ناهيك عن ما حدث للولايات المتحدة في 11 سبتمبر/أيلول 2001، شهدت هذه البلاد الشهر الجاري انتكاسات كبيرة وضربات موجعة لدبلوماسيتها. لقد حصدت واشنطن ما زرعته في العالم من غبن وكراهية خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، ما يستوجب عليها القيام بحملة جديدة لاستعادة مكانتها. لقد هوجمت الدولة العظمى لفظيا في عقر دارها وكانت لكلمات خصوم جورج بوش صداها في وسائل الإعلام كافة. فالرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز خطف الأضواء وحصل على تصفيق شديد داخل قاعة الاجتماعات حينما هاجم بوش وقال على المنصة «الشيطان مر من هنا بالأمس، مازالت رائحة الكبريت عابقة»، في إشارة إلى خطاب الرئيس الأميركي الذي ألقاه قبل تشافيز في ذات المنبر. وفي حركة كوميدية رسم تشافيز بيده إشارة الصليب رافعا عينيه إلى السماء وكأنه يرجو الله أن يعيذه من «الشيطان». وقال عنه «إنه كذاب، طاغية، كاو بوي... انه يتحدث وكأنه يملك العالم».
وفي الإطار ذاته اجتهد الرئيس الإيراني في مهاجمة عدو بلاده الأكبر على رغم أن خطابه ألقي في وقت الذروة. كما كثف أحمدي نجاد المقابلات مع شبكات التلفزة وشرح وجهة نظره في خلافه مع الغرب. وكانت النتيجة أن تسببت إيران بنكسة دبلوماسية لأميركا، إذ تعين على واشنطن التراجع في قضية النووي الإيراني وقبول اقتراح الأوروبيين بإعطاء مزيد من الوقت للتفاوض وإرجاء القرار بشأن العقوبات حتى أكتوبر/ تشرين الأول المقبل على الأقل.
وفي الشأن الفلسطيني، أنهى أعضاء اللجنة الرباعية اجتماعهم بإعادة المصادقة على آلية المساعدة المؤقتة التي أعدها الاتحاد الأوروبي لمساعدة الفلسطينيين المحاصرين من دون أن تطلب الجنة من حكومة «حماس» الالتزام بالشروط الأميركية في ذلك. أما عن دارفور فقد جعل الرئيس السوداني عمر البشير قرارات مجلس الأمن المتعجلة حبرا على ورق مهاجما الولايات المتحدة أيضاً في أراضيها وفي الوقت ذاته حصل على بقاء القوات الإفريقية التي يرغب فيها بالإقليم.
وهناك فشل أميركي في ملفات أخرى مثل كوريا الشمالية والوضع في العراق، وعلى رغم ذلك واشنطن لا تعترف بالهزيمة. ولكن الحق أبلج وإنها لظاهرة صحية أن تجد الدولة الكبرى من يسمعها ما تكرهه في عقر دارها ويسمع أيضاً من دار في فلكها من المتخاذلين والإمعة الذين لا يرمون ولا يعدون السهام
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1481 - الإثنين 25 سبتمبر 2006م الموافق 02 رمضان 1427هـ