يعد الجنرال سونثي بونياراتغلين الذي ولد في العام 1946 وقاد انقلاب بانكوك امس الاول اول مسلم يتولى قيادة الجيش في هذا البلد المعروف بغالبيته البوذية وهو الذي عرف بقربه من الملك التايلندي بوميبول. والجنرال سونثي البالغ من العمر اليوم 59 عاما هو عسكري براغماتي وكان معارضاً في العلن لرئيس الوزراء التايلندي ثاكسين شيناواترا بشأن السياسة الامنية المعتمدة في البلاد قبل حدوث الانقلاب وهو اي ثاكسين كان قد عينه قبل عام على رأس الجيش.
واعتبر تعيينه قائدا عاما للقوات البرية محاولة جدية من الحكومة لايجاد تسوية للنزاع القائم في اقصى جنوب تايلند الذي يشهد حركة انفصالية اسلامية منذ زمن طويل وهي التي تفاقمت مع حوادث الحادي عشر سبتمبر/ أيلول لكن مناصريه وجدوا ان في وسع الجنرال سونثي المساهمة في تبديد الانطباع بان السلطات تمارس تمييزا منهجيا ضد المسلمين في منطقة الجنوب.
ومع ذلك، فإن الانقلاب الذي قاده هذا الجنرال لم يكن حدث طارئاً بقدر ما هو نتيجة لتراكمات تاريخية ناجمة بسبب اهمال الحكومة التايلندية لاقاليم الجنوب التي ترجع اصولها الى العرق الملاي اضافة الى التحول الدرامي الذي طرأ على التعامل مع الأقلية المسلمة من بعد حوادث سبتمبر اذ أطلقت الولايات المتحدة الاميركية ما أسمته الحرب على الإرهاب.
فهذه الاقلية التي يبلغ تعدادها نحو ستة ملايين مسلم منتمين تاريخيا الى مملكة فطاني المسلمة منذ القرن العاشر الهجري لثلاثة أقاليم هي جالا وبنغارا وستول امتدادا الى ماليزيا واندونيسيا و الفلبين إلا انها قسمت ومن ثم اجبرت على الانضمام بالقوة إلى تايلند في العام 1906 بموجب اتفاق بين بريطانيا وتايلند.
وصارت بذلك «فطاني» والأقاليم المسلمة الأخرى جزءا من تايلند ما بعد الاستعمار التي كانت تتشارك في الدين والعادات والتقاليد نفسها اي قبل أن تنشأ فكرة الدول القومية في قارة آسيا بصورتها الراهنة اذ تقلبت على هذه الممالك الإسلامية تحديات وضغوطاً شديدة لضمها مع موجات الاستعمار المختلفة من قبل الاستعمار البرتغالي والبريطاني والياباني (الدول القومية غير المسلمة) إذ تم دمج الأقليات وتأميم تطلعاتها لصالح هذه الدولة القومية فيما بعد مرحلة الاستعمار وهو ما ادى الى مزيد من اضطهاد وحرمان المسلمين من حقوقهم السياسية والاجتماعية والثقافية ما حفز على ظهور حركات المقاومة كثيرة من الخمسينات وحتى الثمانينات ضد عنف الدولة التي حاولت مرارا طمس الهوية الثقافية والاجتماعية للجنوب المسلم من اجل صالح الدولة البوذية القومية.
وعلى رغم ان الحكومة التايلندية التي توصلت مع جبهة تحرير فطاني لاتفاق بموجبه فإنه تم حل الجبهة ومنح المسلمين بعض حقوقهم لمواجهة الخطر الشيوعي آنذاك غير انها استمرت في سياسة مد التوجه البوذي عبر عمليات التوطين الى إعادة الهندسة الجغرافية التي تتسم بها الدول الآسيوية في تعاملها مع أقلياتها
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1476 - الأربعاء 20 سبتمبر 2006م الموافق 26 شعبان 1427هـ