لم يكد الأمين العام لحزب الله السيدحسن نصرالله ينهي خطابه الذي ألقاه أمام الموج البشري الهائل الذي غصت به ساحة الجاموس والطرق المؤدية إليها في الضاحية الجنوبية لبيروت في عصر يوم الجمعة الماضي وفي لقاء طال انتظاره، حتى تنبري بعض الأصوات النشاز التي لم تتوان لحظة واحدة بتوزيع الاتهامات والتخوين لمن يعارضها وتتمادى في الاستخفاف بعقول الآخرين، في مسعى لها لتغطية ما تكنه في صدورها، كل ذلك باسم الديمقراطية والحرية في حين أن الكلمة الصادقة التي نطقها سيد المقاومة خلال خطابه كانت في أعلى درجات المسئولية والصراحة بحيث لم تتحملها تلك الأصوات فبادرت إلى تأويلها والعمل على تشويش الفكرة التي فهمها وأدركها الكل.
فليس بغريب أن ينتقد أحدهم خطاب السيد ويستكثر عليه انتقاده لأميركا أكثر من «إسرائيل» معتبرا أن الأولى حليفة لحكومته، ناسياً الدعم اللوجستي غير المحدود الذي قدمته من قنابل ذكية وإطالة في أمد الحرب وتحريض كبير على العدوان، ولا يقف عند هذا الحد حتى يحاول أن يلعب على وتر آخر فيقول في معرض دفاعه عن «أبن البيك» الذي شن هجومه على مؤيدي المقاومة «من سيعتذر من اللبنانيين عن الاستفراد بقرار الحرب والسلم وعن الدمار الذي حل بالبلد بسبب عدوان اسرائيلي لم نخطط لمواجهته كدولة واحدة وقوية ولم نعبئ طاقاتنا السياسية والدبلوماسية لمواجهته؟ من سيعتذر من اللبنانيين ومن أهل القتلى والجرحى المعوقين وممن فقد عمله ومصنعه ومن مئات الالوف الذين هاجروا؟». نعم من سيعتذر للشعب اللبناني على الاتفاقات التي أجريت تحت الطاولة ومهدت لهذا العدوان وشجعته؟ ومن سيعتذر على الخدمات المجانية التي قدمت لـ «إسرائيل» عبر طعن المقاومة وهي في وقت لا يمكنها إدارة ظهرها للعدو؟ فلكل سؤال تم طرحه ألف سؤال بالمقابل.
فإن كانت ذاكرة هذا المسئول وبقية أبطال ما بعد الحرب قصيرة المدى ومحدودة تنسى بسرعة، فإن عوائل شهداء مجزرة قانا ومروحين وحي الشياح والقاع والقائمة التي يطول سردها، لديها ذاكرة لا تمحيها السنون ولا الاعتذارات
إقرأ أيضا لـ "احمد شبيب"العدد 1480 - الأحد 24 سبتمبر 2006م الموافق 01 رمضان 1427هـ