ارتبط شهر رمضان المبارك عبر القرون بالحديث الشريف: «صوموا تصحوا»، أما رمضان هذا العام فسيرتبط في ذاكرة البحرينيين بـ «تقرير البندر»!
فهذا التقرير «القنبلة» سيدخل تاريخ البلد من أوسع الأبواب. وهو «قنبلة» بمعنى الكلمة، رماها صاحبها أولاً على السفارات الأجنبية، ثم على عددٍ من المسئولين، وأخيراً رماها على بعض الجمعيات السياسية، وأصارحكم: لقد احتار الجميع من دون استثناء بكيفية التصرف مع هذه القنبلة التي وجدوها فجأةً تتدحرج بين أقدامهم!
وإذا ظل البحرينيون حتى اليوم حريصين على قراءة مذكرات عبدالرحمن الباكر وتشارلز بلغريف، فإن هذا الرجل سيقتحم تاريخ البحرين بالقوة، شئنا أو أبينا، وهو شاهرٌ سيف المعلومات والفضائح والتوقيعات.
وسواءً وضعناه في خانة الباكر أو خانة بلغريف، سيظل يفرض نفسه بقوة على بلادنا وسياستنا ومجتمعنا في المدى المنظور، وستبقى طويلاً في مخيلتنا نحن البحرينيين صورة المستشار الاستراتيجي الغامض الذي أطلّ علينا في صورة أحد دراويش القرون الوسطى، هابطاً من عالم الظلام والخفافيش.
على رغم كل هذا الزلزال، الجانب الرسمي يظهر رابط الجأش، لا تهزه ريح، فلم يصدر عنه أي رد فعل يتناسب مع الحدث، بينما تنتظر الناس الخطوة الطبيعية جداً في مثل هذه الهزات والزلازل السياسية: إنشاء لجنة تحقيق مستقلة ذات صدقية وصلاحيات، تعيد طمأنة الرأي العام المحلي والدولي إلى سلامة الأوضاع السياسية، وخصوصاً أن البلد مقبلٌ على انتخابات، يتحدّث التقرير بصراحة عن وجود نيةٍ مبيّتةٍ لتزويرها و«التحكم في مخرجاتها» كما يقول.
هذا على الجانب الرسمي، أما على الجانب الشعبي، فأينما تذهب اليوم يستوقفك الناس يسألونك عن الحقائق التي مازالت الصحافة تلف حولها وتدور، وتلمّح من دون أن تصرّح. فهناك الكثير مما لم يُقل بعد، وهناك أكثر منه مما لا يمكن قوله أو كتابته، وخصوصاً أن الناس أصبحوا يتطلّعون بشغفٍ لمعرفة الأسماء الجديدة المتوقع ظهورها ومشاهدة توقيعاتها على الشيكات في أية نسخة جديدة من البندريات!
وإذا كان البندر البريطاني الجنسية تم إبعاده عن البلاد، فإنه سيظل حاضراً بقوة في أحاديث الناس ومجالسهم الرمضانية. بل إنه سيبقى شاغل البحرينيين لشهور عدة، وخصوصاً إذا ما آثر مواصلة الحديث على طريقة شهرزاد، التي لا تتوقف عن الكلام المباح إلاّ عند الصباح!
وحتى لو توقفت شهرزاد، فإن البحرينيين لن يتوقّفوا عن الحديث عن البندر، وسط دعواتٍ صريحةٍ أخذت تنتشر في الأوساط الشعبية: «تبندروا... تصحوا»!
عطني خدك!
في أعقاب انتشار تقرير البندر في نسخته الأصلية، وتوزيعه على جميع المناطق والمدن والقرى، بحيث لم يعد هناك منطقة ولا زقاق ولا (زرنوق) إلا واحتفى بالحصول على نسخته الخاصة، بدأت بعض «الأجهزة» و«الخلايا النائمة» في ترويج نسخة «منقحة» و«مزيدة»!
هذه النسخة تم إقحام بعض الأسماء فيها لتوريطها ولإثارة الشبهات حول الآخرين. ومع أن البعض يرجح بأن التقرير «الأصلي» لم يكشف أكثر من 10 في المئة من جبل الجليد، إلاّ أن الرأي العام ينتظر المزيد مما وعد بكشفه البندر، بدءاً بـ «التصويت الإلكتروني»، وبانتظار المزيد من البندريات، انتبهوا للتقارير «المدسوسة»... واحذروا التقليد
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1480 - الأحد 24 سبتمبر 2006م الموافق 01 رمضان 1427هـ