كنت قد أشرت في مقال سابق إلى أنه يعيش حالياً في البحرين أكثر من 150 ألف هندي إذ يوجد عدد ليس بقليل من الأسر البحرينية ذوات الأصول الهندية التي تقطن البلاد منذ أكثر من 100 عام.
وعلى رغم ذلك فإن ذاكرة البحرينيين مازالت حتى الآن تختزن الصورة النمطية للهنود أو القوميات القادمة من شبه القارة الهندية بشتى أنواعها، فهم - أفراداً وجماعات - يعاملون بدرجة ثالثة لا حتى ثانية ومن دون حقوق ولا هم يحزنون.
أما اليوم فهم يتمتعون بمزايا تحثهم على جلب جميع أفراد أسرهم من أقاصي الهند للعيش في البحرين بدلاً من بعض دول الجوار، فالمناخ الحقوقي المتمثل في حصدهم المواطنة أمر يفضلونه في الوقت الحالي مقارنة بأوضاعهم المدنية في تلك الدول الخليجية الأخرى التي حتى في ظل المناخ الاقتصادي الحر تفتقر إلى هذه المزايا والمكاسب بالنسبة إليهم.
إن العوائل الهندية وتحديداً الهندوسية المعروفة بـ «البونيان»، وتعني تجاراً بالهندية، بدأوا يتجاذبون أطراف الحديث بل والتكلم بصوت مسموع من دون تحفظ أمام البحرينيين، عن مدى إيجابية التجنيس في البحرين الذي أدى إلى رفع نسبة الهنود الهندوس عن غيرهم من الطوائف الدينية الأخرى من قبل السلطات البحرينية في الآونة الأخيرة، وهو كما يبدو يثلج صدر هذه الطائفة التي تشعر بالفخر بازدياد نفوذها داخل المجتمع البحريني.
هذا الكلام لم يُخترع بل قالته سيدة هندية تحمل الجنسية البحرينية في لقاء اجتماعي جمعني بها منذ أيام، وهي التي تعيش في البحرين منذ فترة طويلة ولديها أنشطة مترامية الأطراف بين جاليتها «المتبحرنة» من جانب الأوراق الرسمية الذين - بمن فيهم هي - لا يتحدثون اللغة العربية أو اللهجة البحرينية على رغم أن شروط الجنسية تفرض شرط التحدث باللغة العربية.
وأضافت أن أبناء طائفتها متفائلون وخصوصاً أن عددهم سيرتفع خلال العشرين سنة المقبلة إن استمر تجنيسهم وبالتالي فإنه يتوقع أنتكون النسبة مهمة، وهو ما سيفرض تلقائياً إعطاءهم أدواراً مختلفة على المستويين الرسمي والأهلي لأبناء الهندوس الذين كانوا في وقت ما أقلية وإن لم يحدث فسيكون انتهاكاً لحقوقهم كمواطنين بحرينيين.
لقد استشهدت هذه السيدة الجليلة بنماذج كثيرة عن دور الهندوس من موريشوس إلى بريطانيا، مؤكدة أنه على البحرينيين أن يتأقلموا مع الوضع الجديد لأن الهند في طريقها لأن تصبح قوة عظمى ولا يمكن خذلها ببساطة أو أبنائها الذين عمّروا وبنوا وحركوا اقتصادات معظم بلدان العالم بما فيها البحرين.
ونحن بدورنا نسأل في ظل محاولات نشر روح الضغينة والطائفية بين «البحارنة» و«الهولة» و«العجم» و«العرب» (الذين إما «سنة» أو «شيعة»، «مسلمون» وإما «مسيح»، أو «يهود»، أو «بهرة» او حتى «صابئة»)، يشكلون نسيجاً من المجتمع البحريني وذلك بعد أن فُضح وكُشف ستار الأقلام المستأجرة في بعض الصحف والمنتديات الإلكترونية الطارئة ممن باعوا أنفسهم ببضعة دنانير... هل ستوجه أقلامهم وهرطقتهم بعد عشر سنوات من الآن إلى طائفة الهندوس، وذلك بعد أن أبدوا هرطقة كثيرة تدعو منذ أسابيع إلى «تطهير عرقي» لذوي الأصول الفارسية من أهالي المحرق؟
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1474 - الإثنين 18 سبتمبر 2006م الموافق 24 شعبان 1427هـ