كتب العالم الانثربولوجي الراحل فؤاد اسحاق الخوري كتابه المهم عن البحرين وعنونه «القبيلة والدولة في البحرين»، واتخذ الخوري من التجربة البرلمانية في السبعينات مادة لكتابه، وربطها بتاريخ البحرين وبتطورات الوضع السياسي ، وكان من بين ما استنتجه ان جدلية التعايش بين «الدولة» و «القبيلة» لم تحسم، وهذا كان أحد أسباب انهيار التجربة البرلمانية الأولى.

ولو كان الخوري مازال بيننا لربما أعاد مراجعة ماكتبه واضاف اليه الكثير، ولربما غير اسم كتابه الى «القبيلة والطائفة والدولة في البحرين»... ذلك لان التنافس لم يعد بين المفهوم القبلي للحكم، والمفهوم الحديث للدولة، وانما ايضابين هذا وذاك ومفهوم «الطائفة». من المؤكد ان الخوري لن يوافق على ما كتبه احد «الأكاديميين» من خطة للحفاظ على سيادة «طائفة» على أخرى. فالخوري كان من أصل لبناني، ولم يكن مسلماً، وكان عالماً محترماً في الأوساط الأكاديمية، ولم يكن سيقبل بكتابة مادة من الجهل السياسي الذي يؤدي الى تدمير كاتبه قبل ان يوصله الى تحقيق سيادة هذه الطائفة على تلك.

الخطة التي كتبها الأكاديمي العربي الذي انتقل ليعيش في دولة خليجية اخرى - بحسب ماورد في «تقرير البندر» - تبدو حقيقية، لان هناك دلائل تشير الى وجود مثل هذه الأفكار والخطط التي يتحرك عليها البعض. وفي غياب التحقيق المستقل، فان ما أورده البندر سيكون محل تصديق، الى حين يثبت العكس على أرض الواقع.

الأكاديمي العربي اقترح تجنيس كل الاكاديميين العرب، وكل شخص يزور البحرين ويبقى فيها ولو فترة قصيرة، أو انه يمتلك عقاراً أو استثماراً، وذلك لكي لاتخسر احدى الطوائف سيادتها على الاخرى.

هذا التفكير ليس جديداً على تاريخنا الاسلامي، فقد كان المتوكل العباسي قد اقتنع بمثل هذه الفكرة، وقام بالاعتماد على الأتراك وبنى لهم مدينة «سامراء» لابعادهم عن العرب في بغداد، وكانت النتيجة ان قام هؤلاء الأتراك بأعمال ضد الخلفاء لم يكن يستطع أي عربي آنذاك القيام بها. حينها كان الحديث عن سيادة «عرقية» على أخرى، واليوم يتكرر الحديث في بلادنا عن سيادة «طائفة» على أخرى، وهو حديث يهز في أمن الدولة والمجتمع، لانه لايقوم على أي من الأسس والمفاهيم المعمول بها في عالمنا، وهي ليست واردة في دستور وقوانين البلاد، بل انها فوق ذلك كله، وهي شر مستطير