لا شكّ بأنّ هناك أزمة بين الإسلام والغرب. وغالباً ما يُملى علينا بالتحلّي بالقوّة والتعاطي مع المعتدلين. يتم استخدام المصطلح «معتدل» للإشارة إلى المسلمين المتسامحين الذين يتحاشون العنف والإرهاب. تكمن المشكلة في المفهوم الخاطئ تمامًا الذي تكوّنه هذه الكلمة عن طبيعة الإسلام الفعلية. والأسوأ من ذلك، أنها تضع غير المتسامحين موضع التابعين الفعليين لتقاليدهم الدينية.
أنا مسيحي وكاهن في الكنيسة الإنجيلية. قد أشعر بإهانة كبيرة في حال تسميتي مسيحي «معتدل». لست كذلك؛ أنا ملتزم جدياً بتقاليد ديني. أنا أعي تماماً نص العقيدة الذي أتلوه أيام الآحاد وأؤمن به. كما أنني أشاطر قلق إخواني وأخواتي المسلمين بشأن تزايد العلمانية الغربية والكفر.
استمتع بتمضية معظم أوقاتي في الشرق الأوسط؛ إنّ معظم زملائي من المسلمين. وأكثر الأشخاص الذين أثق بهم ضمن فريق عملي هم مسلمون، بمن فيهم الذين يترجمون لي خلال القدّاس الكنسي.
قد أملك الكنيسة الوحيدة في العالم التي تجتمع في مكتب رئيس وزراء شيعي. إنّ فريق عملي وزملائي ليسوا معتدلين. إنهم ملتزمون جديًا بدينهم ومعتقداتهم. فهم يتحاشون جميع أشكال العنف والأعمال الإرهابية. إنّهم، وعلى غرار غالبية المسلمين، محبون، وجديرون بالثقة، ومعارضون بشدّة لجميع أشكال العنف.
الحقيقة أنني أملك أموراً مشتركة مع الكثير من إخواني وأخواتي المسلمين أكثر مما اشاطره مع الكثير من المزعومين بزملائي المسيحيين. لا اعتبر أحدًا من هؤلاء الناس معتدلين؛ فهم ليسوا كذلك، وإنما هم ملتزمون كليًا بدينهم ومتسامحين كليًا مع «الآخر»، أي كلا من المسيحيين واليهود. وما يودّون رؤيته هم أناس يلتزمون بدينهم ويعبدون خالقهم.
إذا أردنا أن نعالج جديًا المشكلات الفعلية بين الإسلام والغرب، علينا الشروع باستخدام اللغة المناسبة. يعني ذلك في الدرجة الأولى التوقّف عن استخدام لغة «المعتدلين». علينا فعلاً احترام الإسلام، وبالتالي مراعاة الذين يلتزمون بدينهم جديًا. إذا أردنا فعلاً أن نحرز تقدّمًا في العلاقات بين المسلمين والغرب، علينا البدء باحترام الإسلام واللغة والأساليب التي يعتمدها في التعريف الذاتي. وبالتالي علينا إدراك أنّ معظم المسلمين متسامحون وملتزمون بدينهم. فهم يرغبون في التعاون مع الآخرين، وإنما يريدون أن يحترمهم الآخرون، وحتى أن يرغبوا في التعلّم منهم.
ربما، أنا افترض فقط، هناك الكثير ليتعلّمه الغرب من الإسلام. حتى أنه يمكننا نحن كمسيحيين التعلّم منهم لنصبح أكثر التزاماً بتقاليدنا الدينية.
إذا قرّرنا فعليًا كسر الحواجز بين الإسلام والغرب، فلنبدأ بالتطلّع إلى أنفسنا في الغرب، والتوصّل إلى كيفية التزامنا أكثر بديننا ومعتقداتنا. ودعونا نبدأ باستبعاد النزلاء الأساسيين في الإسلام. يتطلّب الإسلام كلاً من الالتزام الجدّي والتسامح مع الآخر. كما دعونا نتوقف عن وجوب اعتبار الذين يتقرّبون من الإسلام في الغرب، مسيحيين غربيين منفتحين. فبإمكاننا أن نلتزم بديننا، كما ليس ضروريًا أن نكون جميعنا غربيين.
القس أندرو وايت
المدير التنفيذي لمؤسسة التسامح في الشرق الأوسط وهو قس إنجيلي في العراق والمقال ينشر بالتعاون مع خدمة «كومن غراوند
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 1473 - الأحد 17 سبتمبر 2006م الموافق 23 شعبان 1427هـ