مساء أمس احتشد جمع غفير من الناس في منزل وزير الصناعة والتجارة حسن فخرو لتقديم العزاء بوفاة المغفور لها بإذن الله تعالى ليلى عبدالله فخرو، التي رحلت عن الدنيا بعد مرض عضال لازمها فترة غير قصيرة... إنها تستحق لقب «المناضلة» التي كرست حياتها من أجل الوطن ومن اجل الانسان، وساهمت بشكل ملحوظ وعملي في نضالات شهدتها ساحات الخليج من عمان إلى الكويت، بالاضافة إلى الساحات العربية الأخرى.

يوم أمس كان هناك إخوان من عمان حضروا لتقديم التعازي الى أول امرأة بدأت مشروعات محو الامية في سلطنة عمان، وكان هناك الوزراء وكبار الشخصيات والرموز السياسية والوطنية الذين تربطهم بالفقيدة وبأهلها روابط تمتد في جذور النسيج الاجتماعي البحريني. فليلى كانت من عائلة عرفت على مر التاريخ بدورها المشرف في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وأفرادها يعتبرون من الذين ساهموا في تأسيس مجتمع البحرين الحديث.

البحرين لديها هويتها الناصعة التي انتشرت في الآفاق بفضل نضالات شخصيات مثل الفقيدة ليلى، التي أعطت أنموذجا للبحريني الذي يتعالى على المادة ولا يلهث وراءها، بل انه يضحي من أجل الآخرين، على رغم توافر الثروة والجاه ولا يحتاج الى تلك المتاعب الجمة.

الفقيدة ليلى كانت من ذلك الجيل الرائد الذي كان يتطلع إلى الآفاق وهو مملوء بالحماس الذي يمتد أثره الى كل مكان يوجد فيه... انها لأفضل ذكرى ان يرحل انسان عن الدنيا ويبدأ الناس باستحضار ما كان يقدمه ذلك المرء من خدمات للآخرين.

ولعلّي أحتاج الى ان اذكّر الذين يلهثون وراء المادة ويتخلون عن المبادئ من أجل بضعة دنانير ليقدموا أنفسهم بضاعة رخيصة يتم استخدامها ضد المستضعفين من ابناء جلدتهم، وأقول لهم تذكروا ربكم في شهر رمضان، وانظروا إلى امرأة كانت لديها الثروة ولكنها ضحت بها من أجل ان ترتفع إنسانياً، وتبقى خالدة في ذكريات كل من استفاد من عملها وكل من عرف عنها لاحقاً... إلى الذين وظفوا أنفسهم للرقص والكتابة بهدف الحصول على دنانير معدودة، أو البروز هنا أو هناك... انظروا الى تاريخنا وكيف أنتج نماذج رفعت اسم البحرين عالياً في الآفاق... أفيقوا قبل ان ترحلوا ولا يبقى من ذكركم سوى أعمالكم... أنظروا الى انموذج المناضلة ليلى فخرو وتأملوا قليلاً