العدد 1477 - الخميس 21 سبتمبر 2006م الموافق 27 شعبان 1427هـ

حقوق الإنسان في قبضة النخب!

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

هناك من يقول إن مفهوم حقوق الإنسان يعيش «أزمة» في وطننا العربي الرحب، وقد يرى بعض الناس أننا نبالغ حين نصف الوعي بحقوق الإنسان بذلك... دعونا من القيل والقال وقياس مدى الوعي بحقوق الإنسان في الوطن العربي، ولنتحدث قليلا عن وضع الحقوقيين وسنأتي على مفهوم الحقوق ومدى وعي الناس في طيات الحديث.

حقوق الإنسان، كانت على الدوام كلمة ضائعة تبحث لها عن حيز من عقول العرب، مهما كان هذا الحيز. ففي السابق، وبينما كان الغرب يغزو الوطن العربي ويقيم دويلاته، ويحقق غاياته، كان العرب تائهون في أرضهم يبحثون عن ذاتهم، ويتبعون الغازي حتى آن الأوان لحركات الاستقلال، وكان الأمل يحدو المحتمين بحقوق الإنسان بأن يطوروا المفهوم ويؤسسوا عليه دولا عربية تحفظ كرامة الإنسان وترفع من قيمته، إلا أنهم اصطدموا بواقع مغاير للغاية، فبعد نزوح الاستعمار عاشوا من جديد تحت وطأة الحكم الذي صادر مع قدومه كل مفاهيم حقوق الإنسان، وزج الباحثين عن الحرية والديمقراطية في غياهب السجون، وفي دهاليز الموت.

وعلى إثر ذلك، نشأت حركات معارضة داخلية للحكم الجائر، وتحول معظمها إلى حركات معارضة من الخارج بعد التهجير والتنكيل الذي لاقاه رموز حقوق الإنسان والحرية. وكأن الزمان لم يرد للوطن عموماً، إلا أن يعيش في ظلام القمع والاستبداد واستمر هذا الوضع ردحا طويلا من الزمن.

وبعد أن شهد الوضع العربي الداخلي، كرا وفرا بين الحكومة وحركات المعارضة، بدأ في العالم عهد جديد يدعو إلى احترام حقوق الإنسان، ورفع مستوى الحريات وصون كرامة البشر، وعلى إثر ذلك سعت كثير من الدول العربية إلى توقيع المواثيق الدولية والمعاهدات التي تصون حقوق الإنسان، وشهدت هذه الفترة تحولات كبيرة من أهمها نشوء منظمات حقوق الإنسان في الوطن العربي التي ارتبطت بالمنظمات العالمية ما دعم من موقف حقوق الإنسان. إلا أن هناك دولا عربية، لاتزال حتى يومنا هذا، تتخذ من المعاهدات والمواثيق الدولية مجرد حبر على ورق، ودعاية خارجية، فيما تمارس القمع بجميع أشكاله وألوانه، وتزج بالمعارضين في السجون وتمارس كل أصناف التعذيب!

ما الذي حدث من جديد في حقوق الإنسان؟... في تلكم المراحل حدثت تطورات كبيرة، إذ أضحى مفهوم حقوق الإنسان مفهوما حاضرا وبقوة، ولكن للأسف، فإن النخبة هم من كانوا يسيرون الناس، وهم الفئة التي كانت تحتكر المفهوم بكل أجزائه ومعانيه، وكان الناس كالقطيع الذي يسير هنا وهناك. قد يقول قائل إن تلك الفترة كانت تستوجب تجميع الناس على مفاهيم محددة، وقيادتهم إلى وجهات محددة لأنهم لم يكونوا يعوون مفهوم حقوق الإنسان، ولابد من وجود قادة يسيرون السرية ويديرون الدفة بحسب ما تفرضه الظروف.

ربما يكون لدى أصحاب هذه النظرة حق فيما ذهبوا إليه، ولكن هل يعني ذلك أن تستمر النخبة في امتلاك حقوق «مفهوم حقوق الإنسان» حصريا؟ إننا في وضع بحاجة إلى أن يعرف كل الناس ما لهم وما عليهم، وبحاجة إلى أن ننشر ثقافة حقوق الإنسان في كل بيت، فما المانع من وضع مفاهيم حقوق الإنسان في مواد تدرس في المدارس الحكومية؟

وكما يقال: فاقد الشيء لا يعطيه... إذا، نحن بحاجة إلى أن نمتلك ما نحن بحاجة إليه في مجال حقوق الإنسان، لنفهم كل قوانين اللعبة، وعندها سيكون العطاء أكبر بكثير مما نشهده اليوم، وأكبر دليل على ذلك، القوانين التي نراها تظهر فجأة ولا تجد من يردعها سوى جمعيات تعد على أصابع اليد، ولا تضم هذه الجمعيات إلا عددا بسيطا من الرموز الذين لايزالون يتمسكون بمهماتهم في الذود عن الناس ورفع سقف الحرية.

وقد يسأل سائل: لماذا لا نرى حضورا كبيرا في ندوات الجمعيات الحقوقية؟ الجواب سهل للغاية، فإذا ما سألت أي إنسان عادي هذا السؤال سيجيب: كيف أحضر ندوة لا أفقه فيها شيئا!

دعونا نتجاوز مرحلة النخبة في حقوق الإنسان. صحيح أن تحقيق ذلك بحاجة إلى جهود جبارة وعمل دؤوب... ولكن لا ضير من المحاولة

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 1477 - الخميس 21 سبتمبر 2006م الموافق 27 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً