نقرأ قناة «العربية» بوصفها محطة إخبارية أثبتت علو كعبها في فترة قياسية، واستطاعت بفضل جهودها الإعلامية أن تخلق فضاء إعلامياً عربياً مغايراً لفضاء «الجزيرة»، ذلك الفضاء الذي كان ولا يزال محط جدل واختلاف بين الإعلاميين والساسة على حد سواء.
هذه الصورة الذهنية تأثرت مع الحرب الإسرائيلية على لبنان، وكان هذا التحول مبرراً بالنسبة لنا كإعلاميين، وفق مؤثرات خارجية نعرفها، وندرك أن ثمة عوامل من خارج المؤسسات الإعلامية تفعل فعلتها في الانزياح عن قيم الموضوعية في الطرح الإخباري لأية مؤسسة. وفي حال «العربية» كان لرأس المال الإعلامي لعبته التي لا ينكرها أحد.
لكن، وبعد انتهاء الأزمة، الذي لا نجد مبررا له هو الإبقاء على «العربية» - حتى اليوم - كقناة ترويج لوساوس «القهر» والتخيلات المرضية للإعلامية اللبنانية جزيل خوري، هذا «الزعم» لا علاقة له بالاتجاه السياسي لجزيل خوري، له علاقة بالبعد الإعلامي مباشرة.
باتت جزيل إعلامية بائسة محورها اليتيم هو شتيمة «إيران» و«حزب الله»، باتت صحافيتنا تعتقد أن السبق الصحافي ينحصر في أن «إيران تتدخل في لبنان/ حزب الله له علاقة بإيران/ إيران تدعم حزب الله ماليا وعسكرياً»، تعتقد جزيل أنها حين تستنطق ضيوفها للنطق بمثل هذه العبارات - التي يقرها حزب الله وإيران نفسهما - فإنها كما يقول المصريون «جابت القط من ذيله»!
الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ضاق ذرعا بها في مقابلته الأخيرة على شاشة «العربية»، باتت جزيل «مريضة» لا تعرف كيف تتحدث، وتسأل السؤال «ذاته» في كل مرة، تستجدي هذه الإعلامية ضيوفها أن يقولوا ما تريد، يخيل لي لو أن أحد ضيوفها يبادر مشكوراً إلى إطلاق مقولتها الكبرى قبل أن تطرح سؤالها الأول، لأنهت جزيل البرنامج ومضت.
ثمة الكثير من الأسماء الإعلامية التي وقفت سلبيا تجاه «حزب الله» في الحرب الأخيرة، إلا أن أياً منها لم يكن بالمستوى الرديء/ المبتذل الذي باتت تبثه شاشة «العربية» في برنامج جزيل «بالعربي».
إنسانيا، ندرك تمام الإدراك أن فقدان جزيل لزوجها شهيد الصحافة اللبنانية سمير قصير يجعل منها امرأة تعيش وضعا مضطربا، إلا ان هذا الوضع لا يجب أن يتحمله مشاهد «العربية»، ولا يمكن أن تكون شاشة «العربية» حكراً لمخرجات قوى 14 آذار دون باقي الأطياف اللبنانية. إلا إذا كانت «العربية» ممولة من قبل قوى 14 آذار. حينها، على القناة - مبدئيا - أن تعلن عن نفسها متحدثا رسميا لهذا الطيف اللبناني. عندها لن يكون لأحد ما أن يقرأ برنامج بالعربي أو جزيل خوري بأنهما مجرد «فوضى» أو استفزاز مباشر للمشاهد العربي
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1473 - الأحد 17 سبتمبر 2006م الموافق 23 شعبان 1427هـ