العدد 1474 - الإثنين 18 سبتمبر 2006م الموافق 24 شعبان 1427هـ

واجه التطرّف بالتعاطف الديني

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تقوم زينب السويجي، إمرأة عراقية - أميركية مسلمة ورئيسة الكونغرس الإسلامي الأميركي، بدعم النساء الفقيرات في العراق عبر مساعدتهن على التعبير عن حقوقهن واحتياجاتهن، مثل تأمين التعليم لأولادهن، إنها تعرّض حياتها للخطر في كلّ رحلة تقوم بها إلى العراق.

تعهّد باستور سام دو سنة 1995، أحد الناجين من المجزرة الليبيرية، أمام الله أن يعمل على نشر السلام ومساعدة الناس في تخطي المصاعب، ذلك بعد رؤية الأولاد يموتون من جرّاء الحرب والمجاعة، وقد عبّر عن استعداده للتضحية بذاته.

دفعه هذا التحوّل الديني إلى احتضان جميع الأولاد، حتى أولاد الجنود السابقين، في غرب إفريقيا، في حين نبذهم الجميع. لقد احتضنهم كأب روحي ليقاوم عمل آبائهم الذين يمثلون قادة الحرب، وقد شرّبوا أبناءهم مبادئ دينية خاطئة بشأن الجهاد بالإضافة إلى شدّة التأثر بالإبادة الجماعية، حاليًا، يعمل سام مع الكثير من الناس ضمن شبكة خاصة بمجموعات سلمية في غرب إفريقيا، من شأنها ابتكار مقاربات جديدة لتنمية المجتمع المدني.

يُعتبر مفتي سورية الكبير، الشيخ أحمد حسون، من الخطباء الشديدي التأثر في الإسلام، ولايزال حتى الآن يستغلّ خطابه ليحث المسلم على احتضان أخيه الإنسان وخصوصاً الأقرباء المسيحيين في سورية. إنه مدافع مخلص عن حقوقهم وروحانيتهم. كما أنه يجمع كل ما يقدر عليه من مساعدات للفقراء في كل أسبوع، إنه يثير جنون المتطرفين في منطقته، ليس لكونه يحطّ من قدرهم، وإنما لأنه ينافسهم فعليًا على أسر انتباه وتقدير الجماهير المستضعفة.

ليس هذا إلاّ جزءًا صغيرًا من مجموعة مذهلة من رجال الدين الذين يغيّرون مجرى التاريخ بشكل من الأشكال، شخصًا تلو الآخر. حان الوقت للأنظمة الغربية، غير المدركة عادة للفعاليات الدينية، أن تتعرّف على هؤلاء الأشخاص المميزين وتكتشف كيفية استخدامهم لأفضل التقاليد الدينية في سبيل دعم مجتمع سلمي في جميع أنحاء العالم.

لن يكون ذلك سهلاً، كون الذين يديرون وكالاتنا الدولية والوطنية غير معتادين على إقامة هكذا علاقات.

كونهم تدرّبوا في أفضل المؤسسات الفكرية في العالم، يشكّل غالبية صانعي السياسة والبيروقراطيين أبناء لمذهب التحرّر الفكري، وبالتالي تُعتبر النهضة الدينية صدمة بالنسبة إلى نظرتهم إلى العالم. لم يملكوا أدنى فكرة عن مدى مرونة الدين وتكيّفه مع العالم المعاصر. لهذا السبب، إنّ الكثير منهم غير مهيّئين لمواجهة المتديّنين المتطرّفين.

من العراق إلى أوروبا الغربية فالولايات المتحدة، من الواضح أن الدين يشهد نهضة، ويميل إلى التطرّف في الكثير من الأماكن. ومن الواضح أيضًا أنّ المتطرفين يُوجدون وسط المجموعات الأكثر تكيّفًا في العالم اليوم.

إنهم يُوجدون في المدارس الدينية التقليدية، ودور العبادة، والمنظمات الكهنوتية من دون جدوى، سواء كانوا محافظين أم معتدلين أم ليبراليين. يستخدم المتطرفون الشبكة وغيرها من الوسائل الإعلامية المجدية للشباب، ويعلمون تمامًا كيف يثيرون غضب الملايين من الضعفاء والمساكين.

إنهم يبرعون في تأمين أشكال المساعدة الفورية والمهمة بأساليب تفشل غالبية الدول الأخرى كليًا بتقديمها. غالبًا ما يملكون سلطة دينية جزئية، ولكنهم يكتسبونها من جرّاء التأثير الشعبي الكامل في عالم يسيطر عليه - أو يطغى عليه - تدريجيًا نفوذ الحشود الجماهيرية. يتم اكتساب السلطة الدينية تدريجيًا، عبر مدى تلبية المتطرّفين لحاجات الفقراء أو مدى تعبيرهم عن غضبهم تجاه الظلم.

إذا أردنا، نحن الذين نؤمن بالتسامح والتعايش، بناء حضارة أفضل وأكثر سلمًا علينا تعلّم التكيّف من المتطرفين، علينا أن ندرك نفوذهم على الفقراء والمُبعدين وبالتالي هزمهم في الأسلوب الذي اعتمدوه.

نحتاج إلى معرفة متى يحضّر لنا المتطرفون كمينًا، متوقّعين منّا التصرّف بأساليب معيّنة. علينا اكتشاف ما يزعجهم وتطبيقه، وما يرضيهم والتوقف عن القيام به. يروق لهم تهميش الحكومات للفقراء، أو انخراط الغرب في أعمال تشير إلى التعصّب ضد المسلمين.

تصعب مقاومة ذلك إذ إنّ المتطرفين يسعون بشدّة إلى ارتكاب الجرائم باسم إيمانهم، ويصعب عدم الرّد عندما يُحتجز الملايين من أبناء دينهم المشتبه فيهم.

ولكنّه من المؤكّد أيضًا، أنّ المتطرفين يغضبون بشدّة عندما يقوم المجتمع الغربي بالمطالبة، أو عندما يهتم المعتدلون، أو القادة أو المنظمات الدينية السلمية باحتياجات المستضعفين. إذا عملوا بجهد، يمكن للدول والقادة الدينيين التقليديين أن يقدّموا للشعب ما يقدّمه المتطرفون إليهم، شعور بالفخر، والاحترام الذاتي، والرعاية وسط الاضطرابات، والأمل.

ليس جميع الإرهابيين من المُستضعفين. وإنما يشكّل المستضعفون، بالتأكيد، مبتغاهم كونهم يسعون إلى تأسيس نظام عالمي جديد. أن يصبحوا أكثر رعاية ومطالبة بالحقوق من المتطرفين، هو أمر سيتطلّب من قادة العالم، والقادة الدينيين التقليديين، ومن موجّهي الوكالات الدولية الأساسية المعنية بالتنمية والمساعدة، اعتماد أسلوبًا فكريًا حديثًا.

إذا كانت النهضة الدينية تشكّل جزءًا من علّة التطرّف الحالية، على العلاج أن يهتم بالمسألة ذاتها - شدّة التأثر بالدين - ولكن بأسلوب من شأنه التأكيد على القيود المشتركة بشأن الروابط الاجتماعية في المجتمع المدني. ويمتثل الأسلوب الأفضل للقيام بذلك عبر دراسة ودعم النساء والرجال المميزين الذين يتفرّغون لإنجاز ذلك. إنّ هؤلاء الصانعين للسلام غير معروفين للعالم نسبيًا وأحيانًا لبعضهم بعضاً. على الغرب أن ينشر الأخبار الجيدة المتعلّقة بإنجازاتهم، وأن يستخدم ثروته الهائلة لدعم هؤلاء الأبطال في المجتمع الدولي.

مارك غوبان

مدير مركز الأديان العالمي والدبلوماسية وحل الصراعات في جامعة جورج ميسون في فيرفاكس، فيرجينيا، وهذا المقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1474 - الإثنين 18 سبتمبر 2006م الموافق 24 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً