متعددة الشخصيات يقسم الصراع الى اربعة اقسام: اولا، الصراع العمودي (الانسان في صراعه مع الآلهة).
ثانيا: الصراع الأفقي (الانسان في صراعه مع مجتمعه).
ثالثا: الصراع الديناميكي، (الانسان في صراعه مع القدر والغيبيات والطبيعة).
رابعا: الصراع الداخلي، ( الانسان في صراعه مع نفسه).
في المونودراما تختزل كل تجليات وأشكال الصراع في النوع الرابع وهو الصراع الداخلي، تختزل ولا تنتفي بل على العكس من ذلك، إذ نجد في معظم نصوص المونودراما تجليات الصراع مجسدة في شخصية البطل وهذا ما يعطي الصورة الفجاعية لهذا البطل حتى ولو بدت في ظاهرها كوميدية كما نلاحظ في بعض النصوص احيانا
العدد 1483 - الأربعاء 27 سبتمبر 2006م الموافق 04 رمضان 1427هـ