المخاضات التي مرت بها البحرين تعتبر مسيرة وطنية، ونتائجها ساهمت في تراكم الخبرات لدى القيادات على مستوى الدولة والمجتمع. ومنذ مطلع القرن الماضي شهدت البحرين حوادث كثيرة، منها ما كان مرتبطاً بطبيعة التحولات الاقتصادية، مثل أزمة اللؤلؤ وتدهور أوضاع الغواصين، والدخول في حقبة الاقتصاد النفطي ومنها ما كان يتعلق باضطراب العلاقات بين فئات من المجتمع (حوادث العشرينات من القرن الماضي)، ومنها ما كان مرتبطاً بحركة وطنية عامة (انتفاضة 1938، ولاحقاً انتفاضة 1954 - 1956).
البحرينيون مروا خلال كل تلك التجارب، وكانت البحرين أفضل بلد خليجي على مستوى السياسة والاقتصاد والثقافة والصحافة حتى 1956 إذ انحدر بعد ذلك العمل الوطني بسبب إعلان الطوارئ، وتشتت النخب، ونشطت الحركات السرية، وتواصلت الحوادث والأزمات لاحقاً.
ثم انطلقت البحرين من جديد في مطلع السبعينات، بالاعتماد على وحدة وطنية حفظت استقلال البحرين في وجه المطامع الإيرانية آنذاك، ودخل البحرينيون في تجربة برلمانية سرعان ما وئدت في المهد ومنذ منتصف السبعينات من القرن الماضي حتى العام 2001 كانت البحرين تعج بالكثير من المشكلات السياسية بسبب غياب الحقوق والحريات العامة.
في مطلع العام 2001 انطلق مشروع جلالة الملك من خلال التصويت على ميثاق العمل الوطني، وتجلت الوحدة الوطنية ذاتها التي شهدتها البحرين في مطلع السبعينات، ووقف الجميع مع القيادة السياسية بهدف فتح صفحة جديدة تتسامى على آلام الماضي وتتطلع الى مستقبل يشمل الجميع من أبناء الوطن من دون تفريق على أساس اللون أو المذهب أو الدين أو القبيلة أو العرق.
ساهم المخلصون في انجاح المشروع الاصلاحي، حتى الذين تحفظوا على بعض جوانبه، مثل التحالف الرباعي، تحاوروا ودخلوا في عملية سياسية رفعت شأن البحرين في منطقة تغرق في ظلام سياسي. وهؤلاء المخلصون أمام امتحان صعب هذه الايام في ضوء انتشار تقرير كتبه مستشار كبير للحكومة سابقاً، وهذا التقرير يتضمن قضايا حساسة لا يُقبل السكوت عنها، وأفضل وسيلة هي تشكيل لجنة تحقيق ومعالجة جذور المشكلة. وفي كل الأحوال فان الذين أنجحوا مشروع الاستقلال وإقامة الدولة الحديثة هم الذين سينجحون الجهود والمبادرات الخيرة التي تصب في صالح البحرين
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1479 - السبت 23 سبتمبر 2006م الموافق 29 شعبان 1427هـ