يناقش مقال اليوم الأهمية النسبية لقطاع الخدمات المالية في نتائج الناتج المحلي الإجمالي البحريني للعام 2005. باختصار يعتبر القطاع المساهم الأول بلا منازع في الاقتصاد البحريني.
بحسب إحصاءات العام 2005 بلغ حجم قطاع الخدمات المالية نحو 966 مليون دينار، أي 27,6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة (بالمقابل ساهم قطاع الخدمات الحكومية والذي حل في المرتبة الثانية بأقل من 15 في المئة من المجموع). وتؤكد البيانات الأولية أن قطاع الخدمات المالية (أو المشروعات المالية بحسب المصطلح المستخدم) لوحده سجل نمواً قدره 146 مليون دينار، مقابل 253 مليون دينار، مجموع قيمة ارتفاع الناتج المحلي في العام الماضي. بيد أن هذا الرقم يمثل تراجعا عما كان عليه الوضع في العام 2004 عندما تم تسجيل نمو قدره 240 مليون دينار في قطاع الخدمات المالية.
من جهة أخرى، ارتفعت الأهمية النسبية لقطاع الخدمات المالية من 25,3 في المئة من الناتج المحلي في العام 2004 إلى 27,6 في المئة في العام 2005. ومن بين أمور أخرى تعود هذه الزيادة إلى تراجع دور النفط الخام والغاز الطبيعي في الاقتصاد المحلي بالأسعار الثابتة (لنا وقفة مع هذا الموضوع في وقت لاحق).
وأرجع الجهاز المركزي للمعلومات نمو قطاع الخدمات المالية إلى «الزيادة في دخل الفوائد والمتاجرة في العملات الأجنبية والاستثمار في الصناديق المالية إضافة إلى الرسوم الناتجة عن تقديم الخدمات المصرفية للشركات والأفراد والحصص المتحققة من قبل الشركات التابعة».
ويلاحظ من الجدول المرفق أن النتائج الايجابية جاءت على خلفية تحقيق نمو في مختلف الأنشطة المتعلقة بقطاع الخدمات المالية. وتتمثل هذه الأنشطة أولا في المؤسسات المالية المحلية، وثانيا المؤسسات المالية الأجنبية، وثالثا التأمين.
موجودات ضخمة
استناداً إلى الأرقام الصادرة من قبل مؤسسة نقد البحرين (قبل أن يتم تنفيذ قرار مصرف البحرين المركزي في وقت سابق من الشهر الجاري) بلغت موازنة مصارف الأفشور وحدها نحو 44 مليار دينار في العام 2005 (أي عدة مرات أكبر من حجم الناتج المحلي للعام الماضي وقدره نحو 3,5 مليارات دينار). كما تضم الموازنة الموحدة للمصارف موجودات المصارف التجارية وغيرها. يشار إلى أنه تم إلغاء فكرة بنوك الأفشور في مطلع شهر يوليو/ تموز الماضي، وذلك استنادا إلى تصنيف جديد للمصارف العاملة في البلاد (التجزئة والجملة).
وظائف محدودة
يبقى أن التوظيف في قطاع الخدمات المالية دون مستوى الطموح، ويتعارض مع الأهمية الكبيرة لهذا القطاع في الاقتصاد البحريني. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن قطاع الخدمات المالية قام بتوظيف 8219 فردا في العام 2005، وبالمقارنة بلغ عدد العاملين في القطاع في العام 2004 تحديدا 7542 شخصا. وعلى هذا الأساس ارتفع عدد العاملين في قطاع الخدمات المالية بنسبة 9 في المئة، أو 677 موظفا في غضون سنة واحدة. ويمثل هذا الرقم نصف نسبة النمو في القطاع في العام الماضي، الأمر الذي لا يبعث على الارتياح.
حقيقة هناك الكثير من الأسباب وراء ضعف مستوى التوظيف في هذا القطاع الحيوي للاقتصاد البحريني، وتشمل هذه الأسباب التقنية العالية المتوافرة والتي تسمح للمصارف بتقديم خدمات متطورة بواسطة التلفون والانترنت من دون الاعتماد على العنصر البشري. لكن لابد من الإنصاف قليلا إذ إن القطاع يوفر وظائف أخرى بطرق غير مباشرة، والمنبثقة من خدمات الدعم مثل المطاعم التي تزود العاملين في المصارف فضلا عن المباني التي تنشأ لصالح المؤسسات المالية. لذلك فإن حجم التوظيف الحقيقي (المباشر وغير المباشر) المرتبط بقطاع الخدمات المالية أعلى من الرقم المنشور.
بحرنة عالية
تعتبر نسبة البحرنة مرتفعة نسبياً في قطاع الخدمات المالية مقارنة مع ما هو سائد في البلاد (يشكل المواطنون أقل من ربع العاملين في مؤسسات القطاع الخاص). فقد حافظت نسبة البحرنة في قطاع الخدمات المالية على مستواها في العامين 2005 و2004. وبلغ عدد العاملين من المواطنين 5951 فرداً في العام 2005 مشكلين فيما بينهم أكثر من 74 في المئة من المجموع. بالمقارنة بلغ عدد المواطنين 5581 فردا في القطاع في العام 2004 أي نسبة الـ 74 في المئة نفسها.
المعروف أن البحرينيين يرغبون في العمل لدى المؤسسات المالية وذلك على رغم ساعات العمل الطويلة نسبيا، والتي تمتد في بعض الأوقات إلى وقت متأخر من المساء. فالمشهور أن العائد مجزئ في العمل لدى المصارف فضلا عن المكافآت خصوصا (البونس) السنوي والفوائد الأخرى التي توفرها المصارف لموظفيها مثل التأمين الصحي ونظام التوفير الداخلي ودفع اشتراكات الأندية الصحية. ويعرف عن بعض مصارف الاستثمار تحديداً كرمها في إعطاء (البونس)، إذ قد يحصل الفرد على أكثر من عشرة أضعاف راتبه. نأمل أن تقوم عشرات المؤسسات المالية العاملة في البلاد بتوظيف المزيد من المواطنين مساهمة منها في حل مشكلة البطالة
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1476 - الأربعاء 20 سبتمبر 2006م الموافق 26 شعبان 1427هـ