العدد 1481 - الإثنين 25 سبتمبر 2006م الموافق 02 رمضان 1427هـ

قانون الدولة الفاضلة

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

«في الفرد ثلاثة عناصر هي العقلي والغضبي والشهوي، يقابلها في الدولة الحكام والمنفذون والمنتجون»

أفلاطون (الجمهورية -113)

لا يسمح أفلاطون في مدينته لأحد رجاله أن يقبض رشوة، أو أن يكون محباً للمال، ولا يسمح بأشياء أخرى تخضع لما يطلق عليه أفلاطون «التيوقراطية»، بمعنى أن تتضخم بعض الذوات في الدولة حتى يصل تعلقها بالسيطرة على الآخر واقتلاع حقوقه ومرغه في التراب بما يوازي كرامتها. حينها تصبح الدولة - دولة أفلاطون - في طريقها إلى ان تكون دولة فوضى وفقر. طبقة مسحوقة، وأخرى ترفل في النعيم. إنه الطريق نحو «الأوليغارشية».

لا يحسبن أحد ما، أن أفلاطون في مدينته الفاضلة كان فيلسوفاً فاضلاً، فلقد حوت كراساته من منافاة العدل ما لا يحده حد، أراد في جمهوريته عقلنة الدولة وهرمستها «أي جعلها خيالية»، فلم يفلح في أي منهما.

كان أفلاطون يقسم التعليم لطبقتين، وكان يقر ان تقتل المدينة الفاضلة اطفالها، لكنه كان - على علاته - ملتزماً بالقانون الذي سنه لمدينته. كان لا يقر «الأخلاق» سمة رئيسية لإدارة المدينة، فلغة الأخلاق لغة «الضعفاء» الذين يبحثون عن دولة الانتقام، لكنه كان يجعل من الأخلاق ذلك الطارئ الذي لا يصل حد الأفيون للشعوب، بحسب تعبير نيتشه.

بحرينياً... لا ندري على أي حدود «المدينة الفاضلة» نحن، لكننا على ثقة بأننا نمر بمرحلة تحتاج إلى شيء من الفلسفة (شيء من الفهم) شيء من كسر القواعد التي لما يقدم على كسرها أحد.

منذ بدء المشروع الإصلاحي لجلالة الملك والبحرين تنعم بشيء من الأفلاطونية، لكنها اليوم تتأخر عن إقرار حكم القانون كأية دولة ديمقراطية، تحتاج البحرين الفاضلة إلى شيء من الجرأة، تحتاج إلى أن يستقيل البعض من مناصبهم التي أستغلوها على أن لا يُعطوا مناصب المستشارين بعدها، تحتاج إلى أن يعتذر البعض لوطنه قبل أن يعتذر ممن كان يستهدفهم، تحتاج تجربتنا إلى ان تتوقف بعض الشخصيات عن أداء أدوارها، فلا يمكن أن يبقى الممثلون في المشهد الأول أبطالاً حتى المشهد الأخير، والجمهور بات يخرج - متململاً - من أبواب المسرح العريضة.

البحرين الفاضلة ليست خيالاً مصطنعاً، ليست المدنية سوى تمثيل تلك المدينة الفاضلة، الحكم الفاضل، والقانون العادل. وضمانة هذه الفضيلة الا يرتفع أحد ما على «الدولة»، أو ان الدولة لا تستطيع القيام بمهمات عملها، وذلك شيء آخر.

لا يحق لأحد ما، ومهما كان أن يرتفع فوق البحرين «الدولة»، وسواء وصلنا لحدود دولة أفلاطون أم لم نصل، لا يمكن ان يرتفع المشبوهون على كثرتهم ومناصبهم على حكم القانون، وإن أقاموا الأرض أو أقعدوها. فخلف كل بحريني يقف حق مواطنته، لا يسلبه إياه أحد، أو أن علينا أن نستعد لأوليغارشية تعصف بالأخضر واليابس

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1481 - الإثنين 25 سبتمبر 2006م الموافق 02 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً