في مطلع الخمسينات من القرن الماضي كانت البحرين تسير نحو بركان من الطائفية، وكانت هناك مجموعات قد اعتبرت ان الفتنة الطائفية هي سبيلها الوحيد لتحقيق ما تصبو اليه. وفعلاً، انفجر الوضع طائفياً في العام 1953 وحدثت مواجهات طائفية في عدة مناطق، منها المنامة وعراد وشركة بابكو، واحتشدت الصفوف بعد فصلها طائفياً وعنصرياً.

في ظل تلك الظروف العصيبة آنذاك، شمّر عدد من شرفاء البحرين من الطائفتين عن سواعدهم، وعقدوا العزم على رأب الصدع وتوحيد الصفوف وتعزيز المكانة الحضارية المرموقة لبلادنا الحبيبة، البحرين. تلك النخبة عرفت ان الطائفية هلاك للجميع، وسارعت الى الاجتماع فيما بينها، وأجرت اتصالات مكثفة مع جميع الوجهاء ومع رموز الدولة، وأنتجت تلك الاجتماعات والاتصالات والجهود تأسيس جبهة وطنية واحدة دحرت كل المحاولات السابقة، وقلبت الامور 180 درجة، واتجه الجميع نحو أهداف مشتركة وقواسم لايمكن الاختلاف عليها.

نخبة الخمسينات ضمت التجار وعلماء الدين والمثقفين والصحافيين وغيرهم من وجهاء البحرين الذين أخلصوا لمجتمعهم ورصوا الصفوف وأبعدوا الشر عن البلاد والعباد. اننا في حاجة ماسة الى مثل هذه النخبة التي تستطيع ان تفعل الأمر ذاته، وهي بذلك ستكون سنداً للمشروع الاصلاحي الذي قاده جلالة الملك منذ العام 2001، كما انها ستوفر السبيل نحو «الفة» بحرينية مجيدة.

إن القرآن الكريم تحدث عن المجتمع لقريش في مكة المكرمة عند ظهور الاسلام بقوله تعالى «لايلف قريش، إلفهم رحلة الشتاء والصيف»... تلك الالفة التي كانت مدعومة باقتصاد قوي قوامه الرحلات التجارية آنذاك هي ذاتها الإلفة التي أعطت أهل البحرين سمتهم على مر العصور. وبسبب هذه الأصالة والطيبة استطاعت نخبة الخمسينات ابعاد البحرين عن براثن الطائفية والفرقة آنذاك، ونحن نستطيع أيضاً ان نضع أيدينا ببعضنا البعض وننطلق نحو مستقبل مؤسس على الثقة المتبادلة والممارسات الشفافة في العملية السياسية. ان كل هذه الأمور ليست صعبة المنال خصوصاً بعد أن أعلنت قوى المجتمع نزوعها نحو العمل السياسي السلمي الملتزم بالثوابت الوطنية والقواسم المشتركة التي جمعت وتجمع أهل البحرين على الخير