تروي الأساطير الإغريقية أن العنبر خلق للمرة الأولى عندما قرر فيتون ابن الإله هيليوس قيادة عربة والده الشمسية عبر السماء. ولكن فيتون فقد السيطرة على العربة ومات وتحولت شقيقاته إلى أشجار حور حزناً عليه وأصبحت دموعهن قطرات من العنبر.
وأطلقت الأساطير الإغريقية على العنبر اسم اليكترون أو «الشيء الذي يأتي من الشمس» بينما أطلق السوريون عليه كهربا أو «سارق القش» وعرف لدى سكان بروسيا القديمة باسم جنتار ولدى الدنماركيين باسم راف. وفي اللغات الجرمانية لايزال يعرف ببيرنشتاين أو «الحجر الذي يحترق» ويطلق عليه في اللغة البولندية اسم بورستين.
ويعتقد أن الاسم الانجليزي للعنبر مشتق من التسمية العربية التي تعني «مني الحوت». وعبر التاريخ ظن الإنسان ان العنبر هو فضلات حيوانات أسطورية أو شمع ينتجه نمل عملاق أو هو نتاج متحجر لسمكة هائلة الحجم أو حتى السائل المنوي للفيل.
وترجع أصول العنبر في منطقة البلطيق إلى الغابات الصنوبرية الكثيفة في عصور ما قبل التاريخ والتي كانت تكسو المنطقة التي تعرف الآن باسم اسكندنافيا وأجزاء من بحر البلطيق قبل 40 مليون سنة مضت.
فالجيولوجيون يعتقدون بوجود نهر قديم يحمل اسم إريدان كان ينقل جذوع الشجر المغلفة بالراتينج إلى جزء أصغر من بحر البلطيق الحالي والذي تكون قبل عشرة آلاف سنة فقط.
وتجمعت هذه الأشجار المتحجرة في البحر على طول الساحل بين قرية جالبوفو البولندية وشبه جزيرة سامبيا في كالينينغراد الروسية.
وتعتبر هذه المنطقة من أغنى بقاع العالم بالعنبر وتقدر كمياته في بولندا وحدها بحوالي 650 ألف طن.
وتوجد أيضاً كميات كبيرة من العنبر في كندا وكولومبيا والمكسيك وجمهورية الدومينيكان ولبنان وميانمار وسيبيريا وأستراليا واليابان.
في بولندا يعرف العنبر باسم «ذهب البلطيق» وتلقي به العواصف بانتظام على طول السواحل في منطقة جدانسك. تعود صناعة العنبر في جدانسك إلى القرن العاشر الميلادي، وبالتالي لا عجب أن تصبح المدينة عاصمة العالم في صناعة العنبر فهي موطن المئات من ورش العمل التي تنتج المجوهرات، بالإضافة إلى معرض العنبر السنوي وهو الحدث الأكبر من نوعه في العالم.
وافتتح أخيرا في جدانسك متحف العنبر، تكريما لتاريخ العنبر في المنطقة الذي يمتد على مدى أربعين مليون سنة، في برج من الطوب الأحمر يعود تاريخه إلى القرن الرابع عشر ويقع في قلب المدينة وكان قد بني في الأصل كجزء من تحصينات المدينة واستخدم لفترات طويلة كسجن أضيفت إليه غرف للتعذيب.
ويضم المتحف مجموعة مثيرة للإعجاب مما يسمى تكوينات عنبرية لنباتات وحشرات تعود إلى عصور ما قبل التاريخ وهو المكان الوحيد في العالم تقريباً الذي يتيح لزواره فرصة مشاهدة ذبابتين تحولتا إلى عنبر.
كما يضم المتحف ثاني أكبر قطعة من العنبر في العالم يصل وزنها إلى 5,9 كيلوغرامات أما القطعة الأكبر والتي يصل وزنها إلى 9,57 كيلوغرامات فتوجد في متحف التاريخ الطبيعي في جامعة همبولت في برلين
العدد 1477 - الخميس 21 سبتمبر 2006م الموافق 27 شعبان 1427هـ