استطاع البرنامج الرمضاني الذي بدأ بعرضه تلفزيون البحرين من تقديم «عمار البناي» باسم «الجفير»، الوصول الى قلوب المشاهدين خلال الايام الثلاثة الماضية لانه تخلص من بعض العقد التي منعت الابداع وحدت منه كثيراً، ونأمل في ان يستمر البرنامج بأسلوبه الذي ينزل من خلاله الى الشارع والسوق والمقهى الشعبي و الدكان و المخبز وحتى سيارات الاجرة.

ربما ان الرسالة الأولى هي أن شعب البحرين بتلاوينه المختلفة طيب كما يعرضه البرنامج. وعلى رغم ان البرنامج يعتمد على وسائل بسيطة في المحادثة وفي استخدام ما هو متوافر للجميع، إلا انه ايضا ازال الغيوم التي يحاول البعض تكثيفها بين فئات المجتمع البحريني. فالمحرقي يجلس في القهوة ويستأنس بالحديث مع أصحابه والديري ينتظر الحافلة والجدحفصي يعمل في السوق والمنامي في المحل يشتري... كل يتحدث بلهجته المميزة التي توضح مدى التنوع والمزيج داخل مجتمعنا البحريني. وهذا البرنامج على رغم بساطة فكرته التي تعتمد على فتح «جفير» صغير يحتوي على مبلغ من المال فإنه يوضح أن اهل البحرين، بمختلف فئاتهم، ابعد ما يكونون عن اتهامهم بالتطرف أو الحقد في اوساطهم.

نستشف من هذا البرنامج تواضع البحريني وبساطة حياته وسعادته من خلال التعايش مع الآخرين. في هذا البرنامج البسيط تسقط كل دعاوى الاحقاد والفتن التي سعى البعض لها من خلال كتابات مدفوعة الاجر في بعض الصحف وبعض المواقع الالكترونية بواسطة اصحاب النفوس المريضة الذين اصبحوا حديث البلد في كل مكان بعد أن عرفهم الناس وعرفوا ما يرمون اليه وما يسعون الى خلقه بين اهالينا من مختلف الاصناف.

برنامج «الجفير» هو «على قد الحال»، كما هو وضعنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي «على قد الحال»، وحبذا لو ان بعض السيئين انتبهوا الى سعادة الانسان العادي بهدية متواضعة تعطى اليه وكرامته محفوظة، وهذا هو ما يريد المواطن البحريني، عيشاً متواضعاً وكريماً، لا يريد التكبر أو التفاخر، ولا يحب الطماعين الذين نهبوا البلاد نهباً من دون رحمة، وبذّروا الثروات من اجل بث الاحقاد وملء جيوبهم التي لا تمتلئ لانها مثقوبة كما هي انسانيتهم المثقوبة في جذورها.

ما نطالب به أيضاً ديمقراطية على «قد الحال»، مثل «الجفير»، لا نريد تصويتاً الكترونياً، ولا نريد برلماناً للماكياج السياسي، ولا نريد عمليات تجميل تزيّف ارادة المواطن في وضح النهار... كل ما نريده «جفيراً صغيراً» يحفظ كرامة البحريني المتواضع