في 19 يوليو/ تموز 2004 بعنوان «كيانات موقوفة لخدمة السلطات المتخلفة»، كتبت «ان من الأهمية بمكان على الدولة الوطنية الاعتماد على الطاقات الوطنية المخلصة؛ بدلا من إنشاء كيانات لا صلة جوهرية لها ولا هي فاعلة (أصلا) أو متفاعلة (عرضا) مع أهداف الشعوب وتطلعاتها، أما الاستمرار في سياسة خلق ورعاية مثل تلك الكيانات المسخ، إنما يعتبر من قبيل العلاجات الوقتية المبتذلة شعبيا، والمخلة بنظام وقانون الحياة الطبيعي ومبادئ الضمير الإنساني».
وفي 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2004 بعنوان «النفاق العام والتمجيد السياسي» كتبت «وأخطر صور النفاق هو النفاق السياسي الذي يؤدي إلى خراب الأوطان وحرف المجموعات الإنسانية عن القيم النبيلة»، ونطاق تطبيق النفاق السياسي يتمحور في أروقة الحكم والسلطات.
إن ممارسة النفاق في الدول العربية لا حدود أفقية أو عمودية لها «سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو حتى رياضية، وطبقة تجارية إلى طبقة عمالية إلى برجوازية صغيرة... إلخ»، فالأكاديمي يجهد في وضع الدراسات التخصصية التي تؤيد رأي السلطة، والمثقف لا يدخر وسعاً في البحث عن قصاصات روائية من هنا وهناك لتبرير أعمال السلطة، بل حتى الأندية الرياضية يتم الزج بها في عملية نفاق عام يسود مختلف القطاعات في تلك الدول... وتقوم تلك العصابات بعمليات التمجيد السياسي وتنويم الشعوب بالمخادعة والمراوغة واللف والدوران وتصوير الأمر على غير ما هو قائم، وتحوير الصراعات «صراع من أجل الحقوق واللقمة» إلى صراع من أجل الحكم! وهو الفزاعة المتجددة في المجتمعات المتخلفة التي لا تمتلك السلطات السياسية أوكسجين بقائها إلا بترديدها بين فترة وأخرى، لكسب طرف ضد آخر، وتأمين الانشطار العمودي اللازم كما يذهب إلى ذلك الباحث السوسيولوجي عبدالهادي خلف... وتحاول البطانات الفاسدة خلق فزاعة قديمة متجددة كلما سنحت الفرصة لها للقيام بمثل هذا العمل الراقص على أوتار الطائفية أحيانا والمناطقية أحيانا أخرى.
وفي 17 يناير/ كانون الثاني 2006 بعنوان «ثوابت قلم» كتبت «المطالبة بحقوق الناس في هذا الوطن؛ في الحرية، العدل والمساواة، والكرامة الإنسانية، والعيش في كنف مجتمع آمن وفي ظلال من السلم الاجتماعي العام، والتطلع إلى غد ديمقراطي... ثوابت ووعد لابد أن يلتزم بهما أي قلم يطمح صاحبه في غد أفضل للوطن. فالكاتب الصحافي يخوض غمار امتحان يومي عرض فيه معتقداته وما يعتنقه من أفكار وخلاصة تجاربه واستنباطاته وتحليلاته وآرائه على الناس؛ فهو يكتب من أجلهم... إنه خاضع لامتحان يومي عسير واستفتاء عام، درجات النجاح والرسوب فيه بأيدي القراء والمتابعين».
وفي 31 أغسطس/ آب 2005 بعنوان «أعمدة النفاق السياسي» كتبت «هناك نفاق وتمجيد سياسي رخيص ومبتذل يقوم به كتاب الأعمدة، والذي مع الأسف صار اليوم (النفاق) من الموجبات الطردية للعلاقات الاجتماعية الحاضرة، ووسيلة للترقي، والأكثر أن يستخدم الكاتب (المثقف) قلمه الراقي لتخريب الوعي الوطني بدلا من بناء الإنسان والمساهمة في التربية المواطنية التي هي جزء من واجبات الكتاب والمثقفين عموما».
مسح الجوخ تفشى بصورة مذهلة في صحافتنا المحلية عبر كتاب الأعمدة. هذا يكتب بـ «الريموت كونترول» وذاك يكتب دغدغة لمشاعر الناس الغرض منها بالدرجة الأساس ممارسة النفاق السياسي الرخيص، (وبأجر زهيد لا كمكافأة شهرية إضافة إلى راتبه الذي يتسلمه كـ «كاتب منصات»، أو صحافي آخر يتسلم نظير كتابة ردود على المعارضة وآخر نظير بيانات الحشد الطائفي)... والأدهى من ذلك حينما يكتب المثقف متوسلا المساحة المعطاة له في نفاق رخيص ساقط يؤدي به إلى الدرك الأسفل... مديرا ظهره لمعاناة الناس وأوجاعهم.
ما سبق أردت التذكير به، ولكي لا ننسى أن في هذا الوطن طغمة حائزة درجة الامتياز في الانتهازية السياسية والاجتماعية، لا تريد الخير لهذا الوطن وأهله، وتبحث عن الارتزاق بأية وسيلة وأي ثمن. وللحديث صلة إن كان في العمر بقية لفضح هذه الزمرة الشريرة، وأكلة أموال الناس بالباطل. ولن نسكت عن شرورهم
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1473 - الأحد 17 سبتمبر 2006م الموافق 23 شعبان 1427هـ