العدد 1473 - الأحد 17 سبتمبر 2006م الموافق 23 شعبان 1427هـ

من التشخيص إلى العتب... لماذا يا جامعة البحرين؟

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

نتمنى أن نكون مخطئين، ورؤانا بعيدة كل البعد عن الواقع ولكن المراقب لأوضاع جامعة البحرين يرى أن هناك هرولة نحو التخصيص، وهذا أمر ليس بمستغرب بعد أن خطت الحكومة خطوات جريئة وكبيرة في السياق ذاته عندما أسرعت في تخصيص أهم القطاعات وأكثرها حيوية وهو قطاع الكهرباء والماء، والآن تتجه نحو تخصيص التعليم بتنشيط الجامعات الخاصة التي كثرت وأصبحت تقدم خيارات أفضل بكثير من الخيارات التي توفرها جامعة البحرين، وصاحب ذلك إهمال الجامعة الوطنية الأم (جامعة البحرين)، وذلك من خلال عدة قراءات تم رصدها والتي سأحاول تسليط الضوء عليها عبر المقال الآتي إلى جانب تنصلها وانسحابها من أهم الأدوار الرئيسية لها، وبعدها عن التخطيط الاستراتيجي السليم.

تعتبر كليات التعليم التطبيقي مؤسسات تعتني بالتدريب في المستويات المتقدمة وهي بعيدة عن تخصص الجامعات الأكاديمية، ومع ذلك نجد الجامعة تتمسك بخيارها على حساب الدراسات الأكاديمية التي هي من صميم مسئولياتها، في الوقت الذي لا توجد حاليا جامعات أكاديمية تعطي شهادة الدبلوم وذلك بحسب المعايير الدولية، وبذلك تكون الجامعة بصورتها الحالية تعطي شهادة الدبلوم وهي دبلوم غير أكاديمية ما يعني عدم إمكان مواصلة الدراسة الأكاديمية لاحقا وكل ما يطرحه المسئولون من تصريحات مرتجلة بشأن مقدرة الطالب على مواصلة الدراسة لحصوله على شهادة البكالوريوس يعد كلاما في المطلق لتخفيف الضغط عليها، أو أن الشروط المتوقع وضعها لمواصلة الدراسة شروط تعجيزية لا يمكن الا للقلة القليلة من الطلبة تحقيق هذه الشروط لمواصلة الدراسة كأن يتمكن ما يقارب الـ 5 في المئة فقط من الطلاب.

كما أن هناك تخوفاً مطروحاً وهو عدم القدرة على معادلة أي مواد من هذه الكلية مع المواد الأكاديمية ما يجعل الطالب الأكاديمي، في حال عدم قدرته على مواصلة الدراسة بعد تحقيقه الشروط التعجيزية يبدأ من الصفر. لاحظوا أن أي خطأ ينتج يتحمل وزره الطالب من دون سواه في حين تقف الجامعة مكتوفة اليدين، تراقب عن كثب، الكلية بصورتها الحالية تعتبر مشروعا تجاريا للمتاجرة بالطلبة من دون إعطائهم الشهادات الحقيقية، والبرامج الموجودة حاليا في هذه الكلية لا ترقى إلى المستوى المعلن والمطلوب في سوق العمل، وكل الأحاديث التي تتكلم عنها الجامعة بهدف تضييق الفجوة الموجودة لا تعد سوى ذر الرماد في العيون لتنأى بنفسها عن تحمل المسئولية، إذ ان البرامج الحالية وبمستواها هذا لا ترقى حتى إلى مستوى الدراسات والبرامج الموجودة في المعاهد الخاصة.

ونلحظ أن هناك تخليا واضحا عن الدور الرئيسي والتداخل مع المؤسسات التدريبية التي تستطيع أن توفر الأفضل في المجال التدريبي والتطبيقي، ويتضح ذلك بجلاء من خلال عدم وجود طاقم أكاديمي وتدريبي متخصص لهذه الكلية إذ إن جزءاً كبيراً من هذا الطاقم الموجود حاليا يعمل بنظام الانتداب أو العمل الإضافي، ما يعني عدم تفرغه التام وعدم قدرته على التطوير والارتقاء بهذه الكلية إلى أفضل ما يمكن فضلا عن التجهيزات والمناهج المعدة لهذا الغرض، كما يتضح أن هذه الكلية ومع أنها أنشئت من أجل التخلص من بعض المشكلات الموجودة في الجامعة إلا أن المشكلة تفاقمت وأصبحت أكثر اتساعا من ذي قبل، إذ تشير المعلومات إلى وجود نسبة كبيرة من الرسوب في هذه الكلية على رغم أنها مازالت في سنتها الأولى، فكيف تبرر الجامعة هذا يا ترى؟

بالأمس قُبِل فقط 500 طالب في كلية التعليم التطبيقي ولم تستطع الجامعة السيطرة على زمام الأمور، فكيف لها اليوم أن تسيطر على الوضع مع تضاعف العدد؟ وبقاء الأوضاع على ما هي عليه؟ وخصوصا مع دخول 3000 طالب في هذه الكلية وبكون البحرين بلداً غير صناعي فإنه ليست لديه حاجة لأن يكون 66 في المئة من الخريجين سنويا من الطابع الفني، حتى وإن كان الهرم مقلوبا، لا يعني ذلك أن الهرم إذا أصبح في وضعه الطبيعي ستحل كل مشكلاتنا بل ستصبح لدينا مشكلات من نوع آخر.

سابقا كان الطالب يستغرق مدة لا تقل عن أربع سنوات ليتخرج ويصبح جاهزا للانخراط في سوق العمل ويتعطل عندها كثيرا وينضم إلى صفوف العاطلين، الآن بعد النظام الجديد ستتقلص المدة لتصبح سنتين أو سنتين ونصف سنة فقط، فمن المتوقع أن تكون أعداد العاطلين أعداداً مهولة جدا. والقطاع الخاص أيضاً جزء من عملية المشكلة وأيضا الحل، ولا ندري إلى أي مدى سيكون هناك تعاون ودعم لتوظيف هؤلاء الخريجين الجدد أصلا، وهل هم فعلا يمتلكون المهارات المطلوبة أم انهم أنصاف متعلمين؟ كما أن التأمل في التخصصات التدريبية المطروحة ضمن كلية التعليم التطبيقي هي في غالبيتها من اختصاص المعاهد الموجودة في البحرين المتمثلة في معهد البحرين للتدريب ومعهد التدريب الفندقي وكلية العلوم الصحية، كما أن معظم الشركات أنشأت كليات ومراكز تدريب خاصة بها مثل ألبا وبابكو وبتلكو، وهي تعمل على تدريب موظفيها بحسب متطلباتها، كما تقوم بتدريب مجموعات أخرى من غير موظفيها فكيف توازن الجامعة بين كل تلك الأمور؟ أم انها تسير بلا بوصلة؟

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1473 - الأحد 17 سبتمبر 2006م الموافق 23 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً