العدد 1475 - الثلثاء 19 سبتمبر 2006م الموافق 25 شعبان 1427هـ

مشكلة أطفال اليوم والتكنولوجيا

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بين الحين والآخر ترتفع بعض الأصوات المطالبة بحجب تكنولوجيا المعلومات عن الأطفال، وعلى وجه الخصوص تلك التي لها علاقة بالإنترنت والويب. لا تختلف مثل هذه الدعوات عن تلك التي رافقت انتشار التلفزيون الملون وبعده ألعاب الفيديو. مطلوب استمرار تلك المخاوف طالما احتفظت بموضوعيتها وحرصها على الاستماع إلى من يخالفها الرأي، ولم تصل إلى حال التشنج الأعمى. لكنها متى ما تجاوزت ذلك تتحول إلى حال مرضية تحتاج إلى المعالجة. محور تلك المخاوف، هو أن التكنولوجيا، وخصوصاً الإنترنت تعرض أطفالنا إلى «ثقافة قريبة من ثقافة الراشدين، وتطلعهم على مواد غير مناسبة لأعمارهم، وبعض تلك المواد ربما يكون مضرا».

لكن من يراقب أطفال الإنترنت سيجد أن فوائدها تفوق مضارها، مهما كانت تلك المضار، خصوصاً عندما نقارنها، مع تلك التي تمتع بها جيل أطفال التلفزيون والفيديو في الستينات. أول تلك الفوائد، أنها، أي الإنترنت، أكثر ملاءمة لرغبات الطفل وأشد تلبية لاحتياجاته. على سبيل المثال بينما كانت أجيال الستينات محصورة في قناة أو قناتين تلفزيونيتين، في أفضل الأحوال، كانتا تبثان برامج تخاطب الأطفال، كان على الأطفال الانتطار بفارغ الصبر موعد بث تلك البرامج، توفر الإنترنت مكتبة إلكترونية غنية لامتناهية، تكاد تكون قادرة على تجاوز الحواجز الزمانية والمكانية، ناهيك عن تلك الحضارية. وكلما ينبغي على الطفل أو الطفلة عمله هو الاختيار من خلال الإبحار على المواقع التي تختارها، وهي غير محدودة العدد.

المسألة الثانية هي بيئة الحوار المتبادل والتفاعل التي توفرها الإنترنت للأطفال الذين يبحرون على مواقعها. فبينما كان جيل الستينات لا يملك سوى انتظار ساعة بث البرامج التي يحبها، ويبقى مسمرا عينيه عليها من دون أي تدخل مباشر منه في محتوياتها، نجد الإنترنت، على خلاف من ذلك تبيح له التفاعل إلى مستوى التغيير في محتوى المادة التي يشاهدها او يقرأها الطفل، بل وتبيح له المجال كي يغير في الهيأة الأصلية لها. أي أن يحول النصوص إلى صور، والصور الساكنة الصامتة إلى شريط متحرك وناطق في آن.

المشكلة الحقيقية التي ولدتها الإنترنت مصدرها جهل الوالدين أو أولياء الأمور والمربين بأوجه استخدام الإنترنت أو محدودية قدراتهم في الاستخدام الأشمل لها. هذه المشكلة لم تواجه أولياء أمور أو مربي الستينات. هنا نجد أولياء الأمور يلهثون وراء أطفالهم لتعلم أولويات استخدام الإنترنت. الكثير منهم يقفون في منتصف الطريق. وبدلا من العودة إلى الوراء قليلا ومحاولة تطوير مهاراتهم من أجل مد جسور الحوار التربوي مع أطفالهم ، نجدهم يجفلون إلى الخلف ويبنون جدارا من العزلة بينهم وبين أولئك الأطفال الباحثين بلهفة عن مشاركة عائلية فيما هم مستمتعون به من مواد ثقافية وتربوية مسلية.

نتيجة كل ذلك، قطيعة اجتماعية داخل الأسرة، الأطفال هم الأكثر تضررا منها، وتوتر أسري يولد بيئة غير صحية في العلاقات الأسرية. والمحصلة النهائية تفكك أسري تكون الانترنت أو التكنولوجيا هو آخر من نلومه عنه.

من الخطأ البحث عن حلول سحرية أو جاهزة، لكن الخطوة الأولى على مثل هذا الطريق هو أن يقتنع الوالدان بأن الإنترنت، شأنها شأن أي أداة نخترعها أو نصنعها أو نكتشفها، ليست محصنة ضد السلبيات أو المضار، لكنها أيضا ضئيلة ومحدودة أمام تلك الفوائد التي نجنيها من وراء استخدامها. ولكي نحقق الفوائد القصوى منها، ليس هناك من طريق سوى استخدامها من أجل تقليص المثالب وتعزيز الفوائد. والوالدان والراشدون، وليس الأطفال والمراهقون، هم حجر الأساس في كل ذلك

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1475 - الثلثاء 19 سبتمبر 2006م الموافق 25 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً