العدد 1478 - الجمعة 22 سبتمبر 2006م الموافق 28 شعبان 1427هـ

كابوس «طاش ما طاش»

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

هذان الشقيان بامتياز، المخربان لتوليفة تكرست طويلا من الكوميديا الشاذة والمنحرفة والساذجة والسخيفة، استطاعا خلال عقد من الزمن أو يزيد أن يتحكما فنيا بالريموت كنترول. أن نتسمر أمام الشاشة في انتظار مقالبهما، وتهكمهما، وسخريتهما من واقع جغرافية وبشر ومزاج وأحيانا وقت يظل هامش الإحساس به أقل من محدود!

الذي صعد ورفع من أسهم النجمين عبدالله السدحان، وناصر القصبي، أن ولي العهد نائب رئيس الوزراء، وزير الدفاع والطيران، المفتش العام بالمملكة العربية السعودية، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ظل ولايزال أشهر المتابعين لأعمالهما، بل مع مشاهدة الحلقات الأولى من «طاش ما طاش» أوعز إلى وزير الإعلام وقتها أن يدع الشقيين وخفيفي الظل في حالهما! ثمة ضوء أخضر أعطي للمسئولين في الوزارة كي يمرروا هذه الجرأة غير المعهودة، لبث عمل لا يقوى تاريخ الجهاز الإعلامي على تحمل وضوحه وصراحته ومباشرته.

خليجيا، ظل الفنان الكويتي عبدالحسين عبدالرضا، الأب الروحي للسخرية والخروج على حال النكد والتقطيب. وعربيا، ظل عادل إمام إمبراطورا للسخرية والتهكم والضحك من دون منازع، على رغم ان جانبا من تلك السخرية والتهكم والضحك لم يخل من تسطيح وتسويق. ويمكن القول ان كل ذلك لم يتجاوز إثراء على حساب عشرات الآلاف من الجماهير الممعنة في فاقتها!

السدحان والقصبي، استطاعا في زمن قياسي أن يقلبا المعادلة، وأن يؤسسا لحال من تمرير الوعي المكثف والمر والجارح في صور صادمة ومفاجئة... صور من النادر أن تتوقع وتتكهن شكل وتفاصيل النهايات فيها.

السدحان والقصبي: إضاءتان استطاعتا خلال عقد أو يزيد أن تمنحانا الكثير من منشطات الأمل... أن نتلقى ونستقبل ممارسة فن قاعدته وخامته تفاصيل واقعنا المزدحم بالتناقضات، والمليء بالمفارقات، والمكتظ بالأضداد، في جرأة وجرعة من النقد الحاد والجارح أحيانا لأطراف مثل لها ظهور هذين الشقيين كابوسا يبدو أن لا نهاية له!

سلطان الشاعر (شحفان)

في الاتجاه نفسه، وقبل سنوات من ظهور السدحان والقصبي، ظل سلطان الشاعر (شحفان) إمام الدراما في دولة الإمارات العربية المتحدة، في ثمانينات القرن الماضي، يتعامل مع أدواره بعفوية بالغة وعمق ملفت، وظلت السمة البارزة للشاعر في أدواره بخله الصارخ والصادم، وقبل ذلك، تلك الطاقة الخلاقة لرجل لم يتعلم أبجدية التشخيص، ليفاجأ... الجمهور مع ظهوره الأول بإمكانات تنم عن موهبة فذة وخالصة وعميقة.

الكاميرا ليست موجودة حين يبدأ الدور، وذلك واحد من المواهب غير المألوفة لدى 95 في المئة من الممثلين العرب خريجي معاهد السينما والمسرح. هنا في مملكة البحرين، نفتقد إلى تلك النماذج، بشكل يشعرنا بأننا غارقون في محيط من الكآبة. هل للسياسة ومفاسدها دور في الأمر؟ يبدو كذلك

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 1478 - الجمعة 22 سبتمبر 2006م الموافق 28 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً