عادة ما يرتبط الحديث عن الذهب بالحديث عن النفط. كلاهما من أهم السلع المتداولة والمهمة في تصميم محافظ وبرامج الاستثمار. لذلك، يجدر بنا أن نلاحظ آخر تحركات الذهب والنفط في الأيام الماضية وعقب تصريحات سياسية وغيرها.
لأول مرة منذ 6 أشهر هبط سعر النفط تحت 60 دولاراً للبرميل. فبعد صيف تزايدات فيه مخاوف هجوم على إيران، بدأت الأمور تهدأ وبدأت المبالغة في سعر النفط تهدأ بعض الشيء. فبعد كلام بوش وتحذيراته المتهافتة في الأمم المتحدة واللقاءات المختلفة، أخيراً أزيل الستار الوهمي الذي وضعته سياسة بوش - بلير على أسواق المال والسلع. كما أدرك الكثيرون منذ بداية «محنة» مشروع إيران النووي، بوش وضع نفسه في نقطة لا يمكنه أن يغلب فيها ولا يبرر موقفه بثقة تامة.
غير جائز بأن يقبل أعضاء مجلس الأمن بالأمم المتحدة مثل روسيا والصين تهديدات بوش لإيران. وهذا يعني عدم تنفيذ أي عقوبات اقتصادية وغيرها ضد إيران. وأي تنفيذ لمشروع حرب جديد في المنطقة من قبل «الثنائي المرح» بوش وبلير يعني القيام به بطريقة غير مشرعة وغير قانونية. وبالمنظور السياسي، بوش لا يريد ورطة أخرى (إلا إذا أراد أن يورط الرئيس الذي سيأتي بعده، خصوصاً إذا كان الرئيس اللاحق من الحزب الديمقراطي.)
ومن المعروف أن إيران تعمل ضمن إطار معاهدة عدم الإنتشار النووي لتطوير محطات الطاقة. فهذه النقطة مع ما ذكر أعلاه بدأ يُدرك ويُؤخذ في الاعتبار بشكل معقول من قبل المتداولين في أسواق السلع. النتيجة هي هبوط في سعر النفط تحت 60 دولاراً. لكن ماذا عن الذهب؟ فتاريخياً، نجد الذهب متحركاً مع النفط في الاتجاه نفسه.
بحسب آراء بعض الاقتصاديين، الذهب في هذه الحالة لا يزال يتفوق على النفط من الناحية الاستثمارية وفي المدى المتوسط والطويل. فالذهب مازال يتضمن تذبذبات وانفعالات ليس فقط لنشاط إيران النووي (الذي هدأ بعض الشيء)، لكن أيضاً باكستان، والتي أصبحت مرة أخرى مصدر إزعاج لواشنطن.
فبعد سبات طال أكثر من 5 سنوات، بدأت الأنظار تتجه نحو باكستان كمرتع أساسي لنظام الطالبان وشبكة القاعدة. هذا، بالإضافة إلى أن باكستان دولة نووية لا تتمتع بروح ديمقراطية كما تتمتع بها جارتها الهند. فكل هذه الوقائع تؤدي بنا إلى عنصر واحد يمكننا الاعتماد عليه في حال حدوث أي اضطراب دولي آخر: الذهب.
يمكننا القول بأن الذهب هو العملة الدولية الوحيدة المتماسكة أكثر من أي ورقة نقدية مضمونة قانونياً. فالذهب عادة ما يواجه الصدمات ولكن ينمو عليها في المدى الطويل، ومهما تغير المناخ الجيوبوليتيكي؛ سواء في الدول المنتجة للنفط أو الدول الحاضنة للإرهاب، يبقى الذهب صلباً لا يمكن فكه ولا يمكن إيجاد بديل له
العدد 1482 - الثلثاء 26 سبتمبر 2006م الموافق 03 رمضان 1427هـ