ليلى فخروا ابنة عائلة كريمة انجبت وطنيين بارزين ورجال أعمال ناجحين وشخصيات مرموقة في مختلف مناحي الحياة. لكن ليلى فخرو ومنذ مرحلة الدراسة الجامعية في بيروت اختطت طريقا متميزا، طريق النضال الوطني في ظروف العمل السري المحفوظ بالمخاطر فانتمت إلى حركة القوميين العرب وانحازت إلى التيار اليساري فيه، الحركة الثورية في عمان والخليج العربي، وعندما توحدت فصائل يسارية في البحرين في إطار الجبهة الشعبية، كانت ممن اسهم في هذا الحدث التاريخي.
عرفتها في بيروت أثناء مرحلة الدراسة الجامعية، والعمل الطلابي والوطني، كتومة، فاعلة ومتواضعة وصريحة في نقدها وحنونة تجاه رفاقها. عرفتها في ظـروف العمل السري في البحرين كتومة أكثر ونشطة ومثابرة، كانت تحمل في روحها روح التمرد ولكن التمرد البناء، ونشطت في مجال العمل الحزبي والنسائي. وعندما طلب منها ان تذهب لمهمة أخطر، ألا وهي الذهاب إلى «ظفار» لم تتردد، وتركت وراءها حياة الدعة إلى حياة المخاطر. وهكذا انتقلت إلى ظفار حيث كانت الحرب على أشدها والمخاطر محدقة في كل زاوية وفي كل دقيقة. انشأت من العدم «مدرسة الثورة» كأول مدرسة في المنطقة المناضلة، في مجتمع متخلف لا يعرف حتى العجلة، ولا اللغة العربية ووسط قصف المدافع وغارات الطيران والاستنفار العسكري اقامت الخيم والتي هي عبارة عن صفوف في الهواء الطلق، جلبت الكتب من اليمن الديمقراطي ونظمت المدرسين من شباب الجبهة الشعبية ووضعت المنهاج المدرسي. هي المديرة والمدرسة والمشرفة والطبيبة والحارس اليقظ الذي لا يغمض له جفن الا لماما ففي رقبتها أكثر من خمسمئة طفل من عمر 6 سنوات حتى 15 سنة. يا لها من امرأة رائعة وقوية وشجاعة. تحملت مسئولية بثقل الجبال. لم تتذمر ولم تشكُ. كانت مدرسة الثورة محطة يتوقف فيها المناضلون للتزود بشحنة الأمل التي تشيعها، فقد كانت تردد «هؤلاء هم أمل الثورة». الكثير من طلبتها واصلوا تعليمهم الاعدادي والثانوي في مدارس اليمن، ثم واصلوا دراستهم الجامعية في عدد من الدول الاشتراكية والعربية. وهم اليوم اختصاصيون في مختلف المجالات تفخر بهم سلطنة عمان، والفضل يعود للمربية المناضلة ليلى فخرو (هدى سالم). «هدى سالم» هو اسمها الحركي كمناضلة في صفوف الجبهة الشعبية. لذلك ليس غريبا ان يكرمها طلبتها السابقون في سلطنة عمان بعد عودتها إلى البحرين من المنفى، ويواظب بعضهم على زيارتها والسؤال عنها تكراراً. ليلى فخرو، جار عليك الزمن الرديء وانت في معاناتك مع المرض اللعين، لكنك تظلين نجمة في سماء محبيك. سنظل نحلم بالزمن الجميل الذي حلمت به ولم يتحقق في زماننا فعسى أن يتحقق لأجيال قادمة. ليلى فخرو/ هدى سالم ... غادرتنا بجسدك لكن روحك ترفرف فوق رؤوسنا ومبادئك نبراس وسفر حياتك ماثل للأجيال القادمة. فعلى روحك السلام والى جنات الخلد..
إقرأ أيضا لـ "صلاح الدين حافظ"العدد 1477 - الخميس 21 سبتمبر 2006م الموافق 27 شعبان 1427هـ