العدد 1475 - الثلثاء 19 سبتمبر 2006م الموافق 25 شعبان 1427هـ

11 سبتمبر والحلقة المفقودة

نبيل عبدالكريم comments [at] alwasatnews.com

.

في مناسبة الذكرى الخامسة لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 عرضت محطة «العربية» خمسة أشرطة سينمائية عن الموضوع. الأفلام توثيقية ولكنها أيضاً تحتوي على عناصر درامية عند الحاجة لأن المخرجين اضطروا إلى استخدام «الدراما» لتوثيق الحوادث وربطها وكذلك استخدمت «الوثائق» والمعلومات الاستخبارية كمادة أرشيفية لصناعة الأشرطة.

عموماً، تعتبر خطوة «العربية» في عرض الأفلام ضربة موفقة لأنها فعلاً تقدم فكرة عامة عن حوادث هزت العالم وأسهمت في تغيير السياسة الأميركية وطرق تعاملها مع الداخل والخارج. كذلك صنعت الأشرطة بأسلوب توثيقي/ درامي مثير وعلى سوية تقنية عالية وبهدف التأثير على المشاهد وجعل المتلقي في وضع محكوم برؤية واحدة واتجاه واحد.

الأفلام الخمسة تتحدث عن الحوادث الأربعة. وكل شريط تناول مسألة محددة واشتغل عليها المخرج في محاولة منه لإبراز تفصيلات كثيرة تحت سقف معلن وهو أن تنظيم «القاعدة» يقف وراء الهجمات.

الشريط الأول تناول قصة رجال الإطفاء الذين سارعوا إلى إنقاذ القاطنين أو العاملين في البرج. فالشريط يتحدث عن الإخلاص والتضحية والاستعداد للمغامرة من خلال روايات شفهية موثقة أدلى بها ناجون من فرقة إطفائية نيويورك. فالعنوان كان عن بسالة هؤلاء وشجاعتهم خلال فترة القيام بواجبهم إلا أن الموضوع أشار من بعيد وقريب إلى إقدام مجموعات على ارتكاب جريمة ضد ناس أبرياء وُجدوا مصادفة في ذاك المكان.

الشريط الثاني يتحدث عن «خلية هامبورغ» المتهمة بأنها تقف وراء تلك الهجمات. هذا الفيلم أقرب إلى الدراما لأنه يتخذ من الشائعات والروايات والتحقيقات والوثائق والأهل والزوجات والجيران والأساتذة والشرطة والتحريات مصادر معلومات من جهات مختلفة قام المخرج بمزجها وربطها في سياق مبرمج ليؤكد أن تلك الخلية التي قادها محمد عطا هي التي نفذت عمليات خطف الطائرات الأربع. وقادة العمليات عاشوا سوية من بينهم زياد الجراح المتهم بخطف «الرحلة 93».

الشريط الثالث يتحدث عن قصة «يونايتد 93» وكل ما دار حولها من شائعات وتفسيرات وتأويلات عن دور الطيران العسكري في إسقاطها بصاروخ لمنع وصولها إلى مبنى الكونغرس في واشنطن. هذا الشريط شبه الدرامي محكوم بروايات أهل ركاب الطائرة وتلك الاتصالات التي أجروها مع أمهاتهم وزوجاتهم للوداع أو لوصف ما يحصل داخل الطائرة. فالقصة موثقة بالمكالمات الهاتفية وما ذكر عن محاولة ركاب الطائرة مواجهة الخاطفين لاستعادة زمام المبادرة وانتهت أخيراً إلى الفشل وسقوط الطائرة ومقتل كل ركابها.

الشريط الرابع رائع. فالمخرج فرنسي وهو وُجد مصادفة في نيويورك حين حصلت الهجمات. وكانت مهمة فريق العمل التابع للتلفزيون الفرنسي تصوير شريط يوثق أنشطة إطفائية المدينة من خلال شاب انتسب حديثاً إلى الفرقة. فالموضوع كان محاولة تقديم فكرة للمشاهد الأوروبي عن تجربة الإطفائي في مدينة هائلة الحجم من خلال رصد حياة شاب التحق حديثاً بهذه المهنة الخطرة.

بدأ تصوير الشريط التوثيقي في يونيو/ حزيران وعاش الفريق التلفزيوني مع الفرقة الإطفائية إلى أن كان ذاك اليوم. ففي صباح 11 سبتمبر يتلقى مركز الإطفائية مكالة تقول إن هناك رائحة غاز في منطقة تقع بالقرب من مركز التجارة العالمي. ويتوجه الفريق التلفزيوني مع الإطفائية لتصوير لقطات عن الموضوع وفجأة تصطدم الطائرة الأولى بالبرج الشمالي. وينجح الفريق في تصوير المشهد الوحيد لحادث الاصطدام الأول. ويتوجه المخرج مع مجموعته برفقة الإطفائيين إلى البرج للقيام بواجباته ويحصل بعد دقائق حادث اصطدام الطائرة الثانية بالبرج الجنوبي. ويبدأ الفريق التلفزيوني بتصوير المشاهد من الداخل والخارج لقطة لقطة. وهكذا تنقلب مهمة الفريق التلفزيوني مصادفة وتتحول من متابعة حياة الإطفائي الشاب الروتينية والمملة أحياناً إلى ملاحقة أهم وأخطر حدث حصل في مطلع القرن الواحد والعشرين.

الشريط الخامس لا يقل روعة عن الرابع. فالأخير في السلسلة حمل عنوان «الحلقة المفقودة» ومهمة الفيلم التوثيقي اقتصرت على التشكيك بكل الروايات التي ذكرتها المصادر الرسمية عن حقيقة حوادث 11 سبتمبر والطرف الذي يقف وراء عمليات الخطف.

مخرج الحلقة الأخيرة من الأشرطة ينسف كل ما قيل، ويفكك بدقة وبتفصيلات علمية وذرائع قوية وتوثيق مسجل بالأصوات والصور والأوراق ما ورد بشأن الهجمات. فهو يشكك في موضوع اصطدام الطائرتين المدنيتين بالمركز التجاري ويرجح حصول تفجيرات داخلية إضافة إلى ضربات صاروخية. ويدحض نظرية سقوط طائرة مدنية على مبنى «البنتاغون» ويرجح حصول انفجار داخلي أعقبه هجوم صاروخي خارجي. كذلك يفكك كل الكلام الذي قيل أو نقل عن مكالمات ركاب «يونايتد 93» ويقدم مجموعة أدلة على أن ما حصل مختلق من أساسه.

«الحلقة المفقودة» ينطلق من وجود مؤامرة ويؤسس على هذه النظرية مجموعة شكوك. مثلاً، أكد المهندسون استحالة سقوط مركز التجارة بمثل هذه السهولة لأن الفولاذ متين ولا يذوب أو يلتوي بمثل هذه البساطة من دون حصول تفجير داخلي. ومبنى «البنتاغون» تعرض لانفجار داخلي استناداً إلى شريط صورته كاميرا مصرف أو شركة مقابلة لوزارة الدفاع. كذلك شأن «الرحلة 93» إذ آنذاك لم تكن الهواتف النقالة قادرة على إجراء مكالمات على ارتفاع 30 ألف قدم كما هو حالها الآن. وهكذا يلاحق «الحلقة المفقودة» كل الروايات خطوة خطوة ولقطة لقطة وصولاً إلى التأكيد على وجود ثلاثة من الخاطفين على قيد الحياة كانت سُرقت جوازات سفرهم وأبلغوا عن الموضوع سابقاً.

بغض النظر عن الأكاذيب والوقائع، تعتبر خطوة «العربية» جريئة وموضوعية ومحايدة حين قررت عرض كل الأفلام يوماً بعد يوم، تاركة شريط «الحلقة المفقودة» إلى نهاية السلسلة. فالأخير يلغي الأوائل ويطرح الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى أجوبة موثقة لا اتهامات مسبقة

العدد 1475 - الثلثاء 19 سبتمبر 2006م الموافق 25 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً