وزارة التربية والتعليم في البحرين تعتبر من الوزارات الكبيرة العدد والعدة والمسئوليات... واجباتها تتركز في تربية الأجيال الصاعدة من أبناء هذا البلد، ومن ثم تعليمهم كيفية اختيار الطرق المستقبلية الصحيحة لخدمة بلدهم وأهلهم، وتدريسهم ما يلزم من المناهج المتطورة التي تتناسب مع قدراتهم الذهنية ومتطلبات المستقبل الزاهر(المفترض) لهم ولوطنهم... ولعمل كل ذلك من قبل أعلى سلطة في الوزارة فإن هناك بعضاً من المتطلبات التي تعتبر ضرورات للمدرس والموظف...
بالنسبة إلى الموظفين في وزارة التربية والتعليم فإننا سنتطرق إلى احتياجاتهم الضرورية لكي يؤدوا أقصى درجات العطاء في مقال لاحق... أما اليوم فنحن سنتطرق إلى بعض من الاحتياجات الضرورية لهيئة التعليم في المدارس المنتشرة في جميع أرجاء المعمورة البحرينية، طبعاً المعاناة مشتركة بين المدرسين والمدرسات، لكننا سنخص بالذكر المدرسات الإناث أكثر من المدرسين الذكور وذلك لأن معاناتهن ستزيد إذا أضفنا إليها إدارة منازلهن وتربية أطفالهن ونظرة أزواجهن...
المدرسات المسكينات... اللاتي لا يملكن رخص سياقة بالذات، أو اللاتي لا تسمح لهن ظروفهن بامتلاك سيارات... هن يتعرضن للكثير من الضغوط الوظيفية والمنزلية على حد سواء، وذلك بسبب خطة وزارة التربية والتعليم في عمل التدويرات (الضرورية وغير الضرورية) في التنقلات السنوية للغالبية العظمى منهن... فنجد أن من يسكن في شمال مدينة عيسى ينقلن إلى مدرسة تقع في الهملة، ومن يسكن في البديع ينقلن إلى المعامير، ومن يسكن المحرق ينقلن إلى الرفاع، ومن يسكن الهملة ينقلن إلى عراد، ومن يسكن الحد ينقلن إلى المعامير، ومن يسكن سترة يدرسن في الدراز... هذا يذكرني بما كان يعمله الزعيم الروسي (ستالين) في نقل العائلات بالقوة وترحيلها من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ومن أول الشمال إلى آخر الجنوب في روسيا...
أنا لا أعلم ما هو السر الحقيقي الذي يجعل الوزارة تجري هذه التعيينات الشاقة بدلاً من عمل خطة التوظيف القريبة من السكن مادامت هناك مدارس متوافرة وشواغر متعددة... لكن الذي أعلمه هو أن الوزارة موجودة لإيصال رسالة التعليم إلى أبناء البحرين، وهذه الرسالة لابد أن تصل بواسطة المدرسين، والمدرسين والمدرسات لابد أن يكون لهم كامل الحضور الذهني والنفسي والجسماني لكي يتمكنوا من إيصال المعلومة الصحيحة (وبكل أمانة) إلى أبنائنا الأعزاء، والحضور يعني أنه لابد أن يكون الواحد منهم مرتاحاً وفي كامل لياقته وأناقته، وكامل الحضور والجهوزية للمدرس الفاضل (المرسل) ينعكس إيجاباً على ابننا الطالب الشاطر (المستقبل) وهذا هو المطلوب إثباته في المعادلة التي نراها من جانبنا سهلة التنفيذ وتراها الوزارة صعبة...
طيب يا إخوان... تعالوا نحسب ما هو موجود حالياً مع وزارة التربية والتعليم ونرى إذا كان بإمكان غالبية المدرسات البحرينيات العمل في أجواء صحية سليمة وإيصال المعلومات الصحيحة إلى طالباتنا (أمهات المستقبل)... تصحو المدرسة من النوم في تمام الساعة الرابعة صباحاً ولديها (فقط) ساعتان لكي تجهز نفسها وبيتها وعائلتها من إفطار وترتيب وتلبيس، ثم تنطلق (في الحر الشديد أو البرد والمطر) مشياً على الأقدام ولمدة نصف ساعة (وهي محملة بالكراسات والدفاتر المدرسية ودفاتر الطلبة التي صححتها في المنزل وحقيبة يدها الخاصة) حتى تصل إلى منطقة وصول سيارة الوزارة في تمام الساعة السادسة والنصف، وتصل إلى المدرسة في الساعة السابعة صباحاً... هذه المدرسة من أين لها الطاقة والمزاج والحضور الذهني لتدريس الطلبة؟
الأسوأ من ذلك هو طريق العودة في الشمس الحارة والمشي الطويل في شوارع البحرين التي بلا أرصفة للمشاة، والتي توجد على جنبيها الكميات المتراكمة من التراب والعلب الفارغة والقراطيس المتطايرة... وعندما تصل إلى منزلها يطلب منها أن تكون ربة منزل تدير العائلة وتربي الأولاد... كيف؟ نحن هنا لا نطلب المستحيل من الوزارة المعنية، كل ما نطلبه أمور بسيطة يتقبلها العقل وتحل الكثير من المشكلات التي ستنعكس نتائجها السيئة على الطلبة، والحلول المنطقية هي في الإيعاز لسيارات الوزارة أخذ المدرسات من منازلهن إلى المدرسة (مباشرة) وارجاعهن بالطريقة نفسها، أو وضع المدرسات في المدارس القريبة من سكنهن... أو تخفيض عدد الحصص لهن... وهذا مستحيل..
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1473 - الأحد 17 سبتمبر 2006م الموافق 23 شعبان 1427هـ